رحيل أرملة المناضل الأممي المهدي بن بركة

رحيل أرملة المناضل الأممي المهدي بن بركة

السؤال الآن:

       توفيت اليوم 26 يونيو 2024، بالعاصمة الفرنسية باريس، عن عمر واحد وتسعين عاما، السيدة غيثة بناني أرملة المهدي بنبركة، الزعيم السياسي البارز لليسار المغربي والشخصية الرمزية النضالية ذات الصيت الأممي، الذي جرى اختطافه واغتياله في باريس قبل حوالي ستة عقود (29 أكتوبر 1965). وقد تورطت في هذه الجريمة الشنعاء ثلاث أجهزة مخابرات دولية، هي المخابرات الفرنسية، والموساد الإسرائيلي، والمخابرات المركزية الأمريكية، إضافة إلى جهاز الاستخبارات “الكاب وان” المغربي.

    منذ الخمسينيات من القرن الماضي (1949)، عندما اقترنت به وهي شابة صغيرة دون العشرينيات من عمرها، رافقت المرحومة غيثة زوجها المهدي بنبركة في كفاحه ونضاله من أجل الاستقلال وسيادة الديمقراطية، ومن أجل انتصار قيم ومبادئ التحرر والاشتراكية. إلى أن نزل عليها  الخبر الصاعق: اختطاف زوجها المهدي ثم اختفاؤه إلى الأبد، ما سيشكل أشهر الاغتيالات السياسية في القرن العشرين، ويمثل أحلك قضايا الجمهورية الخامسة في فرنسا. كما ساهمت عملية اختطاف واغتيال الزعيم  المهدي بن بركة في تشويه عهد الملك الحسن الثاني (توفي في يوليوز 1999).

   يومها كانت الأم غيثة برفقة أبنائها الأربعة (البشير وسعد ومنصور وفوز) في القاهرة التي اقام بها بنبركة كلاجئ سياسي، في ضيافة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذي اتخذ من بنبركة مستشارا له، ومن ضمن ما كلفه به ملف الخلاف بين عبد الناصر وقادة حزب البعث في كل من سوريا والعراق.

    بعد اختطاف بنبركة انتقلت عائلته للإقامة في باريس، ومنها ظلت السيدة غيثة بناني تكافح من أجل كشف الحقيقة الكاملة حول مصير زوجها وأب أولادها، وعلى امتداد هذه السنين كانت حقا امرأة صامدة، رمزا للوفاء والإخلاص وللشجاعة والمقاومة، حيث ظلت مدة 59 عاما تطالب بالكشف عن الحقيقة التي استمرت مغيبة تفاصيلها رسميا، مع إخفاء كل المجرمين الذين قاموا بها وعملائهم الذين نفذوها.

      ومن منفاها الفرنسي، خاضت غيثة بناني رفقة ابنها الأكبر البشير بن بركة معركة طويلة، لم تعرف فيها التعب أو الكلل.

    بعد وصول محمد السادس إلى السلطة، تمكنت غيثة بناني وعائلتها من تجديد جوازات سفرهم المغربية، والقيام بزيارة قصيرة إلى بلدهم المغرب، في رحلة عائلية لم تتجاوز مدتها أسبوعين، إثر غياب دام 34 سنة، أي منذ اختطاف واغتيال المهدي بنبركة سنة 1965.

    هكذا وصلت غيثة بناني إلى مطار الرباط يوم الاثنين 26 يوليوز 1999، على متن رحلة لشركة الخطوط الجوية الفرنسية، وكانت زوجة المهدي في رحلتها هاته مع ابنتها فوز، وأولادها: البشير، والتوأمين سعد ومنصور، بالإضافة إلى أزواجهم وأطفالهم، وأيضًا شقيق غيثة البرفيسور عثمان بناني.

   واستقبل الرأي العام الوطني والدولي، وفي المقدمة المدافعون عن حقوق الإنسان، عودة عائلة بنبركة إلى وطنهم المغرب كـ”خطوة أولى نحو الحقيقة والعدالة”، وفق تعبير البشير بنبركة.. الذي صرح يومها لوكالة الصحافة الفرنسية: “نعتقد أنه لم يعد هناك اليوم أي سبب لأسباب الدولة لعرقلة البحث عن الحقيقة”. مضيفا: “لكن من الواضح أننا نواصل التساؤل عما كنا نسأله دائما: الحقيقة بشأن قضية بن بركة”.

   لكنه لحد تاريخ اليوم، لم يتم الإفراج عن الملفات التي بحوزة أجهزة المخابرات الفرنسية والمتعلقة بقضية بن بركة، بذريعة “أسرار الدولة العليا”.

   وبناء على قرار العائلة وتوصية الراحلة، سيوارى جثمان المرحومة غيتة بناني في إحدى مقابر باريس وليس في الرباط، مادامت “الحقيقة الكاملة حول مقتل زوجها مغيبة”، وانتصار القيم التي ضحى بنبركة بحياته من أجلها، لا يزال مؤجلا”.  

Visited 200 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة