قضية فلسطين .. وخطر أسلمة الصراع
فهد موسى جابر
يوماً بعد يوم تتوضح اعماق المؤامرة التي يتعرض لها الشعبين الفلسطيني واللبناني، فالاول يتلقى الاف الاطنان من القذائف المختلفة وتصدر بيانات و فيديوات رنانات وطنانات عن حركتي الجهاد وحماس ،عن تصديهما لآلية هنا او هدفٍ هناك او قنص جندي او كمين لمجموعة وهي لا شك اعمال يقوم بها ابطال نذروا انفسهم للتصدي لألة القتل تلك، و لكن هم في واد و القرار الحمساوي في واد آخر .
فحساب الربح والخسارة بنظر الحمساويين ومن وراءهم من الممانعة، يربط انتصاره بعدد الايام التي يواجه فيها العدو ، و لا يربطها بحجم الدمار وحجم الضحايا و الخسائر المادية و المعنوية التي لحقت بقضية الشعب الفلسطيني عموما وشبة العزلة الدولية التي وضعوا فيها قضيتهم التي استحوذت عليها المجموعات الاسلامية الراديكالية نتيجة دعم خفي من اسرائيل نفسها لٱختلاق عدو متطرف بأيديولوجية دينية بحته بتخطيط من دوائر مخابرات متعددة تبدأ من ال “السي اي اي”، و تنتهي بمخابرات قطر و ايران و انكلترا و باقي الغرب الاستعماري الذي يريد ان يستعيد دوره الكولونيالي المباشر بالهيمنة والتحكم . كل ذلك و كما قلنا سابقا شكل مفترق تقاطع لمصالح تقاربت لمنع قيام اي كيان حقيقي مستقل للفلسطينيين و لانهاء دور منظمة التحرير بصفتها الممثلة الشرعية المعترف بها دوليا و التي جنحت نحو الحلول اللاعنفية و لجأت الى المقاومة المدنية البحتة بالحجر و الهتاف . مما احرج اسرائيل وجعل معظم الدول بما فيها الدول الغربية ان تكون ايجابية مع قضية الشعب الفلسطيني كل هذا استدعى تظهير تلك القوة المتأسلمة لشيطنة النضال المشروع للشعب الفلسطيني عموما .
و بالمقارنة بين ما تقوم به اسرائيل الان من قتل وتدمير مقصود لغزة ، تستنسخ فيه تجربة الممانعة السورية – الايرانية في تدمير المدن السورية و تهجير ١٢ مليون سوري بين الداخل و الخارج مما ادى الى افقار لبنان وسوريا وتدمير اليمن وافتعال صراع مع السعودية تحت عنوان احتلال مكة المكرمة ،وتستنسخ اسرائيل تجربتهم بحذافيرها لتهجير ٢.٢ مليون من غزة الى سيناء وتفلت الزمام للمستوطنيين للضغط على فلسطينيي ال٤٨ لدفعهم نحو المغادرة إلى خارج اسرائيل ولالغاء جنسيتهم الاسرائيلية وانجاح مشروع نتنياهو لاعلان يهودية دولة اسرائيل ، وهو ما دفع سكان الضفة الغربية للهجرة و النزوح نحو الاردن .
لقد لجأت قوى الممانعة وبتعليمات مباشرة لجمهورها المضلل، لشن حملة على الدور العربي الذي تضطلع به المملكة السعودية مع مصر و الاردن دول الخليج والكويت و آخرين ،هذا الدور الذي يرفض سياسة التهجير القسري ليكون النكبة الثانية للشعب الفلسطيني و التي تضغط بما لها ثقل اقتصادي و تأثير على المجتمع الدولي لأحياء موضوع اقامة دولة للفلسطينيين بحدود معترف بها ،مما جعل موضوع حل الدولتين يعود الى الواجهة علنيا و بقوة عبر تصريحات صدرت عن امريكا و فرنسا و بريطانيا و الصين وروسيا ولاحقا صدور موقف خجول عن حماس يشير لحل الدولتين دون تحديد انه مرتبط بالعودة لحدود الرابع من حزيران ٦٧ .
و بقيت الابواق المتآمرة على الشعب الفلسطيني تذم بالعرب و بدول العرب و لا تأتي على ذكر ايران و أذرعها كحزب الله و الحشد العراقي و الحوثيين و غيرهم .
وقد انفضح موقف هذه الممانعة المتخاذلة و المتآمرة بعد خطاب حسن نصر الله الاخير و التفافه على تهديداته القديمة لاسرائيل و الاكتفاء بتنظيم التراشق اليومي المنضبط و ما يجري تحت الطاولات من تطمينات للكيان الصهيوني عبر قطر وغيرها بعدم توسيع دوائر الصراع الا شكليا كما حصل مع مسيّرات الحوثيين التي ارسلوها فقصفت في طابا المصرية .
إن ما يجري في جنوب لبنان و منطقة شبعا – كفرشوبا ،شبّهه البعض بلعبة طاولة البينغ بونغ التي تعمل ليلا نهارا بإنتظار تهجير اهالي غزة وفرض امر واقع جديد . حيث ان الدول العربية كلها غير قادرة على فعل شئ امام كل هذه الحشود الاطلسية التي انتظمت وراء اسوأ فاشية عرفها التاريخ وهي الصهيونية التلمودية التي لاقاها المتأسلمون من فنادق بريطانيا ، وتحول صراعنا مع الصهيونية من صراع على حقوقنا وحقوق الشعب الفلسطيني بأرضه و وطنه الى صراع ديني بحت سيستمر الى يوم القيامة بلا افق .
و.هذا ما خططت له دوائر المستفيدين من اسلمة الصراع مع اليهود وليس مع الصهيونية الاستيطانية ، تقاطعت المصالح الاقليمية لأيران و تركيا مع خطط اسرائيل التوسعية، إذ ستتحول الى دولة فصل عنصري يُمْني بعضهم نفسه بمناطق سيطرة تشكل حصته من المؤامرة المنسوجة ضد الدول العربية التي تحاول على قدر امكاناتها ان تواجه هذه المؤامرة التكوينية الخطيرة وبدل ان نساعدها يقوم البعض و ربما عن تسرّع بالهجوم عليها و تخوينها متتبعين الدوائر الاقليمية و المخابراتية التي تخطط و تنشر الاكاذيب لتشويه كل ما هو عربي .
Visited 28 times, 1 visit(s) today