أمن إسرائيل.. هل يمرُّ بحرب إقليمية؟!
سمير سكاف
لا أمن في إسرائيل من دون حرب إقليمية! هذا ما يعتقده الجيش الإسرائيلي. وبالفعل، فإن إسرائيل تشن هذه الحرب الإقليمية “بالمفرق”، مستهدفة كل جبهة على حدة.
تتجنب إسرائيل ما يزعم به رئيس حكومتها بنيامين نتانياهو أن تقاتل على 7 جبهات في الوقت نفسه! فهي تقاتل بالواقع في حروب متتالية وليس متوازية. وإن تقاطعت العمليات بينها أحياناً.
مرحلة الستين يوماً في لبنان تنتظر نهاية الشهر المقبل من العام الجديد. وتنتظر وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على أمل انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان قبل ذلك.
حزب الله يحاول من جهته الحفاظ على ستاتيكو ما قبل عملية البايجرز شمال الليطاني، وعلى التباطؤ في تنفيذ الـ 1701 – جنوبه، في مقابل خروقات إسرائيلية مستمرة لوقف إطلاق النار، وقضم لبعض الأحياء، والاستمرار في تدمير بعض المباني في قرى الناقورة وكفركلا وغيرها من القرى الحدودية.
في سوريا، تخلصت إسرائيل من سلاح الجيش السوري كما يتخلص لاعبو الـ games من خصومهم عندما يلعبون بشكل منفرد؛ أي باللعب، وبكبس أزرار ومن دون التكبد بأي خسائر على الإطلاق. مع نتائج… “ولا بالأحلام”!
وقد احتلت إسرائيل في سوريا، كما يعكس إعلامها، حوالي 500 كم مربع حتى الآن. من دون معرفة نواياها الحقيقية تجاه هذه الأراضي المحتلة الجديدة!
ومع ذلك، يمكن تقدير إنشاء إسرائيل لحزام أمني كبير يبعد المخاطر عنها، ويقطع طرق إمداد حزب الله، ويمنع عنه إمكانية إعادة التجهيز، مع ما تردد أن رئيس حكومتها بنيامين نتانياهو طلب من الجيش الإسرائيلي البقاء في سوريا طيلة العام 2025.
إسرائيل في وادٍ والسلطة السورية “الجديدة” في وادٍ آخر، ولو كانا على مسافة 25 كم فقط، من جهة دمشق! فحكومة البشير، تدرك أنها تراسل الأمم المتحدة، لوقف الاعتداءات الإسرائيلية. ولكن، من دون جدوى. وهي من جهتها غير قادرة على منعها من التوغل!
في غزة، ما يزال الأسرى الباقون لدى حماس (حوالي 101 أسير، نصفهم قد قُتل على الأرجح) يؤخرون رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو من الإجهاز على رفح و/أو إعلان النصر! فغزة “الحرة” انتهت. وهي دخلت مرحلة احتلال عسكري طويل، ومجهول الأبعاد. وأحلى الحلول فيها علقم! وحتى العلقم، ليس قريباً!
مع الحوثيين، ستكون معركة إسرائيل مباشرة بالغارات الجوية من جهة، وغير مباشرة بتمكين الأميركيين لمجلس القيادة الرئاسي من استعادة السلطة في اليمن من جهة أخرى.
أما العراق فقد يواجه نوعاً من حرب أهلية واقتتال داخلي بهدف تصفية الحشد الشعبي وأخواته.
أما الهدف الأكبر، وقد لا يكون بالضرورة هو الهدف النهائي، أي الأخير بالترتيب الزمني، هو الحرس الثوري في إيران. وقد يكون أسهل الطرق ضده هو انقلاب “رئاسي” “دستوري” للسلطة في إيران، كأن يواجه الجيش الإيراني والإصلاحيون الحرس الثوري!
وهو ما سيكون أقل كلفة على المنطقة من حرب مباشرة. علماً أن المؤشرات السياسية تذهب باتحاه أن قراراً أميركياً – إسرائيلياً بتغيير السلطة في إيران قد اتُخذ! ولا تبدو إيران قادرة على توقيفه أو منع حدوثه!
لم تنتهِ الأمور في سوريا بعد! فإسرائيل مستمرة بتدمير ما تبقى من البنى التحتية ومن التجهيزات العسكرية للجيش السوري بهدف منع وقوف الجيش مستقبلاً. ولا يبدو أن شيئاً ما يمنع إسرائيل من التوغل أكثر باتجاه دمشق، أو حتى باتجاه لبنان وبهدف تطويق حزب الله من جهة البقاع!
وبعد الانتهاء من النظام السوري وانهاء مخاطر حزب الله وتدمير بنية حماس العسكرية وتدمير غزة تتحول إسرائيل، كما ذكرت، إسرائيل ثلاثة أهداف أخرى هي الحوثيين في اليمن أولاً، ومن ثم الحرس الثوري في طهران قبل الحشد الشعبي العراقي، إذا ما اعتبرت إسرائيل أن الحشد الشعبي لا يشكل أي خطر صاروخي جدي عليها.
إسرائيل هي رأس الأفعى لإيران في المنطقة وإيران هي رأس الأفعى لإسرائيل. ومع ذلك، فإن المواجهات المباشرة بينهما نادرة، باستثناء الهجمات الأخيرة المتبادلة بالغارات من إسرائيل وبالصواريخ والمسيّرات من إيران. مؤذية من الجانب الإسرائيلي في ضرب التجهيزات، ولطيفة من الجانب الإيراني. ومن دون هدف إسقاط قتلى من الجانبين.
إسرائيل تستهدف من جهتها المنشآت النووية الإيرانية منذ 22 عاماً. وذلك، مخابراتياً، سيبيرانياً وديبلوماسياً. بانتظار قرار ضربها عسكرياً عاجلاً أم آجلاً، إذا ما فشلت وسائل التدمير الثلاثة الأخرى.
فإسرائيل لن تترك أي احتمال لخطر نووي على وجودها في المنطقة، تماماً كما كانت قد دمرت منذ سنوات مفاعل أوزيراك العراقي في السابع من حزيران/يونيو من العام 1981.
ولا يمكن استبعاد تحريك الولايات المتحدة المعارضة أو الجيش الإيراني بهدف محاولة قلب النظام في إيران للتخلص من الحرس الثوري والثورة الإيرانية.
كل ذلك، يخفف من ضغوط وتكاليف حرب عسكرية على إيران، قد لا تكون كبيرة، بالقياس على ما جرى في سوريا وان اختلف الوضع بين الحرس الثوري وبين نظام الأسد!
أما مسألة الضفة الغربية فتبقى هي السؤال الكبير! إذ إن إسرائيل ستتابع عملية القضم والاستيطان بانتظار قرار كبير هو أقرب إسرائيل الترانسفير منه إسرائيل حل الدولتين!
ويبقى السؤال الأبرز في سياق هذه الحرب الإقليمية التي تخوضها إسرائيل؛ هل تتحول الحرب من غير مباشرة مع إيران إسرائيل حرب عسكرية مباشرة معها بقيادة… الولايات المتحدة؟!
الجواب سينتظر إدارة دونالد ترامب التي ستصل إسرائيل البيت الأبيض خلال شهر واحد؛ عندها يُكرم الشرق الأوسط أو يُستهان بتفتيته!