النازيون الجدد!!
عبد العلي جدوبي
العالم يتفرج بالصورة والصوت عبر القنوات التلفزيونية العالمية على ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، من إعدامات ميدانية يومية تشمل كل من يتحرك على ركام قطاع غزة؛ وكل الأصوات المطالبة بوقف الحرب يقابلها الفيتو الامريكي!!
الأمين العام للأمم المتحدة، ما يزال يعبر بصوت خافت أقرب إلى الهمس عن أسفه الشديد عما يحدث في غزة، والجامعة العربية غائبة عن هذه المآسي كعادتها، وكأن الأمر لا يعنيها في شيء… المسلمون منشغلون بإصدار الفتاوي في أحكام الحلال والحرام، وفي الطريقة الصحيحة لرجم الشيطان!! المطبعون حديثا مع إسرائيل اعتقدوا عبثا بأن التطبيع هو الطريق الصحيح لحماية الفلسطينيين، لكن الحرب على غزة فضحت مزاعمهم، في ظل فشلهم في إيجاد مبرر لتطبيعهم المخزي مع إسرائيل!
ما تبقى من أهالي غزة يصارعون الموت والجوع، والبيوت تنهار فوق رؤوس الباقين منهم بعد تهجير الآلاف منهم، ورميهم في العراء نساء وأطفالا وشيوخا ومرضى، يواجهون عواصف الصقيع داخل خيام ممزقة!! إن عدم اتخاذ قرار أممي لحد الساعة بوقف إطلاق النار يعطي الضوء الأخضر للكيان الصهيوني لتنفيذ مخططاته الإجرامية في حق الفلسطينيين..
لقد كشفت الحرب الإسرائيلية على غزة حالة غير مسبوقة فيما يتعلق بوضع حقوق الإنسان وبالقانون الدولي، فالمنظومة الدولية بهياكلها وبأجهزتها القضائية، تقف اليوم عاجزة عن وقف الحرب وردع الجرائم الإسرائيلية وملاحقة مرتكبيها.. إسرائيل مارست كل جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم التهجير القصري، وجرائم الإعدامات الميدانية، وجرائم التجويع، وأيضا جرائم تحطيم المنشآت والبنيات التحتية، وما تزال حتى اللحظة ماضية في جرائمها..
فقد كشفت وثيقة مسربة كتبها الملحق العسكري في السفارة الهولندية بتل أبيب، نشرتها صحيفة (ان ار سي) الهولندية، أن اسرائيل تقوم وبشكل متعمد في إحداث دمار واسع النطاق في غزة، وأن الجيش الإسرائيلي يقتل المدنيين عمدا في إعدامات جماعية ميدانية كل يوم، ومع ذلك لم تتخذ حكومة هولندا _كما جاء في وثيقة السفير _ موقفا مغايرا! بل استمرت كمعظم الدول الأوروبية، ومعها الولايات المتحدة الأمريكية في رفض المطالبة بوقف إطلاق النار في غزة.
كما جاء في تقرير مرصد الأورو متوسطي لحقوق الانسان، أن تجويع إسرائيل لأهالي غزة، سيترك أثرا طويل المدى لا يمكن تداركه سريعا، على أن ضحايا التجويع والأمراض المقترنة به قد تفوق أولئك الذين استشهدوا مباشرة خلال الهجوم الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.. وأضاف التقرير أن سكان القطاع يشكلون حاليا 80% من مجموع السكان الذين يواجهون المجاعة في أنحاء العالم؛ فلم يشهد العالم منذ الحرب العالمية الثانية مثل هذه المجاعة السريعة والكاملة للسكان المدنيين، التي يفرضونها النازيون الجدد على شعب أعزل..
تسلمت إسرائيل من أمريكا في بدايه الحرب على غزة 25 ألف طن من السلاح والعتاد الحربي، نقل على متن 280 طائرة عسكرية.. وبحسب صحيفه (وول ستريت جورنان) فقد نشرت تقريرا خلال الأسبوع الثالث من الحرب على غزة، مما جاء فيه أن جيش الاحتلال أسقط 29 ألف قنبلة على القطاع، دمر بواسطتها ما يقرب من 70% من الأحياء السكنية والبنيات التحتية، و 77 % من المرافق الصحية 300 ألف هدف!! وأضافت الصحيفة المذكورة بأن حجم الذخيرة التي استخدمت في غزة تتجاوز حجم الذخيرة التي استهلكتها روسيا في حربها ضد أوكرانيا!! وقد تكون هذه الأرقام المفجعة قد تضاعفت خلال الأربعة أشهر الأخيرة من العدوان!!
أمريكا أرسلت اثنين من أكبر حاملات الطائرات في العالم وأكثرها قوة وضراوة (جيرارد فورد) و(دوايت أيزنهاور) إلى مياه المتوسط، وحركت أساطينها إلى الدول المجاورة لفلسطين المحتلة، بما فيها الغواصة النووية (أوهايو) لردع أي تحرك أو تمرد أو خروج عن الطاعه ضد مصالحها وضد إسرائيل.
من جانبها دعمت كل من بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا إسرائيل بدبابات ومعدات عسكرية متطورة، بالإضافة إلى تواجد بجانب الجيش الإسرائيلي مئات من الخبراء العسكريين الأمريكيين والأوروبيين، وكأننا أمام حرب كونية، مع أن المسألة تخص مئات من أفراد المقاومة حماس، يقاومون بأسلحة تقليدية محلية الصنع!!
الجيش الإسرائيلي ليس وحده من يقاتل في غزة، ففي صفوف هذا الجيش الجبان المذعور وجود مرتزقة وقتلة ومأجورين من جنسيات مختلفة.. وقد كشفت هيئة البث الدنماركية (دي ار) عن التحاق مرتزقة بجيش الاحتلال الإسرائيلي يبلغ عددهم بنحو 12 ألف عنصر، جاؤوا من الشيلي والأوروغواي ومن إيطاليا واسبانيا.. بهذا الشأن ذكرت صحيفه (إلموندو) الاسبانيه أن شركتين عسكريتين وهما (ريفان وغلوبان سي ان تي) تعاقدتا مع الجيش الإسرائيلي لتوظيف مئات من المرتزقة من فرنسا وألبانيا ومن مالي وكوسوفو ومن أفغانستان، لتنفيذ مهام إجرامية بحق الفلسطينيين.. وكشف جندي سابق بالجيش الاسباني لصحيفه (إلموندو) الإسبانية، ويدعى (بيدرو دياز فولار نيز)، أن عمله مع الجيش الإسرائيلي مريح جدا من الناحية المادية، يتقاضى مقداره 39 ألف يورو أسبوعيا، وفي الجيش الإسرائيليه أيضا هناك ما يدعى بالفيلق اللوجيسي، وهو مسؤول عن جلب المرتزقة من جميع أنحاء العالم، هدف هؤلاء هو الحصول على المال فقط لا غير، مقابل قتل كل يصادفونه في طريقهم من الفلسطينيين..
إسرائيل وأمريكا وبعض دول أوروبا ومرتزقة من كل الجنسيات، يحاربون مئات الأفراد من حماس!! هؤلاء الذين يقاومون بمعدات وأسلحة تقليدية بسيطة، صنعت محليا إبان الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة الذي دام 16 سنه كاملة!
Visited 22 times, 1 visit(s) today