التراجيديا الانتحارية .. ودولة فلسطين
فهد موسى جابر
يقول مراقبون أن اسرائيل لم تعد الحليف الوحيد لأمريكا وأن امريكا عادت الى المنطقة وبقوة .وانه على الرغم من وصول الحاملات ووصول المبعوثين الأمريكان لإسرائيل، تبدو اسرائيل مربكة في اتخاذ قرار دخول غزه. والأهم أنه ولأوّل مرة هناك وزير في الحكومة الإسرائيلية مخصص لشؤون العلاقات الأمريكية- الاسرائيلية .
وقد طفى على السطح أخبار غير مؤكدة عن وجود تباينات في حركة “حماس” بين القيادة العسكرية والقيادة السياسية الخائفة من الملاحقة العالمية وهي تضغط لإطلاق المعتقلين المدنيين والاحتفاظ بالعسكريين، لتخفيف حدة التوتر قليلا وإفساحا في المجال أمام الاطراف الضاغطة للبدء بالكلام عن الحلول المطروحة وبطليعتها العودة لحل الدولتين بجدية والتزام. وبالانتطار تبدو صورة الدمار والجرائم التي ترتبها آلة القتل الصهيونية هي الابرز. وبإنتظار تطور الاحداث اللافت اليوم في ١٦/١٠/٢٠٢٣ بروز تغييرات في بعض المواقف وصدور تصريحات عن جو بايدن نفسه بضرورة ان يكون هناك مسار يودي لقيام دولة فلسطينية كما اعلنت وزيرة الخارجية الفرنسية الامر نفسه في لقائها مع نظيرها المصري،عندما قالت ان قيام دولة فلسطينية بات أمرا ضروريا .
وكان بايدن قد وجه كلامه لاسرائيل، محذرا من اجتياح غزة واعتبره خطأً كبيرا وقال وزير خارجيته أنطوني بلينكن انه يتوجب ان تصل الامور الى تحقيق دولة للفلسطينيين ولكن ليس عبر “حماس” .
وكان محمود عباس قد اكد ان فلسطين لديها شرعيتها الدولية وهي عضو مراقب في الامم المتخدة تحت اسم دولة فلسطين بعد اعتراف الامم المتحدة منذ عقود بمنظمة التحرير الفلسطينية والتي جمعت وتجمع كل الاطياف الفلسطينية والمنظمات في اطار تمثيلي واحد، لم تشذ عنه سوى حركة “حماس” التي حاولت القضاء على مظمة التحرير ولم تعترف بشرعية تمثيلها وحاولت فرض رؤيتها على كل الاطياف الفلسطينية وصبغت الصراع مع اسرائيل بالصبغة الدينية البحتة وطرحت رؤى تصب في ازلية الصراع بين الاسلام والدين اليهودي وكان هذا عامل تشويه لحقيقة الصراع هذا.
ومنذ ايام تكلم الوزير اللبناني السابق وليد جنبلاط عن هذا الأمر في مقابلة متلفزة، نصح خلالها الفلسطينيين بالابتعاد عن تصوير الصراع بأنه ديني وحض على ان يكون الخطاب الفلسطيني على لا مشروعية الاحتلال الاسرائيلي وان الفلسطينيين شعب أرضه محتلة ومحجوزة حريته وان مقاومته مشروعة وتتفق مع شرعة حقوق الانسان المعترف فيها دولياً .
من الملاحظ ان الأحداث تتسارع، وقد رشح ان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لم يتحمس للإجتماع ببلينكن، بسبب تصريحاته في اسرائيل وبأنه أتى ايضا كيهودي، فطار الي الإمارات واجتمع مع بن زايد الذي علي ما يبدو تواصل مع بن سلمان لترتيب اللقاء، وفي السعودية جدد بن سلمان موقف المملكة بأنه لا تطبيع ولا مباحثات في ظل تهديدات اسرائيل بتدمير غزة و ترحيل سكانها .
وابلغه بأن منظمة الدول الإسلاميه ستجتمع لاعلان موقف وبحضور ايران وروسيا وهذه امور قد تقلب الموازين وعلى الامريكان ان يلتزموا بحل الدولتين كمخرج حقيقي للصراع الدائر …
في مصر سمع كلاما أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يشبه التهديد بأنه لن يكون هناك اي استقرار في المنطقه ولأمد طويل اذا لم يتم انهاٱ الاحتلال والبدء بحل يضمن قيام دولة فلسطينية مستقله .فجاء سريعا تصريح الناطق الاقليمي في الخارجية الأمريكية على قناة الحدث حوالي العاشرة من مساء اليوم السبت 15/10 /2023 بأن حل الدولتين هو الأفضل للشعبين وان حاملات الطائرات هي لمنع التصعيد في الحرب مع التأكيد على حماية المدنيين.
قد يتلمس المراقب أن الامريكان بدأوا يستوعبون المسألة وقد تكلم بلينكن عن حقوق للفلسطينيين ولكن ليس عبر حماس .وهذا بحد ذاته منحى جديد او مستجد، لايجاد مخارج جدية تجنب المنطقة والعالم تحديات كارثية.
المهم الآن انقاذ الشعب الفلسطيني في غزة والكف عن التراجيديا الانتحارية والانتقال الى السياسة التي لا بد ان تكون مقبولة في الشارع الفلسطيني وليس اقل من دولة للفلسطينيبن تنهي ضياعهم التاريخي بين الدول التي لم تعطهم دولة يوم كان ذلك ميسّرا .
ماذا سيفعل المتضررون من قيام دولة واولهم اليمين الاسرائيلي الفاشي وحلفائه وثانيهم وثالثهم سوف يظهران تبعا لمجريات الاحداث و تطوراتها.