هل من رابط إيديولوجي ديني بين الأزمة الأوكرانية وما يجري في فلسطين

هل من رابط إيديولوجي ديني بين الأزمة الأوكرانية وما يجري في فلسطين

د. زياد منصور

          تتزايد أعداد الدراسات والمقالات المتناقضة حول وجود ارتباط تشعبي بين ما يجري من حرب على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، وبين ما يجري في أوكرانيا، وصولاً إلى وضع تصورات أو تكهنات حول زوال فكرة الدولة الفلسطينية وإلغاء مفاعيل كل الاتفاقيات التي جرى التوقيع عليها بعد أوسلو أو اتفاقية أو معاهدة أوسلو، أو أوسلو (1)، والمعروفة رسمياً باسم إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي…

    فيما يبشر البعض بزوال دولة إسرائيل لما سمي بالبيت اليهودي قبل 126 عاما، والذي تقرر وضع حجر الأساس له في المؤتمر الصهيوني الأول في سويسرا “ليصبح ملجأ للشعب اليهودي”. وهو ما ورد في وعد بلفور عام 1917، عندما قررت الإمبراطورية البريطانية إنشاء، كما قيل، “وطن قومي للشعب اليهودي” في فلسطين. وهذا هو هدفهم الأساسي.

   يستند أصحاب الرأي الثاني إلى هنري كيسنجر الذي كان أول من تحدث بجدية عن زوال الكيان الصهيوني، وهو من تنبأ بتدمير إسرائيل في السنوات القادمة.

   ورغم انَّ السياسة لا تعتمد فقط على التنبؤات، لأن الذي يجري هو لعبة جيوسياسية معقدة ومثيرة للاهتمام ولها أهداف بعيدة المدى. وبالتالي من الجدير عدم الأخذ بتوقعات كيسنجر أو غيره من علماء السياسة الذين ينظرون إلى المستقبل وفقًا لما يقال عن وجود خطط لإعادة تنظيم العالم، وتحديدًا الشرق الأوسط الكبير الجديد بحدوده الدموية “. وفكرة الحدود الدموية تنبع أصلاً من منطق واقعي لأنه لسوء الحظ، من المستحيل تغيير التكوين الجيوسياسي في المنطقة من خلال قرارات دبلوماسية – فقط بل من خلال سيل جارف من الدماء.

  من هذا المنطلق يبدو الربط بين حقيقة ما يجري من أحداث في غزة اليوم وما يحدث في أوكرانيا أمر طبيعي تمامًا. فهذان هما جزءان من خطة واحدة كبيرة. إن النقطة هنا ليست في أن إسرائيل القديمة ستزول   وأن “القدس السماوية” الجديدة، كما يكتبون في الغرب، “ستظهر” في المناطق الجنوبية من أوكرانيا وشبه جزيرة القرم، والتي من المفترض أن تصبح بديلاً لإسرائيل.

   من المهم هنا الإشارة إلى نقطة محورية، وهي أنَّ السياسة العالمية لا تعتمد فقط على العوامل الاقتصادية والاجتماعية بقدر ما تعتمد أيضًا على العوامل الدينية. ولا يمكن تجاهل هذه العوامل عند تحليل الوضع في قطاع غزة والعمليات العسكرية الإسرائيلية ضد السكان الفلسطينيين في غزة، بل يتم زج السكان الفلسطينيين في عدد من مناطق الضفة الغربية في دوامة العنف على الرغم من عدم وجود سبب لذلك، إذ لا توجد هناك حماس أو الجهاد الإسلامي أو أي هياكل فلسطينية أخرى.

   وبعيدًا عن سياق العمليات العسكرية والخطط الإسرائيلية، فإن الصراع في الشرق الأوسط يرتبط ارتباطًا مباشرًا بالصراع الأوكراني. في هذا السياق ينظر العديد من السياسيين الإسرائيليين وفي الغرب إلى أن العمليات العسكرية في أوكرانيا هي تنفيذ لخطة معينة. هذه الخطة كان من بين حلقاتها الانقلاب في أوكرانيا عام 2014 وإطاحة يانوكوفيتش. وحتى ما قبل توليه الرئاسة كان أيضاً بمثابة استفزاز كبير، إذ عندما يصبح عنصر ما مشتبه بارتباطه الإجرامي رئيساً للدولة، فمن الأسهل عزله. لذلك فإن الحلقات السابقة للخطة تعود إلى فترات بعد، فإمامنا خطة عميقة موضوعة بإحكام وفق ما يزعمون.

   وتعتبر أوكرانيا عاملاً مهمًا في إعادة تشكُّل العالم المعاصر، والذي يعتمد على ما سيكون عليه مصير القدس، والمسجد الأقصى في جبل الهيكل – وهو ثالث المقدسات في الإسلام، وكذلك بناء الهيكل اليهودي الثالث – هيكل سليمان. هذا بالتأكيد موضوع ديني. وهذا الموضوع يبدو اليوم محور كل الأحداث الجارية.

   إنه ميكانيزم محرك ليس فقط لمنطقة الشرق الأوسط، ولكن أيضا لبلدان آسيا الوسطى — أفغانستان وباكستان، وهو ميكانيزم يستحوذ على كل من الهند والقارة الأفريقية. بمعنى هناك حركة عالمية للصفائح التكتونية التي بني عليها العالم الحديث بسبب نتائج الحرب العالمية الثانية. فالأمم المتحدة، بهيكلها الإداري الذي لدينا اليوم، وصلاحيات مجلس الأمن، وقرارات ووظائف الجمعية العامة، والأمين العام، والهياكل الدولية التي تشكل منظومة الأمم المتحدة كل هذا يخضع الآن لإعادة الهيكلة بل للتدمير.

   هناك حرب لاإنسانية تجري في فلسطين، ويتم تدمير المؤسسات الطبية والمدارس، بما في ذلك المؤسسات الدولية وتلك التابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى — الأونروا. حيث أن أكثر من 100 من موظفي الأمم المتحدة لقوا حتفهم بالفعل، كل هذا يؤكد فشل مؤسسات عالم ما بعد الحرب الثانية، الذي قد تنشأ على أنقاضه هياكل وأحلاف جديدة كان من المستحيل تصورها منذ أشهر قليلة. لذلك، على الرغم من كل جهود الدبلوماسية المكوكية للغرب، والذي يكاد ديبلوماسييه لا يغادرون الشرق الأوسط، ويظهرون أسبوعيًّا في إسرائيل وفي الضفة، ثم في دمشق، ثم في بغداد، ثم في دول الخليج الفارسي، بزعم رغبتهم في وقف هجوم الجيش الإسرائيلي على غزة. دون شك فإن كل هذا المجهود لا يمكن الوثوق به، بل هو عبار عن سيناريو مسرحي، لا يمكن تصديقه لسبب واحد بسيط: وهو أنه لم يتم الكشف رسمياً حتى الآن عما وراء مشروع «صفقة القرن». هذه الخطة المعدَّة للتسوية في الشرق الأوسط تبنتها الإدارة الأمريكية الحالية وتعمل عليها العديد من الدول

   دون شك يبقى السؤال المطروح سؤال قابل للحياة، وهو: كيف استطاعت أجهزة المخابرات الإسرائيلية أن تنام خلال هجوم حماس؟ دون شك فالجميع في ذهول !

   لقد تبين أن أجهزة المخابرات الأمريكية والبريطانية كانت نائمة أيضًا خلال بداية العملية، على الرغم من أن الأجهزة الاستخبارية هذه قد أمطرت الأراضي الفلسطينية بعملائها لدرجة أنهم ربما كان باستطاعتهم قراءة أحلام القيادة الفلسطينية. على هذا شكك البعض فيما جرى، وذهب إلى حد القول بأن هذا هناك سيناريو قد تم إعداده لغزو حماس الناجح والمجهز جيدًا للأراضي الإسرائيلية

   لقد أتيحت لهم الفرصة لإطلاق النار على مهرجان لموسيقى الروك، كما لو أنَّ هذا الحفل كان قد أقيم “بالصدفة”، على الحدود مع قطاع غزة. يذكر أن هناك أدلة على أن الفلسطينيين ليسوا هم من أطلق النار مركباتهم الرباعية الدفع وقذائف آر بي جي على أكتافهم، بل أن من أطلق النار من الأعلى على السيارات والمحتفلين هم مروحيات كانت قد حلقت فوق الموقع المذكور، في حين أطلق مقاتلو حماس النار فقط على عناصر الجيش الذي كانوا يحرسون المهرجان. من الواضح تماما أن كل ما جرى هو أمر مخطط له جيدا.

   ويبدو الاستنتاج الذي يقول أنَّ خطة صفقة القرن تحتاج إلى تبرير، وحصل ذلك منذ أن أصبح واضحا أنه لن يكون من الممكن طرد الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء بلا دماء، تم تنظيم حمام الدم هذا لإضفاء الشرعية على العملية العسكرية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي اليوم. لقد راهنوا على أن المجتمع الدولي سيتعامل مع ما يجري بتعاطف، لكن ذلك لم ينجح. لأنه في عصر الإنترنت، من الصعب إخفاء شيء ما. لقد أيقن البعض أنَّ ما جرى كان مجرد مسرحية، ومهمتها هي واحدة- تنفيذ الخطة الموضوعة. وهي لا تهدف بأي حال من الأحوال إلى تدمير إسرائيل. على العكس من ذلك، فإن هدفها تعزيز موقع الكيان.

   للتذكير في ربيع عام 2001، أقنع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك والرئيس الأمريكي بيل كلينتون الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات بالتوقيع على ورقة تسمح بإعادة ترميم المسجد الأقصى، والهدف هو وضع أساس قوي تحت المسجد، ورفعه إلى ارتفاع معين من الأرض حتى يكون من الممكن بناء معبد يهودي ثالث. هنا بالضبط عقدة كل شيء!

   على هذا فإن ما يثير الدهشة هو عدم رؤية البعد الديني لما يجري. إضافة إلى ذلك أين، على سبيل المثال، سوف تجد دولاً علمانية بحتة بين الدول الإسلامية؟ إن العالم الإسلامي بأكمله تقريباً مبني على مبادئ دينية. يشكل القرآن الأساس لمعظم الدساتير في آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط. في إسرائيل، تم استبدال الدستور بالعهد القديم والتوراة، أي الكتب الدينية.

   وفي المقابل، لنتذكر ما صرح به قادة الغرب خلال غزو العراق، حيث أعلنوا جهاراً: «لقد بَدأْنا الحرب على العراق بعد أن استشارة الله!» والمعروف قرب البعض منهم من الكنيسة. وقام آخرون لاحقًا بإشعال الشموع هناك، ولذلك نرى أنَّ بعض المحللين والمؤرخين، وليس عبثًا يرون في أنَّ الكنيسة الإنجيلية هي اليهودية في المسيحية، لذلك فهي تشترك تماماً في مفهوم الشرق الأوسط الكبير الجديد، وفكرة إعمار المسجد الأقصى، وبناء الهيكل الثالث، وبناء القدس الجديدة في أوكرانيا.  لذلك، الآن على أراضي جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفياتية السابقة، لا يواجه الروس الأوكران، فالشعب الأوكراني لم ينفصل ثقافة وفكرًا ووجدانًا عن تاريخه المرتبط بروسيا منذ زمن بوغدان خميلينسكي والتحالف الأبدي مع روسيا عام 1667، بموجب اتفاقيات بيرياسلافل رادا التي قضت بضم أوكرانيا إلى روسيا، ثمَّ بموجب معاهدة أندروسوفسكيا السلميَّة 1667 بين روسيا والكومنولث (بولندا وليتوانيا)، والتي ورثت روسيا بموجبها أراضي سمولينسك وتشيرنيغوف والضَّفَّة اليسرى لأوكرانيا، وتمَّ اعتبار أراضي زابوروجييه تحت الحماية الروسيَّة البولنديَّة المشتركة. تمَّ إعلان كييف وأراضيها حيازة مؤقتة لروسيا، ثم وفق «السلام الأبدي» في 16 أيار 1686 أصبحت من ضمن أراضيها بشكل نهائي”. على هذا الأساس يذهب البعض إلى أن ما يجري هو مواجهة خطة عالمية لإعادة هيكلة العالم. يتم إلقاء الجنود الأوكرانيين ا فيما يسمى بالهجوم المضاد على الأراضي التي أصبحت جزءًا من روسيا وفقًا لقرار السكان في الاستفتاء الأخير، وهؤلاء الجنود الأوكرانيون، الذين يموتون بعشرات الآلاف، يحررون أوكرانيا بالفعل من أنفسهم من أجل هذه “القدس الجديدة”. هم يحشرون في عقول هؤلاء الشُّبان فكرة أنهم يقاتلون إرهاب بوتين، ومعه روسيا والإمبراطورية ـ لكن يقوم على خلط عجيب بين أفكار النازية والقومية والصهيونية، الأمر الذي أدى إلى عودة ظهور البانديرية الجديدة* التي تسود في أوكرانيا اليوم.

   تجدر الإشارة إلى أنَّ العلاقة بين إسرائيل وقيادة بانديرا الجديدة في أوكرانيا أصبحت الآن أكثر وضوحا. حتى أن زيلينسكي طلب أن يتم استقباله في القدس كدليل على دعم إسرائيل في الحرب ضد الفلسطينيين في غزة. لكن نتنياهو امتنع عن مثل هذه الدعوة. ولعل السبب في ذلك إن زيلينسكي ببساطة لا يفهم أن طلبه هذا لا يتناسب مع الخطط التي تم وضعها قبل فترة طويلة من وصوله إلى السلطة في أوكرانيا.

   وفقًا لخطة “صفقة القرن”، هناك الآن مرحلة يقوم فيها كل ُّ من الفلسطينيين والإسرائيليين بتقسيم مناطق النفوذ، وهنا يمكن لأي كان أن يظهر تعاطفه مع أحدهما ضد الآخر، وهذا ما يشهده العالم بأسره على خلفية موجات الدعم والتأييد لكلا الطرفين، وفقًا للمصالح في أوروبا وفي شتى أنحاء العالم.  مع الإشارة إلى كثرة الكلام، وليس هناك دخان من دون نار عن أنه من المفترض أن يتم نقل ما بين خمسة إلى ستة ملايين شخص من إسرائيل إلى أوكرانيا.

   يذكر أن هناك أكثر من عشرة ملايين إسرائيلي يعيشون في الكيان، أمَّا أولئك الذين سيبقون سيحملون السلاح في أيديهم للتوصل إلى حل للمهمة الرئيسية – تعزيز حدود إسرائيل الجديدة من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط، ومن الحدود مع مصر إلى الحدود مع لبنان.

   من الواضح أن خطة بناء الهيكل الثالث يتم السعي لتنفيذها باستمرار، ومجزرة غزة ضرورية لتطهير الأرض من الفلسطينيين الذين يتدخلون لمنع تنفيذها، مع توقع المنفذين أن أن تختبئ الدول الإسلامية والعربية تحت مقعد من الخوف. على أنه لكن في التاريخ، يمكن أن تتحقق دائمًا العديد من الخطط في وقت واحد. وبالتالي هل يمكن الافتراض أن هناك مركزاً لصنع القرار يعمل على تطور الأحداث المختلفة في الشرق الأوسط؟ فهل هذا هو السبب الذي يجعل منظمة تعتمد على الولايات المتحدة مثل الأمم المتحدة تبدأ فجأة في انتقاد إسرائيل بشدة، حيث يدلي غوتيريس بتصريحات حول الوضع القائم لم يكن من الممكن تصورها قبل عام واحد فقط. وكذا منظمات حقوق الإنسان، التي كانت تغض الطرف عن أي جرائم للجيش الإسرائيلي من قبل، بدأت فجأة في اتهام الجيش الإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب. وما إلى ذلك وهلم جرا. والسؤال على تخلت هذه المنظمات فجأة عن التبعية العالمية؟ أم أن هناك سيناريو آخر مختلفاً قد بدأ يتحقق؟

   عمليًّا هناك دائما العديد من الخطط.  لذلك يتحدث الكثير من الناس عن الصراع بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، أو حتى داخل بريطانيا نفسها، داخل أجهزة المخابرات الدولية، عن مشاحنات بين ممثلي عائلتي روكفلر وروتشيلد، وكذلك داخل هذه العائلتين نفسها. الخ. وهذا الأمر موجود منذ قرون، مع أنَّ لكن هناك اتجاهات أساسية تتحكم في العالم وراء الكواليس، ومن بين هذه الخطط الكواليسية ترميم الهيكل الثالث فيما بينها. هناك آراء مختلفة حول هذا فيما يتعلق بتفاصيله. على سبيل المثال، يعتقد البعض أن هذا المعبد يجب أن ينزل من السماء، ولا يبنيه الناس، ولا داعي لمحاربة المسلمين ومحاصرة المسجد الأقصى، وهذا الاتجاه الإيديولوجي مؤثر تماما، لكنني يمكن أن نحيله إلى محاولة تشتت انتباه الجمهور.

   ولنأخذ نفس المشروع الأوكراني. إذ يقول بعض السياسيين الإسرائيليين إن دنيبروبيتروفسك، حيث يقع أكبر كنيس يهودي في العالم، هي العاصمة السياسية لإسرائيل الجديدة، وعاصمتها الثقافية هي أوديسا. وقد تجاوز هذا الرأي بالفعل نطاق المناقشة الداخلية، ويناقش على نطاق واسع للغاية. وليس من قبيل الصدفة أنهم يكتبون عن زيلينسكي، أو شميغال دنيز أناطوليفيتش*، أو ريزنيكوف ألكسي يوريفيتش ** المتقاعد حديثًا، الذين يحملون جواز سفر إسرائيلي.

   يمكن الإشارة كيف أنه بعد قرار المؤتمر اليهودي العالمي في عام 1917 بشأن الحاجة إلى إنشاء دولة إسرائيل المستقلة، كان هناك نقاش عن مكان وجودها. وهذا يعني أن حقيقة الرغبة في وضع إسرائيل في فلسطين كانت غير واضحة في عدد كبير من الخيارات. بالمناسبة، في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، قاموا أيضًا بإنشاء منطقة الحكم الذاتي اليهودية في بيروبيدجان. واليوم يمكن سماع رأي، يقول، دعونا ننقل الجميع من إسرائيل إلى بيروبيدجان وننشئ منطقة يهودية حقيقية هناك.

   ولكن على الرغم من كل الخيارات العديدة، فإنه لا توجد سوى خطة واحدة – وهذه هي “صفقة القرن” التي ناقشها نتنياهو وترامب وكوشنر.. وهي تفترض إبادة جماعية كاملة للسكان الفلسطينيين، وطردهم من أراضيهم. ويمككن مقارنة هذه الخطة بالهجوم الذي تم تنفيذه عام 1948 في فلسطين بهدف طرد الفلسطينيين من أكبر قدر ممكن من أراضيهم. وهذه هي مجزرة دير ياسين، عندما تم ذبح 254 من سكان قرية فلسطينية في ليلة واحدة على يد مسلحين صهاينة من جماعتي الإرغون وليهي شبه العسكريتين، وهي منظمات إرهابية أنشئت في تلك السنوات لهذا الغرض بالتحديد. واليوم، يتعرض السكان المدنيون في غزة، الذين لا علاقة لهم بحماس، للتدمير بلا رحمة. والهدف واحد: تخويف الناس وإجبارهم على الفرار إلى مصر والأردن، وبالتالي تطهير الأراضي الفلسطينية.

   وللتأكيد على كل ذلك علينا دائمًا مراقبة ومتابعة مواقف الخبراء حول هذا الموضوع بعناية، والاستماع آراء متخصصين جيدين جدًا، لكنهم لا يفهمون أو لا يريدون أن يفهموا ما يحدث في غزة، في فلسطين، وما هي أهداف إسرائيل النهائية في هذه المنطقة. هذا ليس تدميرا، ولكن تعزيز مواقف إسرائيل وإنشاء ما يمكن أن نسميه مطار احتياطي على أراضي أوكرانيا، حيث يوجد مناخ رائع، وأراضي رائعة، وموارد رائعة – الغاز الصخري والمعادن النادرة والفحم. والقمح، الحقول الذهبية لمنطقة الأرض السوداء – هذا ما يجري القتال من أجله. هنا تم تحديد الهدف، تم حل مهمة إنشاء قاعدة خلفية في أوكرانيا وطليعة متقدمة تشارك في بناء المعبد – وليس في دنيبروبيتروفسك، وليس في أوغندا، وليس في بيروبيدجان، ولكن في القدس. وليس من قبيل الصدفة أن عرفات، قال إن كل مشاكل الشرق الأوسط يمكن حلها من خلال المفاوضات السياسية، باستثناء مشكلة واحدة: المسجد الأقصى والهيكل الثالث. هذا هو السؤال المركزي.

_____________________________________________________________________

* – البانديرية، تعود إلى اسم ستيبان بانديرا، ولد في 1 كانون الأول1909 وتوفي في 15 تشرين الأول 1959، هو سياسي أوكراني وقائد من قيادات الحركة الوطنية في أوكرانيا. كان زعيماً لمنظمة القوميين الأوكرانيين، وهي منظمة قومية أنشئت في النصف الأول من القرن العشرين وقاتلت في البداية البولنديين ثم تحالفت مع النازية وهتلر ضد الاتحاد السوفياتي، وقامت بقتل مئات الجنود السوفيات وتم حظرها ابان الحكم السوفياتي وكانت تسعى لاستقلال أوكرانيا.

* – دنيز أناطوليفيتش شميغال مواليد 15 تشرين الأول1975، في مدينة لفوف، جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفياتية، اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية. هو رجل دولة وسياسي ومهندس واقتصادي أوكراني. رئيس وزراء أوكرانيا منذ 4 آذار2020. مرشح العلوم الاقتصادية 2003. رئيس إدارة الدولة الإقليمية في إيفانو فرانكيفسك ابتداءً من 1 أب 2019 إلى 5 شباط 2020. نائب رئيس وزراء أوكرانيا- وزير المجتمع والتنمية الإقليمية، بدءًا من 4 شباط إلى 4 آذار2020.

** -أليكسي يوريوفيتش ريزنيكوف. ولد في 18 حزيران 1966 هو محام وسياسي أوكراني شغل منصب وزير الدفاع في أوكرانيا من 4 تشرين الثاني 2021 حتى إقالته في 5 سبتمبر، أيلول 2023. خدم ريزنيكوف سابقا في عدة مناصب أخرى في حكومة أوكرانيا; نائب رئيس الوزراء، وزير إعادة دمج الأراضي المحتلة مؤقتا في أوكرانيا، نائب رئيس إدارة حكومة مدينة كييف من 2016 إلى 2018، ونائب رئيس بلدية-سكرتير مجلس مدينة كييف من يونيو، حزيران 2014 إلى ديسمبر،  كانون الأول 2015.

 

Visited 3 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. زياد منصور

أستاذ جامعي وباحث في التاريخ الروسي