سمير سكاف 
       إذ وضع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو اللبنانيين أمام شرين كبيرين ليختارا بينهما؛ إما تدمير اسرائيل للبنان، وإما أن يشعلوا حرباً أهلية للتخلص من سلاح حزب الله!
نتانياهو، الذي دعا في خطابه الأخير اللبنانيين “كي يتصرفوا” لإيجاد حل داخلي لسلاح حزب الله، يدرك تماماً أن ما يحاول الجيش الاسرائيلي تنفيذه بالقوة لن يلاقيه اللبنانيون فيه “عسكرياً”. 
ولكن اللبنانيين، الذين لا يريدون الحرب، غير قادرين على إقناع حزب الله لا بفك الارتباط عن الحرب على غزة، وبالتأكيد، لا بتسليم سلاحه للجيش اللبناني!
في الواقع، ضغط نتانياهو الجديد على اللبناني جاء نتيجة الضوء الأخضر الذي تلقاه من الرئيس الأميركي جو بايدن في مكالمتهما الأخيرة. وذلك، للاستمرار في كسر كل احتمالات تهديد سلاح حزب لاسرائيل، وفي كسر هيمنة حزب الله على القرار السياسي في لبنان!
بالتأكيد، لن ينجر اللبنانيون إلى حرب أهلية كرمى لأي كان، ولا تحت ضغط أي كان! فالتجارب القاسية على مدى نصف قرن تدفعهم لخيار بناء الدولة وليس لتدمير ما تبقى! 
ومع ذلك، فإنهم لن يتمكنوا من تجنب إعصار نار جديد سيحل بهم ويضرب أرض الوطن كله! بالإضافة إلى تهجير إضافي قد يرتفع من 1.2 مليون مواطن إلى حوالى 2 مليون على وقع تحذيرات “مرشد التهجير” الإسرائيلي بإخلاء المباني والشوارع والقرى!
 
لا وقف للنار إلا بمزيد من النار!
    يبني نتانياهو مع الجيش الإسرائيلي استراتيجية المواجهة مع حزب الله، كما بناها مع غزة؛ لا وقف للنار إلا بمزيد من النار! وهو بذلك يغتال كل المبادرات الديبلوماسية في مهدها! بالإضافة الى الاستمرار بعمليات اغتيالاته العسكرية.
فهو يدرك أن حزب الله لن يستسلم. وأنه سيواجه بشراسة على أرض الجنوب لمنع توغله البري، أو لتأخيره على الأقل! فالجيش الإسرائيلي اعترف مؤخراً بسقوط (حتى يوم أمس) 13 جندياً له على الأراضي اللبنانية في المواجهات مع حزب الله. في حين أنه يسوِّق لإسقاطه بالمقابل لأكثر من 440 مقاتلاً للحزب.
التوغل البري الإسرائيلي في حال نجاحه، هل يقف عند حزام أمني من 5 أو 7 أو 10 كم أو يصل إلى الليطاني، أو قد يفتح شهية نتانياهو للوصول إلى مشارف بيروت؟! 
ولكن حلم الوصول إلى بيروت يحتاج إلى توغل بأكثر من 150.000 الى 200.000 جندي، أي كما بالعام 1982، مع فارق بين التجهيزات والتكنولوجيا الحديثة!
وهو على أي حال ينذر أن المعركة طويلة جداً، ولن تكون “خاطفة”!
حزب الله الذي يقاتل، وهو “يعض على جروح كثيرة” من اغتيال قائده وملهمه السيد حسن نصرالله، إلى اغتيال قادته العسكريين التاريخيين من فؤاد شكر إلى ابراهيم عقيل إلى علي كركي إلى محمد سرور إلى كل قيادة الرضوان إلى إصابة بالغة لحوالى 4.000 من مقاتليه بتفجيرات البايجرز واللاسلكي… 
ولكن الحزب نجح مؤخراً باستهداف حيفا صاروخياً. ما يؤكد أيضاً أن النار لن تتوقف إلا بالنار! 
 
ديبلوماسية الـ1701 في جهنم ساخنة!
    لا مبادرة الأسابيع الثلاثة الفرنسية ولا مبادرات الرئيس بايدن ولا المؤتمر لأجل لبنان المنتظر قريباً في باريس، والذي سيغلب عليه الطابع الانساني أكثر منه السياسي يستطيعون وقف النار في لبنان! 
فأهداف نتانياهو لا تتحقق إلا بالنار وحزب الله الذي فوّض الرئيس نبيه بري للتفاوض على لسان قائده “الفعلي” نعيم قاسم، من أجل وقف النار ليس له خيار آخر سوى المواجهة بالنار، وإلا الاستسلام! وهو بالتأكيد لن يستسلم! 
الحل إذن ليس قريباً! هو “عالنار” وبالنار! وطبخ الـ1701 “المتصابي” بعد 18 سنة على عدم تنفيذه، يخبيء في بنده الثالث تطبيق القرار 1559 ونزع سلاح حزب الله! ما ينذر بشتاء… لهّاب!