فضيحة جيرار دوبارديوه: الجنس في زمن الحراسة والمراقبة الذاتية
كاركاسون- المعطي قبال
ثمة من يعتبره وحش السينما الفرنسية المقدس، ثمة من ينظر له كسلعة بائخة باع نفسه في آخر مشواره السينمائي الردء لروسيا وكوريا الشمالية مقابل تحويلات سمينة على حسابه البنكي!
المهم استأثرت فضائح جيرار دوبارديوه بالإعلام بشتى أطيافه، حيث خصصت الافتتاحيات والملفات للممثل الذي أدى أدوارا في 200 فيلم وعمل إلى جانب كبار المخرجين.. ويعرف الرجل على منصات التصوير برشقه البذيء للمثلين والمخرجين وكلامه السوقي. وفي كتابه “في مكان آخر” أشار : “أحيانا أنا بريء وأحيانا أخرى فأنا وحش”. لما اندلعت فضيحة اغتصاباته التي تعدى خلالها على 13 امرأة، سقط كالثور لتخرج سكاكين الإعلاميين، الذين كالوا له بالأمس مديحا وإطنابا لإنجازاته. وخصصت للحدث ملفات ومقالات هي بحجم ما عرفته فضيحة دوينيك ستروي كان. على القناة الثانية عرى تحقيق بالوثائق والشهادات التجاوزات والاهانات التي تتعرض لها الممثلات التي تودي ادوارا ثانوية إلى جانبه. كما خصصت صحيفة لوموند ولييراسيون ولوبس لوبوان، وبقية الأسبوعيات واليومية، إما ملفات وإما أوراق قادحة ومنددة بالسلوك المهين والمشين في حق النساء. كما تلاحقت العرائض بين مساند ومندد ليتدخل لتوقيعها فنانون وافدون من مجال الموسيقى، الرسم، التلفيزيون مع كتاب السيناريو والتقنيين. وقد نشبت معارك لفظية بين الطرفين.
بل وحتى ماكرون أدلى بدلوه في الفضيحة لما أعلن على القناة الخامسة أن “جييرار دو بارديوه ممثل عظيم، وأنه يرمز إلى فخر فرنسا”، في الوقت الذي كان من المفروض أن يبقى رئيس الدولة على حياده.
أصبحت هذه القضية مرآة ثقيلة وصقيلة على ما هي عليه حال وأحوال فرنسا، التي لا يمر يوم إلا وتندلع فيه فضيحة جنسية في ميدان السينما أو باقي الميادين الأخرى. وآخر هذه الفضائح هي التي عصفت بالمخرج السينمائي بونوا جاكو، الذي عاشر ممثلة أدت دورا في فيلمه وهي دون الخامسة عشرة من عمرها.
الجنس نظيرا للباثولوجيا، مرض طفولي وعلامة من علامات الانهيار الفرنسي: ذاك ما يمكن أن ننعت به فرنسا اليوم. من جهة هناك حراسة مشددة من طرف النسويات على الحركات والسكنات للرجال، من جهة أخرى هناك إما كبت وإما مراقبة ذاتية للرجال على ما قد يتفوهون به من اقوال. إنه الجنس في زمن الحراسة والمراقبة الذاتية.
Visited 24 times, 1 visit(s) today