ماذا تخفي زيارة نتنياهو إلى واشنطن من أسرار؟
أحمد مطر
لوحظ عودة وتيرة التهديدات الإسرائيلية بالحرب ضد حزب الله في لبنان، إلى التصاعد من جديد، بعد تراجع نسبي خلال الأيام الماضية، بالتزامن مع زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة الأميركية، وتأكيده امام الكونغرس الاستمرار بالحرب حتى القضاء على حركة حماس وهزيمتها ونزع سلاحها، متجاهلا الحديث عن مصير مبادرة الرئيس الاميركي جو بايدن لوقف اطلاق النار، وتبادل الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس والمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وطالب أعضاء الكونغرس بتسريع ارسال شحنات الأسلحة الأميركية إلى إسرائيل، ليتمكن من تحقيق هذا الهدف.
يواصل مسؤولو ايران، تحذيراتهم من قيام إسرائيل بشن حرب واسعة ضد حزب الله في لبنان، ويحذرون من تجاوز الخطوط الحمر، ويطلقون سيلاً لا يتوقف من التهديدات وردود الفعل، سبق أن رددوا مثلها وأكثر قبيل العدوان الإسرائيلي الوحشي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة، بعد عملية طوفان الأقصى التي قامت بها حركة حماس ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي في شريط غزّة منذ ما يقارب الثمانية اشهر، وكل ذلك لم يمنع إسرائيل من اجتياح القطاع وتدميره وقتل وجرح عشرات الآلاف وتهجيرهم من منطقة إلى أخرى، وممارسة ابشع جرائم التعذيب والتجويع والقهر ضده، من دون أن تحرك طهران ساكنا، واكتفت بالايعاز لحزب الله باشعال جبهة جنوب لبنان، بذريعة إشغال قوات الاحتلال الإسرائيلي عن ممارسة العدوان على غزة ودعم الشعب الفلسطيني، ولم تنفذ أياً من تهديداتها، بفتح الجبهة من داخل الاراضي الايرانية، بضرب إسرائيل لمنعها من تدمير القطاع بمعظمه، وهو ما برره احد قادة الحرس الثوري الايراني، أثناء لقائه مع وفد من اهالي غزة مؤخرا، كما نشرها الإعلام الايراني، بأن» أيدي إيران مغلولة.
هذه الأيام، تزداد المخاطر بتوسُّع الحرب الإسرائيلية العدوانية على قطاع غزة، لتشمل لبنان، إن كان بتكرار التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة بالحرب، لتغيير واقع المواجهة العسكرية الدائرة بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي على طول الحدود اللبنانية الجنوبية والمناطق المتقابلة جهة المستعمرات الإسرائيلية، أو من خلال المناورات المتواصلة التي تحاكي هجوما واسع النطاق لقوات الاحتلال الإسرائيلي على منطقة الجنوب، او بتنفيذ عمليات نوعية بالداخل اللبناني، كما جرى باستهداف مخزن للاسلحة يعود لحزب الله في منطقة عدلون القريبة من مدينة صيدا، وإن لم يكن هذا هو العدوان الإسرائيلي الاول بهذا العمق البعيد عن خطوط المواجهة العسكرية الدائرة ضمن ما يُسمَّى قواعد الاشتباك القائمة بين الطرفين والمعمول بها منذ عملية طوفان الأقصى التي شنتها حركة حماس ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي قبل ما يقارب الثمانية اشهر وقد لا يكون الاخير مع استمرار الحرب العدوانية الإسرائيلية على قطاع غزّة من دون توقف.
ويخشى من استمرار المماطلة التي يبديها رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو، لإنهاء حرب غزة، واطالة امدها، لاسباب سياسية ، تتعلق بمستقبله السياسي، وبحجة عدم تحقيق اهدافها المعلنة، واهمها القضاء على حركة حماس واستعادة المحتجزين والرهائن الاسرائيليين والاجانب لديها،ان يوسع الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، بحجة مهاجمة مواقع ومراكز حزب الله، ما يلحق مزيدا من الدمار والخراب والخسائر بالارواح والممتلكات.
ما يقال عن قرار اميركي رافض لقيام إسرائيل بتوسعة اعتداءاتها على الاراضي اللبنانية، لمنع التصعيد بالمنطقة وقيام إيران بالتدخل فيه، لا يشكل ضمانة بمنع التصعيد العسكري الواسع على لبنان،بعد قيام إسرائيل بشن عملية عسكرية واسعة ضد مناطق انتشار وسيطرة الحوثيين في ميناء الحديدة اليمني، ردا على اطلاق المسيَّرات والصواريخ ضد المدن الإسرائيلية، من دون أن تحرك طهران ساكنًا.
تكاد تكون ليلة الرد الإيراني على ضربة دمشق وتدمير مقر القنصلية الايرانية ومقتل مسؤولي وضباط الحرس الثوري الايراني، في الثالث عشر من شهر نيسان الماضي،المرة الوحيدة التي يطلق النظام الايراني صواريخه ضد إسرائيل، ضمن سيناريو هزلي ومدوزن ومتفق عليه سلفا مع الولايات المتحدة الأميركية، وتم خلاله إسقاط جميع الصواريخ، باستثناء واحد منها، لم يُلحق اضرارا تذكر، بما يؤكد وجود تفاهم ضمني بين الطرفين، لتقاسم وتحديد مناطق النفوذ، في المنطقة العربية،من دون تعرض اي طرف لمصالح الآخر بالاذية والدمار الفعلي ، والاهم استمرار مخطط النظام الايراني، بمحاربة خصومه من خلال استغلال المليشيات المنضوية تحت جناحه بمواجهة خصومه، من دون أي مشاركة ايرانية مباشرة، او تعرض الاراضي الايرانية لأية مخاطر.
هل يستغل رئيس الحكومة الإسرائيلية انشغال الادارة الاميركية بترددات تنحي الرئيس الاميركي جو بايدن واختيار بديل عنه، في السباق الى البيت الابيض، بالتملُّص من الموافقة على مبادرته لانهاء حرب غزة، والامعان في العدوان الوحشي على الشعب الفلسطيني في القطاع، واستمرار المواجهة العسكرية بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي، لتوسعة الحرب الإسرائيلية على لبنان، وهو ما يتوقعه البعض، وهو احتمال مطروح، في حال اغلقت المنافذ الديبلوماسية الجارية لاحتواء التصعيد والتوصل إلى اتفاق نهائي على طول الحدود اللبنانية الجنوبية مع إسرائيل.
ختاماً لا بد من انتظار النتائج النهائية للقاء رئيس الحكومة الإسرائيلية مع الرئيس الاميركي ومسؤولي الادارة الاميركية البارزين، لمعرفة ما تخلص إليه من نتائج، وهل يقنع هؤلاء بتغيير سياسة واشنطن تجاهه ام يقتنع بالانصياع والمضي قدما بالتجاوب مع مبادرة بايدن لانهاء حرب غزة، وتسريع الخطى لانجاز صفقة التبادل، وانتظار جهود المستشار الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين لإنجاز الاتفاق مع لبنان، وإن كان هذا صعبا في ضوء ما اعلنه من مواقف استباقية بالكونغرس، ما يعني استمرار حكومته بالحرب ضد غزّة، وحتى المجازفة بتوسعها ضد حزب الله في لبنان، مستغلا انشغال الادارة الاميركية بترددات تنحي الرئيس الاميركي جو بايدن، بالرغم من كل تداعياتها ومؤثراتها الخطيرة على المنطقة ككل.
Visited 63 times, 1 visit(s) today