قرنان ونصف على اتفاقية الصلح بين المغرب والبرتغال
مبارك بيداقي
تخليدا لمرور 250 سنة على اتفاقية الصلح والمهادنة والعلاقات التجارية المبرمة سنة 1774، بين سيدي محمد بن عبد الله ملك المغرب ودون جوزي الأول ملك البرتغال، نظمت جمعية “ذاكرة دكالة للحفاظ على التراث” بشراكة مع مختبر الدراسات والأبحاث في البين-ثقافي التابع لكلية الآداب والعلوم الإنسانية والمدرسة العليا للتربية والتكوين بالجديدة ندوة في موضوع “العلاقات البرتغالية-المغربية؛ أماكن الذاكرة التاريخية المشتركة بدكالة من خلال الأرشيف البرتغالي”. وذلك يوم الخميس سابع مارس 2024 بقاعة عبد الكبير الخطيبي بكلية الآداب بالجديدة.
وقد اختارت الجهة المنظمة أن تتناول محاور هذا اللقاء العلاقات بين البرتغال والمغرب من خلال وثائق الأرشيف الوطني البرتغالي المحفوظ بلشبونة من زاوية أماكن الذاكرة. ونظرا لوفرة هذه الوثائق بخصوص العلاقات الثنائية في الفترة المذكورة، فقد تم التركيز على الوثائق ذات الأهمية والتي من شأنها إضاءة هذه المحطات التاريخية وإغناء تاريخ المغرب ومنطقة دكالة بمعطيات إضافية.
تضمن برنامج اللقاء المداخلات التالية :
- المداخلة الأولى: العلاقات بين دكالة والبرتغال بين 1486 و1513 ، ألقاها الدكتور عبد الواحد حفيظ.
- المداخلة الثانية: العلاقات بين دكالة والبرتغال خلال احتلال آزمور ومازغان، ألقاها ذ. الجلالي ضريف.
- المداخلة الثالثة: العلاقات بين دكالة والبرتغال بعد تحرير مازغان، ألقاها ذ. الـمصطفى اجماهري.
قام بتسيير اللقاء الأستاذ عبد الواحد مبرور، مدير مختبر الدراسات والأبحاث في البين-ثقافي التابع لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة، بحضور ذ. عبد الأحد فاسي- فهري، رئيس جمعية دكالة للتراث ووزير السكنى السابق، والأستاذة حسناء بركات منسقة مسلك بالمدرسة العليا للتربية والتكوين وعدد من المهتمين بالموضوع..
وقد استحضر المتدخلون جوانب من العلاقات التاريخية المشتركة بين البرتغال ومنطقة دكالة منذ القرن الخامس عشر، وذلك بالاعتماد على وثائق من الأرشيف البرتغالي الغني، في مقاربة تاريخية حديثة تستحضر أماكن الذاكرة المشتركة. و تتمثل هذه الوثائق في ثلاث مجموعات:
- المجموعة الأولى: مخطوطات رسمية (رسائل، وثائق، خرائط، تصاميم…) محتفظ بها في برج الأرشيف بلشبونة. ولقد اعتمد عدد من المؤرخين المهتمين بالحضور البرتغالي بالمغرب على هذا الأرشيف من بينهم: لويس ماريا دو كوتو،
- المجموعة الثانية: تتعلق بما تركه من أخبار بعض الرواة المعاصرين للأحداث،
- المجموعة الثالثة تتضمن كُتَيِّبات Opuscules وتصاميم تؤرخ لمواجهات عسكرية بين المازغانيين والمغاربة المرابطين حول الفورتاليزا في القرنين السابع عشر والثامن عشر. وتتجلى أهمية هذه الوثائق في التعريف بمجموعة من أسماء المواقع والقبائل والشخصيات واستراتيجيات الحصار والمواجهات…
تشكل هذه الاستوغرافية الغنية والمتنوعة التي تهم تاريخ علاقات البرتغال بدكالة منذ سنة 1486 مصدرا أساسيا لاستيعاب الذاكرة الجماعية التي تميزت بها العلاقات المغربية-البرتغالية في القرون الماضية. وعلى هذا الأساس حاول الأساتذة المتدخلون، في الوقت المحدد لهم، استحضار واستنطاق هذه الذاكرة المشتركة بين البرتغال ودكالة وفق مقاربة تاريخية حديثة تنطلق من مفهوم “أماكن الذاكرة”، كما يتضح من عنوان الندوة.
ويقصد المؤرخ الفرنسي بيير نورا بـمكان الذاكرة كل وحدة مهمة، ذات نظام مادي أو مثالي، جعلت منها إرادة الإنسان أو تأثير الزمن عنصرًا رمزيًا للتراث التذكاري لأي مجتمع مهما كان”. وتشمل أماكن الذاكرة حسب بيير نورا مواقع جغرافية وبنايات عمرانية وتماثيل وأعمال فنية، وأيضا شخصيات تاريخية وأيام تَذَكُّرية وأنشطة رمزية وغيرها…
اختتم اللقاء بفتح نقاش بين المتدخلين والحضور الذين تشكلت غالبيتهم من طلبة الدراسات العليا تركز على جوانب ومراحل تاريخية في العلاقات الثنائية القديمة بين المغرب والبرتغال.