الهدنة المؤقتة
حسين عطايا
في اليوم التاسع واربعون للحرب على غزة ، وبعد جهد ومخاضٍ طويل من الاتصالات والمفاوضات ، تم التوصل مساء الاربعاء في الثاني والعشرين من نوفمبر الشهر الجاري تم التوصل لهدنة لمدة اربعة ايام قابلة للتجديد وصفقة تبادل للأسرى والرهائن خمسون إمرأة وطفل في يد حماس والمقاومة ومئة وخمسون من السجون والمعتقلات الصهيونية .
تحدث الكثيرون عن شروط الهدنة وموعدها وما يتطلبه الامر لنجاحها ، ولكن جوهر الهدنة وما تضمنته من صفقة تبادل للأسرى والرهائن لدى كل من الكيان الاسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية في غزة ، هو الاساس والهدف الابرز في هذه الاتفاقية .
في بداية الحرب وضعت الحكومة الاسرائيلية اهدافاً كُبرى لتحقيقها منها :
ــــ القضاء على حماس والمقاومة في غزة .
ـــ استعادة الاسرى والرهائن بالقوة وتحريرهم من قِبل حماس وبقية الفصائل .
ــــ جعل قطاع غزة منطقة خالية من السلاح .
اليوم وبعد ان استمرت الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة في يومها التاسع والاربعون، لم يتم تحقيق اي من تلك الشروط التي حددتها الحكومة الاسرائيلية ، لا بل اضطرت صاغرة للمفاوضات مع حماس ممثلة فصائل المقاومة ، عبر الوسطاء في قطر ومصر وبرعاية وضمانة امريكية .
وهذا ما ادى الى التوصل لهذه الاتفاقية من صفقة تبادل وهدنة لمدة اربعة ايام قابلة للتجديد ، ويُعوِل الوسطاء والضامنين وعلى رأسهم الولايات المتحدة ان تكون هذه التهدئة بداية لمرحلة جديدة يستطيع فيها الوسطاء ان يعملوا على التوصل لايقاف نهائي لهذه الحرب لعدة عوامل ابرزها :
ان الرئيس جو بايدن يتعرض لضغوطات كبيرة من الرأي العام الامريكي لدعمه المتواصل ومن دون حدود لاسرائيل ، وهذا ما يتعرض له ايضاً من داخل حزبه الديمقراطي ، وبالتالي في هذا الوقت يُريد الانتهاء من هذه الحرب للتفرغ لحملته الانتخابية ، لانه لايملك ترف الوقت في مقابل ما يصدر من نتائج استطلاعات الرأي والتي تتطرق لمستوى انحفاض نسبة التأييد له ، وهذا الامر يدعو إدارته للتفرغ الى الحملة الانتخابية بعد ان يضع حداً للحرب على غزة ، خصوصاً ما قامت به القوات الاسرائيلية من حرب إبادة ومجازر بحق الشعب الفلسطيني في غزة ادى الى التبدل الكبير في الرأي العام الامريكي .
كما ان الحكومة الاسرائيلية تسعى لتحرير كافة الاسرى نتيجة الضغوط التي تتعرض لها من قِبَل اهالي الرهائن والاسرى .
كذلك ، ما يشغل بال الحكومة الاسرائيلية انخفاض نسبة التأييد لها من الحكومات الغربية نتيجة تغير مناخ الرأي العام في تلك الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية وهذا الامر يفرض ضغوطاً عالية على القيادات العسكرية والسياسية في الكيان الاسرائيلي ، خصوصاً ان الحرب على غزة لم تستطع ان تحقق اي من الاهداف التي وضعتها في يومها الاول للحرب .
والاهم في هذه التهدئة وكل ما يُرافقها من تطورات خصوصاً ان الامر لم يقتصر فقط على الجبهة الجنوبية للكيان الاسرائيلي على حدود قطاع غزة ، بل يشمل الامر الجبهة الشمالية ، اي على الحدود الفاصلة ما بين فلسطين المحتلة وجنوب لبنان ، حيث ووفقاً لتصريحات رسمية لبنانية وخصوصاً من الرئيس نبيه بري وعلاقته بحزب الله ، وهذا مايشيع بعض التهدئة على جبهة جنوب لبنان .
الدروس والعِبر من الحرب هلى غزة وكل مارافقها ، ان القيادات الصهيونية عسكريةً كانت ام سياسية يجب ان تعلم ان الحرب لايمكن ان تولد سلاماً للكيان الاسرائيلي، بل الحرب تولد حروب جديدة ولا يُمكن ان تعطي الاسرائيليين سلاماً واماناً ، لذا عليهم ان يرضخوا لصوت العقل وهنا الدور على الرأي العام الاسرائيلي ان يدفع بالحكومة اليمينية المتطرفة برئاسة نتنياهو واستبدالها بحكومة معتدلين للسعي للسلام ، خصوصاً ان الحكومة اليمينية المتطرفة هي من كانت بالفعل الدافع لفصائل المقاومة الفلسطينية بالقيام بعملية السابع من اوكتوبر وجر المنطقة الى حرب حقيقية ، وبالتالي خسائرها لم تتوقف على الفلسطينيين وحدهم بل إسرائيل تدفع الثمن الكبير نتيجة خسائره العسكرية والاقتصادية .
Visited 13 times, 1 visit(s) today