العالقون بين الثريّا والثّرى..!

العالقون بين الثريّا والثّرى..!

د. محمّد محمّد الخطّابي                                   

       فى هذا البلد الجميل الذي أطلق عليه الرحّالون والمؤرّخون  والعاشقون ”ذيل الطاووس” قيّض الله لنا أن نرى فيه نور الحياة، والذي أزاح عنّا فيه أجدادنا الصناديد النّير الثقيل الذي كان يثقل كاهلنا، ويؤرق مضجعنا، كنّا نستنشق هواءه النقيّ العليل، ونأكل خيراته، ونعمه، وثماره، وحبوبه، وبرّه، وقطوفه، وكلّ ما طاب واستطاب ممّا تجود به علينا  أرضه الفيحاء، وطبيعته السخيّة المعطاء، كنّا نستمتع ببحره، وسمائه، وشمسه وقمره، وجباله وغاباته، وهضابه، وسهوبه، وسهوله، ومرتفعاته، وآكامه، وكواكبه ونجومه، كلّ ما لم تلمسه يد بشرية آثمة دخيلة لم يكن يأتينا منه إلاّ الخير العميم، وكلّ ما يرضي النفس، ويسعد القلب، وينعش الرّوخ، ويفرح الوجدان.

    فى هذا الصّقع الرّيفيّ النائيّ البعيد ذي التضاريس الطبيعية الوعرة، والأخاديد الجبلية الصّعبة، عشنا على الفطرة، ترعرنا على شغف البداوة ونعمة البساطة، وعشق الحياة الحرّة الكريمة. فى ربوعنا، وأحيائنا، وأرباضنا، ومرابضنا، وقرانا، ومداشرنا، وضيعنا كنّا ندقّ أبواب الحريّة الحمراء دقّا عنيفا حتي نتسربل بألوان زّاهية قانية ولا نرضى أبدا بها أو لها بديلا. حسن الجوار كان دأبنا، والذّود عن وطننا، وحوضنا، وجيراننا كان ديدننا، وعدم الرضى بالظّلم والضّيم، والجّفوة والجفاء كانت غاياتنا ومرامينا، كانت شيمنا هممنا العالية، وسجايانا مبادؤنا الأصيلة، وعاداتنا العريقة، وتقاليدنا الحميدة التي تربّينا فى كنفها وترعرعنا على منوالها، منذ نعمومة أظفارنا، وغضاضة إهابنا، وطراوة أعوادنا، وشرخ شبابنا. كانت كلّ تصرّفاتنا تلقائية عفوية طبيعية بسيطة خالية من التصنّع والمداهنة، والمراء والمحاباة.

أيّام تمرّ وليال تنقضي

    لم تعد  الأمور اليوم كما كانت عليه بالأمس القريب، بعد أن أصاب صرح الصّدق، والنبل، والوفاء، والشرف، والكرامة شرخ عميق. هؤلاء الغرباء الأبعدون، ذوو السّحن الغريبة، والشعور الناعمة المنسدلة على أكتافهم، كانوا يقومون بغارات على أراضينا وشطآننا، ودورنا وممتلكاتنا، ومزارعنا وغلاّتنا، لم نكن نتوانى أو نتردّد قيد أنملة فى دحرهم، وصدّهم، وردّهم على أعقابهم من حيث أتوا مخذولين منكفئين يجرّون أذيال الخيبة والمهانة والهزيمة والمذلّة، من أينما جاءوا أو قدموا، من داخل البرّ القريبّ، أو من وراء البّحر البعيد. لقد أصبحوا اليوم يفتون (بضمّ الياء والتاء) ولا يفتون (بضمّ الياء وفتح التاء وسكون الواو)، وأضحى التنائي بينهم وبيننا بديلا عن تدانينا، وناب عن طيب لقيانا بهم تجافينا.. الألم الممضّ يعصرنا، والمعاناة القاسية تهدّنا، والحنق المميت يخنقنا، والمرارة الخانقة تعتصرنا، نتنفّس الصّعداء، ونرفع أعيننا  إلى السّماء، ونجيل بأبصرارنا فى فضاءاتها الواسعة المترامية الأطراف، ونحدّق فى سديمها السّرمدي الأبدي، وبقدر مشعل على شفاهنا نرجوها أمرا فى أعماق أنفسنا، ونستعطفها بلسما شافيا مداويا لجراح غائرة لا تندمل فى أعماقنا، ولا من مجيب..!

    نعاتب الأيّام الحالكات، ونلوم الليالي المدلهمّات التي لا تؤمن بوائقها، عسى هذا اليأس يتلوه الرجاء، و لعلّ الله يأتي بعد كرب وغمّ بفرج قريب، وخير عميم نشكو الدّهر القاهر، ونناغي الزّمن الغادر فى هذا الوطن الصغير، وداخل الوطن الكبير… ولسان حالنا جهارا يقول:

يا دهر ويحك ماذا الغلط  /   وضيع علا ورفيع هبط . 

 دوام الحال من المحال

  إنّها عجلة  الزمن أو قل إنها عجلة خصوم ”يوليوس قيصر” إذ يحكي لنا التاريخ  أنه عندما وقع فى الأسر… لم يكن نظره يحيد عن عجلة عربته  التي كانت  خلال الطريق إلى أسره تعلو وتنزل وهي  تدور  فى ذبذبة وتوتّر واهتزاز، ثم لا تلبث أن تعيد الكرّة تلو الأخرى من أعلاها إلى أسفل، ومن أسفلها إلى أعلى، وعندما سأله سجّانوه: أن لماذا لم يحد نظره قطّ عنها طوال الطريق.. بل ظلّ يحدّق فيها بدون انقطاع؟ قال إنّها تذكّره بحال الدّنيا وأحوالها، تارة فوق، وطورا  أسفل، وأردف قائلا: أنظروا إلى حالي أين كنت بالأمس، وأين أصبحت اليوم..!

    لا من رقيب، ولا من حسيب، ولا من مجيب، لقدغدت الممتلكات تقايض (بفتح الياء) مقابل فتات هشّ بئيس  من العيش الرخيص لا يسدّ رمقا، لا يسمن ولا يغني من جوع، ذووها خانعون، قانعون، راضون ، مستسلمون ، كلّ آمالهم أن تمطر السماء يوما ليعمّ الخير والصّبا والصبابة  والرذاذ…!

قال قائل حكيم منهم:  المال يا صاحبي يستر كلّ عيب فى الفتى… والمال يا صاحبي يرفع كلّ نذل ساقط، المال يا صاحبي أضحى فى أيامنا اللعينة زينة الدّنيا وهو عزّ النفوس. يبهي وجوها ليس هي باهيا، فها كلّ من هو كثير الفلوس،  ولّوه الكلام والرّتبة العاليا. والدراهم كثيرة وافرة هي فى الأماكن كلّها، إنها تكسو الناس والرّجال والنساء مهابة وجمالا، وقد أضحت لسانا طليقا صريحا راجحا صادحا لمن أراد فصاحة، كما أصبحت سمّا ناقعا، وعلقما مرّا، وسلاحا فاتكا لمن أراد مواجهة أو رام قتالا…!

    أجل.. ما أكثرهم..هؤلاء الأقربون، لقد ولّوهم الكلام، والمراتب العاليا،  من ذوي القربى والأصهار والأنصار، ليسوا من سلالة أنصار يثرب، بل إنّهم أنصار العصر، أنصار صناديق الاقتراع والمحاباة، والمداهنة والمصانعة، فى زمننا هذا العربي الحزين المثقل بالهموم والرزايا، والدم، وليس للمعوزين، الكادحين المحرومين، العسفاء، هؤلاء الأقصون الأبعدون الذين يعضّون على الحديد أوعلى الحجر الصّلد عضّا مؤلما حنقا، وغيضا، وكربا، وكبرياء، وكآبة، و غلاّ، وضيما.

    سجّلها ذات يوم  المؤرّخ البريطاني “روم لاندو” فى تاريخه عن الوطن الغالي الحبيب  عند مروره بحيّهم ومرابضهم، قال حينها: ”لقد لاحظت الأنفة والشموخ، وعزّة النفس فى مشيتهم الثابتة، المنتصبة، و فى خطواتهم الواثقة الراسخة، يمشون صببا فى اعتزاز واعتداد، النّاؤون من ذوي “الشعور المنسدلة” يرومون إقصاءهم، وتقويسهم وتقويضهم، وإضعافهم، وثنيهم.. ولكن هيهات..!

    الأماجد منهم الأبرار قدّموا أرواحهم ذودا عن حوزة الوطن، أعطوا النّفس والنّفيس دفاعا عن عزّته، وصونا لكرامته، روت دماؤهم الزكية كلّ ركن من أركانه، إنهم يسامون اليوم سوء الصنيع، ويعانون البعاد والتباعد، والإقصاء والتنابذ، والتهميش والجحود، والنكران والنّسيان.

على شاكلة منظومة ابن عاشر

     ما انفكّت الحاضرة العامرة  تتمختر  فى احتفلات بهيجة، أقيمت المواكب والكواعب، ونثرت الأزهار والورود، والياسمين والرّياحين، وتمّ رشق  المتفرجين بثمرات الكرز الرّطبة والمحمرّة كالعنّاب، صدحت الموسيقى فى العلياء، البياض الناصع يملأ الأجواء والأرجاء، فالخطب ليس بالهيّن اليسير، إنّه إيذان ببزوغ وانبثاق إشعاع حضارة متطوّرة راقية، وإنتشار بريق مدنية متقدّمة، و”التبشير” بمبادئ (الحريّة، المساواة، والإخاء)، بلغة عريقة رقيقة لثغاء، لقد أوعزوا حتّى للعلماء وللفقهاء الأجلاّء فى منابر معاهدهم، ومصاطب كتّابهم، وفى مدرّجات جامعاتهم، بأن ينظموا على شاكلة الآجرومية أو منظومة بن عاشر قصائد عصماء لتسريع وتسهيل وتيسير تعليم هذه اللغة ونشرها وتعميمها على أوسع نطاق، هذه اللغة السّاحرة الآسرة الرّخيمة التي يخرّ لها الجلمود، ويسجد الصّخر لنعومتها…! فقال قائلهم ساردا ومعلّما وملقّنا بتلك النغمة الموسيقية الفقهية الموزونة المتوارثة المألوفة والمعروفة: (أنظر أسفله فى ذيل المقال*).

    الأعمدة الرّاسيات، والسّواري الرّاسخات ذات الأسماء الرنّانة، والجرس الموسيقي المميّز ما فتئت تعمل على تمرير الإرث الساطع، والتراث الناصع،حكما وعلما، وأدبا وشعرا، وفقها ولغة، وتاريخا وفلسفة، وحسابا وفلكا، وصرفا ونحوا، وغناء وطربا، وطبخا ونفخا، وسياسة وكياسة، وذكاء ودهاء، وفخّارا ودثارا، وصناعة وإبداعا، وعطرا وزهرا، وبناء وعمرانا، ووضعا وتأليفا، وقزّا وحريرا، وطرزا ونسجا، وذهبا وفضّة، ولجينا وعسجدا، وزمرّدا وديباجا…!

    إنّها ما زالت تدني وتقصي، ما فتئت تنهال وتنثال بالجحود المجحف، بينها وبين الآخرين برزخ واسع، ويمّ شاسع، وبحر عميق لا قعر ولا قرار له، إنّها ما برحت تؤجّج الموقد، فالصّقيع زمهرير، وتلقي الحطب فى أتون الكنّ والكانون، من حيث تدري ولا تدري..! .

 هبنّقة..!

    القويّ السّمين ما زال  يزداد  أمام أنظارنا قوّة وسمنة، والضعيف الهزيل ما فتئ يزداد ضعفا وهزالا، مثلما كان عليه الحال فى الماضي السحيق فى “جاهلية” القوم مع المدعوّ  “هبنّقة” الذي كان يضرب به المثل فى الحمق والخبل والجنون والمجون فكان وما زال يقال ”أحمق من هبنّقة “ كناية عن الحمق الشديد، الذي قيل فى حقّه إنّه من حمقه أنه عندما كان يعمل راعيا للبقر عند أحد الميسورين من قومه، فكان يأخذ البقر السّمان إلى المراعي الخصبة حيث وفرة الأعشاب وكثرة الكلأ لترعى وتشفى غليلها، ويأخذ البقر الهزال النحيلة  إلى الأراضي القاحلة الجرداء من الأرض الكلام (الأرض الكلام بضمّ الكاف وهي الأرض التي لا تنبت شيئا) ويسرحها هناك، وعندما يأتي صاحب القطيع لمعاتبته وتأنيبه فيسأله أن لماذا يفعل ذلك…؟ كان يجيب: أتريدني أن أصلح ما أفسده الله، أوأن أفسد ما أصلحه الله، فالبقر السّمان تستطيع أن تأكل وهي ذات شهيّة طيّبة، لهذا أذهب بها حيث وفرة المراعي والكلأ، وأمّا البقر الهزال النحيلة فلا شهيّة لها وليس فى مقدورها أن تأكل لضعفها ووهنها، ولهذا أذهب بها إلى القفار القاحلة، والأرض الصلبة التي لا زرع ولا ذرع ولا كلأ فيها… وما إنفكّت هذه الحكمة سائرة قائمة مأثورة إلى اليوم، السّمين يزداد سمنة، والضعيف يزداد ضعفا…!.

    ويحكى ان هبنّقة من حمقه كان كثيرا ما ينسى نفسه، وللتغلّب على هذه الآفة توصّل إلى حلّ ناجع على طريقته حتى يتعرّف على نفسه بسهولة ويسر ولا ينسى نفسه مرّة أخرى، فوضع خيطا سميكا من قنّب على عنقه علّق فيه عظمة صغيرة كان قد عثر عليها فى أحد المهامه والقفار والمفاوز، وكان كلما إستيقظ من النّوم يبحث عن العظمة المعلقة فى عنقه ويمسكها ويلمسها بيده وبها يدرك ويتأكّد أنّه هو، وحدث ذات يوم أن نام عند أخيه، فقام أخوه فى جنح الليل ونزع عنه العظمة وعلّقها حول عنقه، وفى الصّباح عندما إستيقظ هبنّقة ولم يجد العظمة معلّقة عليه ذهب عند أخيه ليسأله، فلمّا رأى العظمة معلقة حول عنق أخيه أمسك بها وقال له مشدوها: يا أخي… أنت أنا فمن أنا…؟!.

بين الثريّا والثّرى

    هكذا حال الدّنيا يا صاح، أيام تمرّ، وليال تنقضي، إنّهم ما فتئوا ينظرون من الأعالي شزرا إلى أسفل، إلى هؤلاء الذين سحقهم القدر، وهدّهم العوز، وأنهكتهم الخصاصة، يمشون عاصبي البطون مرملين من فرط حرقة الطّوى، الآخرون يناطحون عنان السّماء، يعانقون هيادب السّحاب، يلامسون الثريّا، قال المتنبي: (إن كنت فى شرف مروم…فلا تقنع بما دون النجوم)، وقال فارس بني عبس عنترة ابن شداد: (إن كنت فى عدد العبيد فهمّتي… فوق الثريّا والسّماك الأعزل)، وبنو طينتهم، وأبناء جلدتهم ملتصقون بأمّهم الأرض أديم الثّرى، قال قائلهم (حسب الخليلين نأي الأرض بينهما… هذا عليها وذاك تحتها بالي)، لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، سقطتهم بلا رضوض، وسقطة “الأعلون” مؤلمة كاسرة قاصمة للظّهر، إنكم لن تخرقوا الأرض ولن تبلغوا الجبال طولا، فى القمم الشامخات، فى العلوّ الشاهق تشتدّ هبوب الريّاح، إنها هناك أكثر علوّا وعتوّا وقوّة، الزّوابع والتوابع بها لا تني ولا تنتهي، العواصف الهوجاء لا تتوقّف، فاخفضوا جناح الذلّ، وطأطئوا الرؤوس، ولا تشرئبّوا بالأعناق… فما أظن أديم الأرض إلاّ من هذه الأجساد، سيروا إن اسطعتم فى الهواء رويدا… لا اختيالا على رفات العباد، فربّ لحد قد صار لحدا مرارا، ضاحك لتزاحم الأضداد… وكلّ بيت للهدم ما تبتني الورقاء والسيّد الرّفيع العماد…!

    كلام يتناثر في الهواء، تماما كما تناثر في القديم كلام من شيّدوا في أخيلتهم مدنا فاضلة، وأقاموا فيها صروحا وقصورا، وظلّت العدالة فيها طائرا كسير الحناحين، يحلق بالكاد حولها، لا يشمّ (بضمّ الياء) فيها سوى رائحة الظلم والعنت في كلّ مكان، اليوم لم يعد ثمة أناس من هذا النّوع، لقد أصبحوا في عرف الآخرين شبيهين بالمجّانين الذين يفنون أعمارهم في الأوهام والخيالات، والآهات، والترّهات التي لا طائل تحتها. هؤلاء هم الذين يعانون أكثر من غيرهم من مختلف ضروب البؤس واليأس والشقاء والعنت والتعاسة والنكد والبغض والحرمان، لقد كسدت أسواق الفكر الخلاّق، ونشطت حركات التقاليع الرخيصة في دنيا الفنون والجنون والمجون من كل ضرب.

    البشرية غزا الشيب مفرقها، وأضاعت عمرها في ويلات الحروب والتقاتل، والتطاحن، والتشاكس، والتنابذ، والمواجهة، والعداوة، والبغضاء. نأسى ونتأسّى، ونلتاع حزنا وضنكا. أيّها الباذخون المتخمون، ثوبوا إلى رشدكم، إرجعوا إلى أنفسكم، فقد بلغ السّيل الزّبى، وفاض الكأس، وطفح الكيل، وربّ عظيمة دافعت عنهم… وقد بلغت نفوسهم التراقي…!

    وفى الختام، ولا ختام، ونحن فى ذيل المقال، نعود لصدره لنتدبّر ونتأمّل فيما ورد من سبب فى إطلاق اسم ”ذيل الطاووس” على هذا الصّقع النائي البعيد، إذ يحكى أنّ رحّالة من أهله زار ذات مرّة بغداد التي كانت تسمّى إبّانئذ مدينة السلام..! فى زمن لم تكن فيه القارة الأمريكية قد اكتشفت بعد، وكان الناس يعتقدون فى ذلك الأوان أنّ العالم ينتهي عند هذا السّاحل الأقصى، وفى إسبانيا بمنطقة جلّيقة أو غاليسيا مكان يسمّى (فينيشتيرّي) ومعناه حيث تنتهي الأرض، ويقال إنّ الفاتح عقبة بن نافع دخل بحصانه فى مياه المحيط الأطلسي على الشواطئ المغربية حتى غطّت مياه البحر قوائم فرسه، واستلّ سيفه ورفعه إلى أعلى فى الهواء مخاطبا المحيط الهادر قائلا له: “والله لو كنت أعلم أنّ وراءك أرضا لفتحتها بسيفي هذا“…! المهمّ أنّ رحّالتنا عندما كان ببغداد رمقته عيون الخليفة الذي ما أن أبلغوه بوجوده بالمدينة حتّى أمر جنده بإحضاره إليه، فلمّا مثل بين يديّ الخليفة قال له متهكّما ساخرا : يا مغربي قيل لي إنك قدمت من بلد بعيد، وقيل لي كذلك أنّ الدّنيا على شكل طائر كبير، ذيله المغرب الأقصى (مستهزئا ومتهكّما). فأجابه الرحّالة النابه على الفور قائلا: أجل يا أمير المؤمنين هذا صحيح، ولكنّ الذين أخبروكم بذلك نسوا أن يقولوا لكم أنّ هذا الطائر هو الطاووس، وأنّ  أجمل ما فى الطاووس ذيله…! 

____________________________

أرجو من القرّاء الكرام التفضّل بقراءة الأبيات الواردة فى المقال أعلاه المزدوجة بين العربية والفرنسية، حسب الترتيب التالي الصحيح، ليفي بالمعنى، وشكرا على سعة صدركم ، ومعذرة.

*الرأس ،tête والأنف nez ، والعنقcou
وفى التعبير عن كثير قل beaucoup
Dieu الإله ، والرّسول le prophète
وفى المواسم والأعياد قل Les fêtes !

 
Visited 47 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. محمد محمد الخطابي

كاتب، وباحث، ومترجم من المغرب عضو الأكاديمية الاسبانية- الأمريكية للآداب والعلوم بوغوتا كولومبيا