غياب الشاعر والفنان الجنوب إفريقي برايتن بريتنباخ
باريس- المعطي قبال
في الرابع والعشرين من هذا الشهر، توفي في باريس عن سن 85 سنة الشاعر والرسام برايتن بريتنباخ، الذي كان يلقبه بعض من أصدقائه ومن باب التحبيب بكنية أحرفه الأولى BB .
يعتبر الشاعر من أجود كتاب لغة الأفريكان. كان الرجل الأبيض المناهض للميز العنصري والمدافع عن السود في بلد كان آنذاك مثخنا بالعنصرية، بالحقد والقتل المجاني للسود. لم يكتف بتوظيف القصيدة لمناهضة هذا الميز والتمييز بل نزل إلى الحلبة ليعتمر ثوب المناضل العضوي. بسبب نشاطه، تم اعتقاله ليقضي 7 سنوات في السجن. حتى بعد تسريحه، توالت التهديدات وتحرشات العديد من الخصوم، غادر على إثرها عام 1960 بلده ليستقر في باريس التي جعل منها معقلا لنضاله ضد الميز العنصري والعرقي بجنوب إفريقيا.
أصدر برايتن أزيد من 50 مؤلفا أهمها «اعترافات حقيقية لإرهابي ألبينو»، وهي سرديات كتبها في السجن، ودواوين شعرية كتبها في لغته الأم. ولد برايتن براتنبخ عام 1939 بمدينة بونييفال وهي مدينة صغيرة تابعة لمنطقة الكاب.
تزوج من فيتنامية نكاية بنظام الأبارتايد، الذي يحرم اختلاط الأزواج ويعاقب بالسجن كل من لا يحترم هذا القانون. كان الرئيس فرانسوا ميتران من وراء التدخل لفك سراحه بعد أن قضى من بين السنوات السبع سنتين في العزلة التامة.
بعد انفراط نظام الأبارتايد لم تكن كلمات بريتنباخ لطيفة ولا متسامحة تجاه النخبة الحاكمة الجديدة. شعر برايتنباخ بخيبة أمل كبرى تجاه طريقة تسيير البلد من طرف مرتشين وسماسرة أطلق عليهم تسمية «بهلوانيين مرتشين».
من بين الشعراء الذين كانت تربطه وإياهم علاقة صداقة، بل إخاء نذكر محمود درويش. حضر برايتن الأمسية الشعرية التي أحياها درويش ومنشورات أكت سود، قبل وفاته بمدينة آرل بجنوب فرنسا. ولما وصله خبر الوفاة كتب نصا شعريا مؤثرا يحتفي فيه بغياب درويش.
جاء في احدى الفقرات: «لا قدرة لنا أن نموت أو نكتب نيابة عن شعبه أو نيابة عن محمود درويش. ومع ذلك حتى وإن بدت الالتفاتة عديمة الجدوى، أود ان أقول إنني كنت فخورا بتعرفي على رجل مثل محمود درويش، يا له من فخر وهبة نظرا لمكانة شعره، وأرغب إحياء كرامة وجمالية حياته بتقاسم هذه اللحظة الرقيقة معكم».