في سباق مع الزمن على وقع الموفدين والعمليات العسكرية
حسين عطايا
ثمة سباق مع الزمن في شرق المتوسط، ما بين العمليات العسكرية، التي تمتد من قطاع غزة وصولاً إلى باب المندب على مدخل البحر الأحمر، وامتداداً إلى مايجري في بلاد الرافدين وعاصمتها بغداد، من عمليات قصف واغتيال، وهي تأتي على وقع تعدد وتسارع زيارات الموفدين المتعددي الجنسية، من مختلف دول القارة العجوز والولايات المتحدة، لإيجاد مخارج لما تشهده منطقة الشرق الأوسط من أزمات، تُرخي بثقلها على الوضع الدولي اقتصادياً وسياسياً، وما ينتج عنها من حالات عدم استقرار في مناطق واسعة من الكرة الأرضية.
ففي الوقت التي تتسارع فيه اأحداث بهذه المنطفة من العالم، ما بين العمليات العسكرية، والمستمرة منذ السابع من أكتوبر من العام الماضي، على إثر عملية المقاومة الفلسطينية انطلاقاً من قطاع غزة، يجري بذل الكثير من الجهد الأمني والدبلوماسي، لوضع حد لهذه المذبحة بحق الشعب الفلسطيني، وما ينتج عنها من حروبٍ متنقلة عمت أغلب الساحات على مستوى المنطقة، لذلك تتسارع زيارات الموفدين لإيجاد الحلول التي تُجنب المنطقة المزيد من حروب ومن أنهار الدم، التي تجري دون رادع، مما فضح ما يسمى بالمجتمع الدولي ومعاييره، التي يٌكيل بها بواسطة أكثر من مكيال، ففي الحرب الروسيمة على أوكرانيا استنفر المجتمع الدولي، أما في الحرب الاسرائيلية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، فلازال نفس المجتمع الدولي يُقدم الفرص لإسرائيل، لتحقق بعض مما فقدته في السابع من أكتوبر، ولازالت الولايات المتحدة نفسها، والتي تلعب دور الوسيط عبر موفديها للمنطقة، وخصوصاً بعد زيارة وزير خارجيتها الخامسة، هي نفسها لازالت تُعطي المهل للالة الحربية الصهيونية لتدمير وقتل ما تبقى في قطاع غزة، دون الالتفات لما يُسمى قانون دولي وإنساني، لا بل يقف دورها عند توجيه بعض الانتقادات والنصائح لحكومة العدو.
كل هذا يأتي على وقع مايجري من سباق للوقت مع سعي بعض الوسطاء للتوصل لهدنة، قد تُفضي لوقف الحرب على غزة عبر مراحل متعددة، بعضهم يقول ثلاثة مراحل وبعضهم أقل أو أكثر، وفي الوقت التي سلمت فصائل المقاومة في غزة الرد على اتفاق الإطار، الذي توصل إليه اللقاء الرباعي في باريس منذ أسبوعين، تجري حكومة العدو حالياً عملية درس لرد المقاومة أمنياً عبر الموساد وعبر الكابينات وحكومة الحرب، وقد زار وزير الخارجية الأمريكي والتقى بنيامين نتنياهو محاولاً الضغط عليه وعلى حكومته، ولكن يظهر أن الأسلوب المستعمل لازال ركيكاً، لدرجة لم يؤت مفعوله بعد.
أما على الجبهة الجنوبية اللبنانية، يظهر مما يتسرب من معلومات أن الحلول بدأت تُعطي مفعولها من دون إعلان وإعلام، فحزب الله سحب “قوات الرضوان” التابعة له مسافة تصل لحدود ثمانية كيلومترات عن الحدود، وبالتوازي سحب الجيش الإسرائيلي قواته الفعلية مسافة ليست بقليلة أيضاً، واقتصر الوجود على قوات الاحتياط من المنقطة الشمالية لفلسطين المحتلة، والانتظار الآن لوقف العمليات في قطاع غزة، ليُعلن عن البدء في تنفيذ ما هو متفقٌ عليه في الغرف المغلقة، وما قام به الوسطاء بين إسرائيل وحزب الله بواسطة الحكومة اللبنانية، ولاقى قبولاً ورِضاً من الطرفين، ومنذ فترة يجري ترتيب تشكيل أفواج من الجيش اللبناني بما يوازي اثني عشر ألف ضابط وجندي لتستلم المنطقة الحدودية بالتعاون مع قوات اليونيفل، على أن تكون وفقاً لما نُقل عن الوسطاء، أن تكون المنطقة خالية من السلاح في القرى والبلدات الجنوبية المتاخمة للحدود مع فلسطين المحتلة. مما يُساهم في عودة النازحين من أبناء المناطق الحدودية على طرفي الحدود، وبذلك تكون الجبهة اللبنانية المشاغلة قد وجدت الحلول لها.على أن تُستكمل في انسحاب واعتراف إسرائيل بلبنانية النقاط المختلف عليها، وتبقى قضية مزارع شبعا وتلال كفر شوبا لتجد حلولاً لها عبر الأمم المتحدة في مرحلة ليست ببعيدة.
إذن المنطقة تغلي على وقع أزمات وحروب وقتل ودمار، وقد تبدأ الحلول لها قريباً على وقع ضربات في العراق وسوريا للجماعات والمليشيات القريبة والتابعة لإيران، لكي ينتهي فيما بعد من رسم الخطوط العريضة للمنطقة في المديين المتوسط والمنظور، خصوصاً فيما يجري الحديث عنه بموضوع “حل الدولتين” ومحاولة إنهاء الأزمة الفلسطينية، عبر إعطاء الشعب الفلسطيني بعضاً من حقوقه المشروعة و التاريخية في أرضه.
Visited 5 times, 1 visit(s) today