وقف إطلاق النار لا يعني نهاية الحرب في غزة

وقف إطلاق النار لا يعني نهاية الحرب في غزة
لوحة للفنان الفلسطيني يوسف كتلو
لوحة للفنان الفلسطيني يوسف كتلو

اسماعيل طاهري

         تم الاتفاق بين حماس وإسرائيل على وقف لإطلاق النار بعد أكثر من سنة من حرب ضروس.

ولا يمكن اعتبار هذا الوقف نهاية للحرب، فوقف إطلاق النار على ثلاثة مراحل قد يهدد بالعودة إلى الحرب خلال هذه المراحل. فلا يمكن الإئتمان بجانب الكيان الصهيوني المجبول على الخديعة والمناورة ونكث العهود.

ومن الصعب الحديث عن منتصر أو منهزم في هذه الحرب:

إسرائيل انهزمت سياسيا وبدت غير قادرة على القضاء على المقاومة أو تهجير السكان من قطاغ غزة. كما انهزمت عسكريا في اليوم الأول للحرب وفقدت هيبتها وانهارت عقيدتها العسكرية التي تختزل في القول إن جيشها لا يهزم والباقي تفاصيل.

أما حماس فقد تكبدت خسائر عسكرية كبيرة. كما تكبد معها شعب غزة الويلات بعد قتل عشرات الآلاف وتشريد معظم سكان القطاع وهدم منازلهم وتدمير البنية التحتية لقطاع غزة بالكامل وهذه خسائر لا يمكن إغفالها.

كما حافظت حماس وفصائل المقاومة في الوقت نفسه على الدعم الشعبي المساند للمقاومة في غزة والضفة والقدس.

كما قدمت دليلا على تنفيذها لخيار المواجهة المفتوحة مع إسرائيل ورغم الخسائر البشرية الكبيرة، فإنها تمكنت من تحطيم أسطورة الجيش الذي لا يهزم. وبينت الأحداث أنه لولا الدعم الغربي المباشر لإسرائيل لانهارت في أسابيع قليلة أمام المقاومة وأنصارها. فخلال الحرب الأخيرة بدا أن الغرب متورط مباشرة في غرفة عملية الحرب، وأنه شريك في جرائم الإبادة.

في مثل هذه الحروب التي تتم بين قوة الاحتلال والمقاومة فالمقاومة دائما هي التي تنتصر في النهاية مهما كانت قوة الجيش المحتل، فهذا قانون التاريخ. ما دام أن الفلسطينيين يناضلون من أجل الاستقلال فالنصر سيكون حليفهم في النهاية مهما طال الزمن. ولو افترضنا أن الفلسطينيين خسروا عشرات المعارك فإنهم سينتصرون إذا هزموا إسرائيل مرة واحدة. وحروب الاستقلال لا تقاس بعدد القتلى والجرحى والمعطوبين والمنازل المهدمة، وإنما تقاس بمدى قدرة المقاومة على الصمود والتشبث بالمبادئ العليا لتحرر الشعوب وأهمها الاستقلال والديمقراطية.

لذلك نقول وبدون تردد إن الفلسطينيين انتصروا في معركة طوفان الأقصى، لأن قضيتهم عادلة وهم يناضلون من أجل الاستقلال، وهذا مطلب عزيز على كافة الشعوب التواقة بطبعها إلى الحرية. أما إسرائيل ككيان عنصري ودولة دينية نازية فاشية فلا مستقبل لمشروعها الاستعماري الاستيطاني البغيض، وما إدانة قادتها من طرف المحكمة الجنائية الدولية إلا مقدمة لفضح هذا الكيان الغاشم في أفق انهياره.

أما الغرب ودعاة العالم الحر فقد خسروا المعركة بعد تحيزهم الأعمى لإسرائيل  في “حرب رد العدوان”، كما أسمتها إسرائيل. وبدا واضحا للعالم أن الكيل بمكيالين عقيدة غربية تكشف زيف شعارات العالم الحر  وتقدمه وديمقراطيته التمثيلية وأنانيته وانتهازيته، وتوظيف كل وسيلة مشروعة أو غير مشروعة لتحقيق مصالحه والدفاع عنها، ولو بدوس القيم الكونية لحقوق الإنسان والمقاصد النبيلة للثقافات المحلية لكافة الشعوب، وفي القلب منها مقاصد الديانات السماوية والأرضية السمحة.

Visited 8 times, 8 visit(s) today
شارك الموضوع

اسماعيل طاهري

كاتب وباحث من المغرب