عن المناعة المزعومة للنظام الإيراني
حسين عابديني
منذ أواخر عام 2022، وحتى يومنا هذا، يجد المتابع لما يصدر عن قادة النظام الايراني عموما وخامنئي خصوصا، من تصريحات ومواقف، حرصا ملفتا للنظر على إظهار قوة ومناعة وإقتدار النظام ومن إنه قد تجاوز کل أنواع الخطر والتهديد وصار أمرا واقعا بل وحتى إن البعض من مسٶولي النظام قد أطلق للسانه العنان فصار يعتبر إن النظام قد تجاوز وتخطى مرحلة البلدان النامية وصار قوة عظمى!
من حديثنا في البداية، يتبين واضحا جدا الحرص على إظهار قوة ومناعة النظام الإيراني من قبل القادة والمسٶولين، ويتم الترکيز عليه وحتى تهويله، کما يبدو جليا عند إجراء مراجعة مايصدر في وسائل إعلام النظام، ومن حق البعض أن يتساءل؛ لماذا هذا الترکيز على قوة ومناعة النظام، وبشکل خاص ينحصر وبصورة واضحة جدا، في الفترة الزمنية بين أواخر عام 2022، ولحد الان؟ والسؤال الأهم والأکثر ضرورة من ذلك، هو: هل حقا إن النظام الإيراني قد أصبح منيعا وتجاوز مرحلة الخطر؟
قوة ومناعة أي نظام سياسي تقاس وتقارن بأوضاعه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفکرية، وبمدى ثبات أمنه واستقراره، فهل النظام الإيراني قد تمکن أن يجعل من أوضاعه المذکورة بالمستوى المطلوب، ولانقول المثالي؟ هل التجربة السياسية لهذا النظام، المبني على أساس نظرية ولاية الفقيه، قد وصلت إلى درجة ومرحلة الکمال النسبي، وحصلت على شهادة النجاح، من تجربة عمرها 44 عاما؟ قطعا، فإنه لو تمت مقارنة وقياس مزاعم قادة النظام ومسؤوليه بما يتم لمسه واستشفافه على أرض الواقع، فإن الفرق شاسع جدا، کالفرق بين البعوضة والبقرة!
مزاعم القوة والمناعة، وإن النظام قد بلغ مرحلة تجاوز فيها الخطر، أو حتى کما يزعم بعضهم بأن النظام قد بلغ مرحلة الاکتفاء الذاتي، فإنه برأينا ليس بأمر جديد أو طارئ على النظام، بل وحتى إنه استمرار لما قد ألف ودأب عليه هذا النظام، من ممارسة الکذب والخداع والتمويه، وذلك من أجل التغطية على رداءة أوضاعه وعلى التهديدات والأخطار التي تحدق به، وإن مزاعم القوة والمناعة التي تزامنت مع دخول الانتفاضة الوطنية الإيرانية شهرها الثالث في عام2022، واستمرت بعد ذلك بصورة غير عادية، إنما دل على مدى التأثير والتداعيات الفعالة المختلفة التي ترکتها هذه الانتفاضة على مختلف أوضاعه، ومن إنها قد أصبحت بمثابة تهديد وجودي ضده.
ترکيز قادة النظام ومسؤوليه على قوة النظام ومناعته، وتکرار ذلك بصورة صارت تدعو للملل والسأم، يأتي لأنهم يعلمون بأن الانتفاضة الوطنية الإيرانية، التي اندلعت في 16 سبتمبر 2022، قد أکدت ثلاثة أمور أرعبت النظام وأجبرته على أن يراجع حساباته ويعمل ما بوسعه من أجل مواجهة ذلك، وهذه الأمور الثلاثة هي:
ـ الرفض الشعبي للنظام صار أمرا واقعا، ولم يعد هناك من مجال أمام النظام لامتصاصه أو تغييره أو إنهائه.
ـ الرفض الشعبي هذا ليس عشوائيا، وإنما هو منظم. ولئن کان النظام يسعى وبصورة مثيرة للشفقة، إلى الزعم بأن بلدان خارجية ولاسيما إسرائيل والولايات المتحدة وراء ذلك، لکن صار العالم کله يعرف بأن منظمة “مجاهدي خلق” من کانت ولازالت وراء تنظيم وتوجيه الرفض الشعبي ضد النظام.
ـ هذا النظام قد بلغ سن اليأس ووصل إلى مرحلة نفاذ الصلاحية ولم يعد صالحا للاستخدام!