عدو جديد يواجه الجيش الإسرائيلي في غزة!

عدو جديد يواجه الجيش الإسرائيلي في غزة!

سمير سكاف

       يدرك لاعبو الشطرنج أنه وعلى الرغم من التفوق الساحق في الميدان، يمكن للمتفوق أن يخسر “على الوقت”! وإسرائيل بدأت تخسر “على الوقت”! فهي تخضع لعامل الوقت وتحتاج إلى نصر “ما” في أسابيع، أو حتى في أشهر قليلة! خسارة “على الوقت”، على الرغم من تفوقها بكثافة نيرانها وبطلعاتها الجوية التدميرية، وخاصة بقتلها حوإلى 25.000 من أهل غزة، أكثر من نصفهم من الأطفال! فعنصر “الوقت” أصبح العدو الضاغط الجديد على الجيش الإسرائيلي كما على الحكومة الإسرائيلية!

إن حقيقة الميدان تؤكد أنه يستحيل، على ما يبدو، على إسرائيل اقتلاع حماس في الإطار الزماني الضيق، أي في بضعة أسابيع، أو حتى في بضعة أشهر. وذلك، حتى بعد احتلال قطاع غزة بالكامل، الذي يحتاج بدوره إلى أشهر عديدة أيضاً! فبالإضافة إلى قادة الداخل في حماس هناك قادة الخارج! هذا إذا ما بقيت إسرائيل تحاول احتلال القطاع بالكامل، وإذا ما بقي عندها قادة حماس الداخليين في الداخل!

لم تحقق إسرائيل أي نصر بعد! لا عسكري ولا سياسي! وفي صعوبة تحقيق انتصار عسكري في أشهر، فإن إسرائيل ستسعى من دون شك إلى محاولة تسجيل “انتصار سياسي”! وهي تحتاج بذلك إلى السلطة الفلسطينية، التي يمكنها أن تحقق نصراً سياسياً بدورها، إذا ما نجحت “بقطف” حل الدولتين الآن! فالمخرج السياسي هو الأسهل على إسرائيل، على الرغم من رفض بنيامين نتانياهو وبن غفير وغيره له، مخرج و”انتصار” سيترافق بهالة إعلامية دولية تحوّل الأنظار عن فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها العسكرية في “الرمال المتحركة” في أنفاق غزة! أما السيناريو الآخر فهو محاولة تحقيق نصر سياسي – عسكري في لبنان بإبعاد حزب الله إلى ما وراء الليطاني تطبيقاً للقرار 1701! وعلى الرغم من قوة حزب الله الصاروخية، إلا أنه لن يكون على الجيش الإسرائيلي أن يضيع في متاهة أنفاق أخرى! فهو لا يحتاج إلى دخول بري لاحتلال الجنوب! بل يمكنه أن يعتمد فقط على كثافة نيرانه التدميرية وعلى طلعاته الجوية، وعلى تحرك ديبلوماسي أممي – أميركي – أوروبي – عربي لتحقيق الهدف المنشود! ومن الطبيعي أن يرد حزب الله على النار بالنار بكل قدراته العسكرية والصاروخية!

إسرائيل، التي تترنح سياسياً، على الرغم من الدعم الدولي لاستمرار الحرب بهدف “التخلص من ارهابيي حماس”، تواجه تراجعاً في رأي عام دولي يصعب عليه تحمل فاتورة عدّاد القتلى في غزة! هذا في حين أن بنيامين نتانياهو “الواقف” في “كوما سياسية”، ويتنفس بفضل نيران الحرب، يدرك أنه قد انتهى في السياسة وأنه سيخضع لمحاسبة شرسة في الداخل الإسرائيلي بعدما فشل في الحفاظ على السلم وعلى الأمن وعلى الثقة بالدولة والجيش، وحتى بالمحافظة على الاقتصاد! حكومة إسرائيل، التي فقدت مصداقيتها في كل مكان، تدين بالبقاء للفيتوهات الأميركية في مجلس الأمن ولدعم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ولتفاني الوزير أنطوني بلينكن! هذا في حين أن إسرائيل قد تفاجأت مرتين عسكرياً في شهرين فقط! المفاجأة الأولى كانت في نجاح حماس الهائل في 7 أكتوبر. أما المفاجأة الثانية فهي في حجم وفعالية الأنفاق! وهما عنصران يعكسان الفشل الاستخباري في الأساس للموساد، ويقصّران بعمر حكومة نتانياهو، التي من غير المستبعد أن تتهاوى قبل نهاية الحرب، على غير العادة خلال الحروب الإسرائيلية! 

لن تقف الحرب على غزة إلا “بانتصار” إسرائيلي “نوعي”، مجهول الوجه حالياً! وذلك، مع غياب أي احتمال لتحقيق أي انتصار … “على الوقت”!

Visited 10 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

سمير سكاف

صحافي وكاتب لبناني