هل تنجح وساطة منيب في حلحلة أزمة التعليم؟

هل تنجح وساطة منيب في حلحلة أزمة التعليم؟

إسماعيل طاهري

الدكتورة نبيلة منيب في جلسة مع قياديين من التنسيقيات التعليمية. هل الأمر يتعلق بوساطة؟

معلومات مؤكدة تفيد أن البرلمانية نبيلة منيب تقود فعلا وساطة لإلغاء التوقيفات التي طالت نحو 500  أستاذ من مختلف المديريات الإقليمية للتعليم على الصعيد الوطني.

وتفيد تقارير مؤكدة أن الأمر يتعلق بلقاء تشاوري لنبيلة منيب مع التنسيقيات بمقر مجلس النواب عقدت مساء الثلاثاء 9  يناير.

إلى ذلك أفادت صفحة التنسيق الوطني لقطاع التعليم، أن النائبة البرلمانية نبيلة منيب وضعت طلبا لدى رئيس مجلس النواب للتنظيم يوم دراسي حول أزمة التعليم، وذلك يوم الجمعة المقبل (12 يناير 2024) في الساعة الثالثة بعد الزوال.. وقد تم قبول الطلب. وتضم لائحة لائحة المشاركين وزارة التربية الوطنية، التنسيقيات.

كما وجهت البرلمانية نفسها يوم الاثنين 08 يناير سؤالين لوزير التربية الوطنية، الأول يخص التعليم الأولي والثاني يهم أزمة التعليم المتواصلة.

وكانت نبيلة منيب، نائب الأمين العام  للحزب الاشتراكي الموحد، انتقدت مؤخرا صمت البرلمان المغربي عن أزمة التعليم، رغم مرور أسابيع كثيرة على احتجاج الأساتذة. وكتبت على صفحتها بالفايسبوك أن “نواب الأمة في البرلمان لم يستطيعوا أن يعقدوا جلسة عمومية واحدة، من أجل مناقشة الوضع الذي تعيشه المدرسة العمومية، بعد الإضراب المشروع الذي يخوضه رجال ونساء التعليم بمعية تنسيقياتهم الوطنية. 

وأضافت أن البرلمان المغربي “حقا برلمان خارج الوضع الشعبي. إنه يؤكد أنه غرفة تسجيل وليس فاعلا في أحداث الوطن”. وأضافت أن “البرلمان المغربي غير مستقل عن السلطة التنفيذية وتابع لها.

وكان المجلس الوطني للحزب الاشتراكي الموحد قد عبر خلال اجتماعه الأول يوم الأحد 7يناير، عن دعمه وانخراطه في حراك الشغيلة التعليمية بكل فئاتها.

وطالب في بيان له “الجهات الحكومية بالتدخل العاجل لوقف حالة الاحتقان الذي تعرفه الساحة التعلمية، عبر تحقيق كافة مطالب نساء ورجال التعليم”.  وندد بيان المجلس “بالمقاربة التي انتهجتها الوزارة الوصية على القطاع، بمباركة من الحكومة في حق المدرسات والمدرسين، عبر تعميم اقتطاعات لا قانونية وتوقيفات تعسفية وكيدية من أجل كسر نضالاتهم”.

البيان ذاته حمل الدولة المغربية مسؤولية الأزمة المركبة، التي تعرفها المدرسة والوظيفة العموميتين. وطالب بضرورة إصلاح شامل للتعليم، تكون مرتكزاته المجانية والتوحيد وتكافؤ الفرص والجودة… وهو ما لا يمكن أن يتأتى، حسب المصدر ذاته،  إلا بتأسيس “جبهة وطنية ديمقراطية تقدمية للدفاع عن المدرسة والجامعة العموميتين”.

إلى ذلك أشارت صفحة الفيسبوك للتنسيقية الموحدة لهيئة التدريس وأطر الدعم بالمغرب إلى تلقي مسؤولي التنسيقية، طيلة يومي الاثنين والثلاثاء، اتصالات مكثفة من كل الأحزاب الفاعلة والهيئات الحقوقية، بخصوص رغبة وزارة التربية الوطنية في حل نهائي للمشكل، يقضي بإلغاء جميع التوقيفات وتوقيف الاقتطاعات مع إمكانية إجراء تعديلات على النظام الأساسي.

وكانت النائب البرلمانية ريم شباط طالبت وزير التربية الوطنية، خلال جلسة الأسئلة الشفوية لمجلس المستشارين، المنعقدة الاثنين الماضي، بفتح حوار مع التنسيقيات المتحكمة في الميدان. كما طالبت النائب البرلمانية مليكة الزخنيني، عضو الفريق الاشتراكي (المعارضة الاتحادية) بمجلس النواب، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، بتقديم استقالته من الحكومة، وطلب إعفائه، بسبب ما تعيشه المنظومة التربوية من احتقان غير مسبوق.

وقالت النائب البرلمانية الزخنيني: ”أننا أمام كارثة وطنية وأزمة حقيقية والحكومة عاجزة عن تحمل مسؤوليتها، ولا تمتلك الجرأة والشجاعة”.

وندد برلمانيون بموجة توقيف عشرات الأساتذة عن العمل وإيقاف أجورهم. وطالبوا بإرجاع الأموال المقتطعة من الأجور الهزيلة لرجال ونساء التعليم، الذين مارسوا حقهم الدستوري في الإضراب.

في السياق ذاته دعا حزب التقدم والاشتراكية الحكومة إلى عدم صب الزيت على النار ، عبر العقوبات التأديبية في حق الأساتذة المضربين، متهما الحكومة بسوء التقدير السياسي. ودعا بيان لمكتبه السياسي، إلى تلبية نداء الوطنية والمواطَنَة، مناشدا كافة نساء ورجال التعليم، من أجل استئناف الدراسة وإعطاء الأولوية لإنقاذ الموسم الدراسي لملايين بنات وأبناء الشعب المغربي من شبح “سنة بيضاء”.

إلى ذلك أصدرت شبكة “تقاطع” للدفاع عن الحقوق الشغلية بيانا تضامنيا مع نساء ورجال التعليم في مسيرتهم النضالية، وأدانت الشبكة بشدة الحكومة المغربية على كافة الإجراءات التعسفية والظالمة والقمعية التي تقوم بها ضدهم”.

كما أصدرت شبيبة حزب النهج الديمقراطي العمالي بيانا يساند معركة الحراك التعليمي.

وفي سياق مختلف لازالت التهديدات تطال الأساتذة المضربين من طرف المديريات بعد موجة التوقيفات. واستمرار التلويح بتطبيق مسطرة ترك الوظيفة، وهو ما حمل التنسيقيات الثلاث إلى الدعوة إلى إضراب ليوم واحد يوم الثلاثاء 9 يناير، يليه يوم عمل يوم الأربعاء، وإضراب ليوم ثان يوم الجمعة 12 يناير، لقطع الطريق على الوزارة.

كما دخلت وزارة الداخلية على الخط، وجندت بعض المقدمين للتضييق على الأساتذة في المؤسسات التي يشتغلون فيها، كما حدث في مديرية طنجة أصيلة.

يذكر أن الأساتذة والأستاذات نظموا وقفات أمام المحاكم احتجاجا على محاكمة 14 من الأساتذة، التي جرت يوم الثلاثاء 9 يناير.

وتزامنت هذه الوقفات مع الإضراب الذي تخوضه التنسيقيات الثلاث يومي الثلاثاء والجمعة القادم، تنديدا بتوقيف عشرات الأساتذة عن العمل ووقف أجورهم. كما يأتي هذا الإضراب في سياق الحراك التعليمي، الذي يهدف إلى إسقاط النظام الأساسي، والذي انطلق في 5 أكتوبر،  بعد انفراد وزارة التربية الوطنية بإصدار مرسوم نظام أساسي لموظفيها، وصف من طرف المدرسين بـ”نظام المآسي”.

ويبدو أن تحرك أصوات سياسيين لدعم حراك التعليم قد يدفع في اتجاه حلحلة ملف إضراب المدرسين، الذي تجاوز 35 يوم عمل موزعة على ثلاث شهور.

وهذا التحرك زاد من عزلة الحكومة، وحملها على البحث عن تسويات وقبولها لوساطات سياسيين، لتخرج من عنق الزجاجة التي وضعت نفسها فيه. صحيح أن قراراتها الزجرية خففت قليلا من حدة الإضراب وتراجع نسب المشاركة فيه. ولكنه تراجع لم يتجاوز  15 إلى  20%.

ويبقى السؤال الآن، هل تنجح وساطة البرلمان في وضع حد لهذه الأزمة غير المسبوقة في تاريخ المغرب منذ الاستقلال؟؟

Visited 17 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

اسماعيل طاهري

كاتب وباحث من المغرب