الأردن وسيناريو الضربات الموجعة في سوريا

الأردن وسيناريو الضربات الموجعة في سوريا

خالد العزي

    بعد فشل سيناريو الحوار الدبلوماسي مع دمشق، الأردن  يتجه للحلول العسكرية،  كما تشير صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” الروسية، في مقالها الصادر بتاريخ 10 يناير -كانون الثاني يناير 2024، تحت عنوان : “الجيران الجنوبيون يزيدون الضغط العسكري على دمشق”.

مما لاشك فيه بأن الأردن بدأ  بتنفيذ سيناريو عسكري تقوم القوات الجوية الأردنية باستخدامه في محاربة المهربين الذين يحاولون خرق الحدود الدولية باتجاها من سورية، حيث نفذت الطائرات الأردنية أربع ضربات على الأراضي السورية في 9 يناير – كانون الثاني. وكانت هذه هي المداهمة الثانية خلال أسبوع ضد تجار المخدرات المحليين، الذين يحاولون استخدام أراضي المملكة الهاشمية كمركز عبور لهم.

لا تعمل عمّان على تشديد نهجها العسكري في التعامل مع المشكلة التي تطرحها الدولة المجاورة لها فحسب، بل أيضاً في خطابها: حيث يتهم المسؤولون الأردنيون علناً دمشق الرسمية بالتورط في التجارة غير المشروعة. وفي الوقت نفسه، تتزايد الضغوط على الساحة السورية من جانب إسرائيل، التي توقفت، كما يشتكي المسلحون، عن احترام “قواعد اللعبة” القديمة.

وكانت الغارة الجوية التي نفذتها عمان في 9 يناير-  كانون الثاني، سبقتها ضربات في محافظة السويداء السورية، تم خلالها تدمير قصر أحد كبار تجار المخدرات. خلال الأيام القليلة الماضية، قصفت الطائرات الأردنية ما لا يقل عن خمس بلدات سورية، يشتبه الأردن في تورطها في توزيع المواد غير المشروعة. وأسفرت الغارات الجوية الإحدى عشرة عن مقتل 10 أشخاص، بينهم امرأة. وقتل خمسة آخرون، واعتقل 13 خلال اشتباكات برية.

ولا تخفي السلطات الأردنية شكواها ضد دمشق الرسمية، زاعمة أن المهربين، الذين حاولوا في السنوات الأخيرة اختراق الحدود بأي ثمن، تمكنوا من تحسين مهاراتهم بفضل “التدريب العسكري” الكامل.

مؤخراً، أوضح الممثل الرسمي للقوات المسلحة الملكية، العميد مصطفى الخياري، أن المتاجرين بالمواد المحظورة يمكن أن يخضعوا لتدريبات خاصة من الجيش النظامي السوري أو مدربين إيرانيين. والآن، بحسب القائد العسكري، أصبح لدى المهربين معرفة أكبر بكيفية التصرف أثناء الاشتباكات المسلحة مع حرس الحدود.

وتأكيداً على الطبيعة المنظمة لهذه الأعمال، فقد رفضت الفرضية التي تم تداولها سابقاً بأن مسؤولية تدريب المهربين تقع فقط على عاتق القوات شبه العسكرية الموالية لإيران، والتي قاتلت إلى جانب الحكومة المركزية خلال الحرب الأهلية السورية. وشدد المتحدث باسم الجيش الأردني على أن التنسيق بين مجموعات المجرمين ومعداتهم يشمل أكثر من مجرد مساعدة الجماعات الشيعية.

وفي ديسمبر- كانون الأول 2023، اضطرت عمان إلى اتخاذ إجراءات طارئة لمنع محاولة الاختراق التي قام بها حوالي 200 رجل مسلح. ولم يكن الغزو البري هو الأول في السنوات الأخيرة، لكنه كان ملحوظا بحجمه ووجود أسلحة قوية بين المهربين: حيث تم في وقت لاحق الاستيلاء على ألغام مضادة للأفراد ومتفجرات وقاذفات صواريخ.

وفي أكتوبر – تشرين الاول من العام الماضي، أفادت القوات المسلحة الملكية أنها أرسلت طلبًا إلى الولايات المتحدة لتزويدها بأنظمة صواريخ باتريوت المضادة للطائرات لحماية الحدود، لأن أمنها تعرض أيضًا للخطر بسبب الطائرات بدون طيار، التي غالبًا ما تستخدم في التهريب.

ويتزامن نهج عمان المتشدد تجاه الساحة المجاورة مع قيام إسرائيل بشن حملة غير مسبوقة لتوسيع ضرباتها القاتلة في سوريا. والآن أصبح هدف الغارات ليس فقط البنية التحتية للمسلحين الموالين لايران ، بل أنفسهم أيضًا.

ونقلت رويترز عن قائد عسكري لم تذكر اسمه مقرب من حزب الله قوله إن إسرائيل تخلت عن “قواعد اللعبة” غير المعلنة التي تدعو إلى توجيه ضربات حذرة ومستهدفة.

وأوضح القائد، واصفاً الغارات الإسرائيلية قبل بدء الحرب الشاملة: “لقد اعتادوا إطلاق طلقات تحذيرية: كانوا يطلقون النار بالقرب من الشاحنة، ويخرج منها رجالنا، ثم يطلقون النار على الشاحنة نفسها”، واصفاً الغارات الإسرائيلية قبل بدء الحرب الشاملة. في قطاع غزة. و الأن  اصبحت في جميع الأنحاء. حيث تقوم إسرائيل الآن بشن غارات جوية أكثر فتكا ومتكررة ضد طرق إمداد الأسلحة والدفاع الجوي الإيرانية في سوريا. إنهم يقصفون الجميع بشكل مباشر. إنهم يقصفون من أجل القتل”.

لقد بدأت إسرائيل في ضرب أهداف يشتبه بأنها مرتبطة بإيران في سوريا منذ سنوات، لكن مصادر مطلعة على تفاصيل تلك العمليات تقول إن الدولة العبرية تجنبت في الماضي قتل أعضاء حزب الله كلما أمكن ذلك.

والآن يشعر اللاعبون الإقليميون بالقلق من أن العدد الكبير من الخسائر بين أعضاء الفرع السوري لحزب الله سوف يستلزم إجراءات انتقامية من قبل الجناح اللبناني لهذه المجموعة، القادر على تكثيف الهجمات على المستوطنات الإسرائيلية الواقعة على الحدود.

وبحسب صحيفة “القدس العربي”، وفي إطار تطبيع العلاقات بين دمشق والعواصم العربية، استقبل وزير الخارجية وكان وزير الخارجية  الأردنية أيمن الصفدي قد أجرى محادثات مع مسؤولين في دمشق في الماضي، الأمر الذي مهد في نهاية المطاف الطريق للتنسيق الاستخباراتي العسكري. لكن على الرغم من أن عمان حاولت أن تنقل إلى جارتها قلقها بشأن مشكلة تهريب المخدرات، إلا أن اللقاءات لم تؤد إلى تغييرات ملموسة “على الأرض”، كما يشير ممثلو الأوساط السياسية الأردنية.

وفي المقابل كتب عالم السياسة السوري المستقل كرم شعار في مدونته الصغيرة: “يبدو أن الأردن فقد كل أمل في أن يتخذ نظام الأسد إجراءات حقيقية ضد موردي الكبتاغون”، في إشارة إلى المخدرات الاصطناعية التي غالباً ما يجدها حرس الحدود في الشحنات التي يتم ضبطها على الحدود السورية. . . وأضاف: “لم تقم المملكة بمثل هذه العمليات الجريئة على الأراضي السورية منذ تشكيل البلدين”. وبشكل منفصل، يضيف الشعار أن دمشق الرسمية، التي يُعتقد عمومًا أنها تستفيد من تهريب المخدرات في المنطقة، من غير المرجح أن “تطلق النار على قدمها وتحرم نظامها من مثل هذا المصدر المهم للدخل والنفوذ السياسي”.

Visited 2 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. خالد العزي

أستاذ جامعي وباحث لبناني