تجليات الحرف في منظومة العرفان
ج. أحمد بالحاج آية وارهام
صدر لنا بتوفيق من الله تعالى في غضون شهر يونيه الفارط 2024م، عن دار رنة بمصر كتاب: (تجليات الحرف في منظومة العرفان). رصدنا فيه وضعيات الحرف في المتن العرفاني عند ابن عربي، والنفري، وابن سبعين، والحلاج، وغيرهم، وبيَّنا ميزات كل وضعية،وطريقة اشتغالها في المتن العرفاني على اختلاف رؤى منتجيه، ثم استخلصنا من كل ذلك ما يمكن أن نطلق عليه نظرية العرفان في انوجاد الوجود؛ الذي يكمن سره في الحروف، وليس خارجها، إذ فيها يجتمع الوجود والسحر اجتماع الذَكر بالأنثى، وبوساطتها، وعلى يديها يتم التوالد بينهما، مما يعني أن الوجود بألَقه السحري مُضْمَر في الحروف، ومتولد عنها، وعن طريق هذا التوالد يتم تشكيل الوجود العامِّ على شكل حروف، كل حرف يمثل ناحية من نواحيه، يُدركها الإنسان من خلال شكل ذلك الحرف ورمزيته. وكلما حفظ حرفا استوى على عرش المعرفة،وامتلك قوة الحياة، وفرَّق أنفاسهُ في أصناف اللغات، وكَتب في لوح الوجود ما يشاء من الكلمات.
فالحرف عند العرفاء حقيقة وقناع، ورمز وصورة، يمارس لعبة باطنية Esotérique تؤشر عليه، وليس من السهل الترميز له لإدراك مراميه، ولا الوقوف على تخوم النوع المعرفي الذي يؤسسه منطقه كدالٍّ ومدلول في الوقت نفسه، أو يورمئ إليه، غير أننا نستطيع الاقتراب منه، والحديثَ عنه كشبكة رموز تكمن وراءها سلاسسلُ من المعاني تُلقِّحنا ضد الإدهاش الذي يزرعه لأول وهلة: في العين والذاكرة والوجدان والمخيال، فهو Symbole مختلف في معناه تماما عما في علم الدلالة Sémiologie لأن أنظمته تحفر في القول، والحلم، والأسطورة، والتصوف، والوجود، وفي الماورائي.
فعالَم الحرف هو عالم الوجود في مستوييه: الخفي والجلي، إذ الوجود ما هو إلا حرف، وهذا الحرف مَشاهدُ وأشكال تُرينا الوحدة في عين الكثرة،والكثرة في عين الوحدة.
Visited 35 times, 1 visit(s) today