طوفان الاقصى يطرح الحلول ويبعد التنفيذ
أحمد مطر
منذ عملية طوفان الاقصى يكثر الحديث الإعلامي عن اليوم التالي لتوقف القتال في حمى سياسية وإعلامية حول الحلول الأمنية والسياسية للقضية الفلسطينية وللعلاقة الفلسطينية الإسرائيلية، التي يفترض أن تعقب هذه الحرب. فيما الوقائع تشير إلى غياب أي أسس عملية لأي من الأفكار التي غلب التداول الاعلامي على البحث الجدي باحتمالاتها في غرف القرار السياسي الدولي والإقليمي .
ما دامت المعارك هي التي تحدد مسار المفاوضات المعلنة والمكتومة في قطاع غزة، امتداداً إلى لبنان وجبهته الجنوبية، وصولاً إلى الممرات المائية في البحر الأحمر، ومضيق هرمز، وحدود التقاطع العربي والإسلامي، مع الشرق الأقصى، ومصالحه المرصودة في حسابات بنوك أهداف الحرب الدائرة في الشرق الأوسط ، ما دام الأمر على هذا النحو، فالأنظار متجهة حكماً إلى طبيعة الأهداف المرسومة، والتي يعاد النظر فيها على أرض الميدان، من قِبل مجلس الحرب في إسرائيل، الذي بدأ ضمن نوايا معلنة، وأخرى مستترة وخبيثة، كاقتلاع حركة حماس من جذورها، أو توجيه ضربات لها، وأخذها إلى الاستسلام .
المعارك الدائرة، على ضراوتها، ووحشية دولة العدوان، هي معارك غير مسبوقة منذ قرن كامل، لا في الحروب العربية ، الإسرائيلية، المعروفة منذ العام 1948، وما قبلها مع بدايات ظهور البذور الأولى لمشروع الحركة الصهيونية العالمية باستيطان فلسطين، تحت شعارات مريضة كمثل المزاعم أن فلسطين هي أرض لشعب بلا أرض .
ومع بروز الايديولوجيا الجهادية، على مستوى المنطقة التي ترعاها ايران، تيقنت إسرائيل أن لا إمكانية للتعايش مع الإسلام الجهادي المسلح، وأعلنت الحرب التي لا هوادة فيها على حماس وسائر فصائل المقاومة ومضت بتوعد القوة الاسلامية الأخرى المسلحة حزب الله، بتحويل لبنان بعاصمته وضاحيته وجنوبه، وسائر بقاعه إلى أرض محروقة، على نحو ما يحصل الآن في غزة والقطاع .
هدف المعركة لم يعد إذاً، تحرير الأسرى الإسرائيليين أو الأجانب الذين هم في عهدة حماس، على الرغم من سريان مفعول الهدنة الانسانية لمدة اربعة ايام مع اصرار اسرائيل عل عدم السماح للفلسطينيين التوجه من الجنوب الى الشمال المسموح لمن تبقى في الشمال التوجه الى الجنوب .
الكلمة للميدان، ومع تفاقم مخاطر الحرب المستمر على غزة المدينة والقطاع والمخيمات، تزايدت المخاوف من اتساع دائرة الحرب، لتشمل الجبهة اللبنانية، مع اعلان اليمن أنها قررت ضرب السفن المشتبه بنقلها بضائع أو وقود أو خلاف ذلك إلى إسرائيل .
باكر حزب الله باستئناف ضرباته لجيش الاحتلال ومواقعه في النقاط الساخنة التقليدية، مما دفع بالمراقبين لربط هذا التصعيد بتردي الأوضاع في غزة، وتزايد المخاطر هناك، في ضوء سياسة ترحيل البشر وتهديم الحجر، والسعي لإخلاء المستشفيات من المرضى والمصابين، ونقلهم إلى مستشفيات على سفن عائمة في عرض البحر.
تتخذ المواجهات الجارية على أرض المعارك المرعبة، والتي يستخدم فيها أعتى الطائرات والدبابات المطورة والمسيرات والمدافع والقذائف غير المستخدمة قبل ذلك، أبعاداً استراتيجية، لن تكتفي برسم خرائط دول المنطقة لسنوات، بل من شأن نتائجها أن تتحكم بطبيعة النظام الدولي، وأساسياته، ونظامه على امتداد جغرافيا المنطقة، لا سيما الإسلام السياسي.
والعبرة، هنا، إلى مصير المواجهة العسكرية بشتى أدواتها وأشكالها مع الإسلام السياسي المسلح من باب المندب إلى شواطئ لبنان الشرقية، بما في ذلك شواطئ سوريا .
بدأ طوفان الأقصى بهدف قلب الطاولة وفهمت غزوة حماس لدى حصولها بأنها ترجمة للخطاب العسكري الإيراني السائد والمتصاعد فلسطينياً منذ الاعلان عن وحدة الساحات، ولم يكن التضامن الأميركي الهائل مع إسرائيل مفاجئاً لكن حجم التفاعل الإيراني كان محبطاً لدى الذين أمضوا زمناً وهم يسمعون مفردات وحدة الساحات وغرف العمليات المشتركة.
مع تصاعد الرد الإسرائيلي في غزة وأثمانه المرتفعة كان مستوى هذا الإحباط يزداد، إلى أن بات حالة سائدة مع بدء الاجتياح البري الإسرائيلي الذي اعتبره الراعي الإيراني سابقاً خطاً أحمر لن يسمح بتجاوزه.
أما لبنان، فمستقبل أوضاعه، ليس رهن بما يجري في غزة أو حسب، بل بكل ما هو مطروح على طاولة ما بعد الحرب .
Visited 8 times, 1 visit(s) today