ترامب يعيد إحياء مصطلح لينين عن الإمبريالية
د. زياد منصور
يشكل إعداد مشروع قانون للكونغرس الأمريكي يسمح لدونالد ترامب ببدء المفاوضات مع السلطات الدنماركية بشأن شراء جرينلاند فور توليه منصبه يشير إلى أنه في بداية حملته الانتخابية، استخدم دونالد ترامب أساليب التخويف وراقب بعناية رد فعل الجمهور. ولم يتوقع أن يكون هناك مؤيدون لموقفه في جرينلاند، وتفاجأ عندما علم أن الدنمارك تدعم فكرته أيضًا. علاوة على ذلك، بدأوا في أوروبا بمناقشة إمكانية نقل جرينلاند إلى الولاية القضائية للولايات المتحدة.
ماذا يعني هذا الأمر؟
في الواقع، يبدو أن الرأي العام قد تغير خلال أسبوعين، وبدأ الكثيرون يفكرون في إمكانية تغيير الولاية القضائية لجرينلاند إلى الولاية الأمريكية.
من الواضح أن ترامب لم يتوقع في البداية نتيجة إيجابية من مناقشة وطرح هذا الموضوع، ولكن حاليا هناك احتمال أن تصبح غرينلاند جزءا من الولايات المتحدة.
إن إنشاء القارة الأمريكية العملاقة سيكون حدثًا مهمًا للغاية إذا انضمت كندا إلى الولايات المتحدة. ومع ذلك، كما ذكر المرشح لمنصب رئيس البنتاغون، تخطط الولايات المتحدة لتنفيذ عملية إعادة انتشار واسعة النطاق لقواتها المسلحة، وهنا يتعلق هذا في المقام الأول بمنطقة الشرق الأوسط ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ.
تجدر الإشارة إلى أن ترامب من مؤيدي مبدأ مونرو الذي ينص على المبادئ الأربعة لمبدأ مونرو التالية: لن تتدخل الولايات المتحدة في الشؤون الأوروبية؛ تعترف الولايات المتحدة بالمستعمرات القائمة في الأميركيتين ولن تتدخل فيها؛ كان نصف الكرة الغربي مغلقاً أمام الاستعمار المستقبلي؛ إذا حاولت قوة أوروبية التدخل في أي دولة في العالم، فإنها لن تقبل بأي شكل من الأشكال التدخل في شؤونها الداخلية.
هكذا يعتبر ترامب القارتين الأمريكيتين مجال نفوذ دولته، حيث من الضروري فرض السيطرة الكاملة. فعليًّا سيؤدي هذا الأمر إلى تغيير تدريجي في أولويات السياسة الخارجية الأميركية.
من الواضح أن أحد الجوانب الرئيسية لسياسة دونالد ترامب هو رفض العولمة والانتقال إلى سياسة تضع فيها الولايات المتحدة نفسها كقوة إمبريالية. ويلتزم ترامب بدمج كندا والمكسيك في الولايات المتحدة. ومن المرجح أن يتكثف الاتجاه نحو التحول من العولمة إلى السياسة الإمبريالية، والتي تعني نظريًّا استخدام القوة من قبل دول قوية لفرض هيمنتها على الدول الضعيفة.
بهذا المعنى فإن الإمبريالية تتميز بطابعين أساسيين:
-الأول بالمعنى الاقتصادي، وتتمثَّل في زيادة تركيز ومركزة رأس المال (أي أن تصبح الشركات الرأسمالية أكبر وأضخم من ناحية الحجم والإنتاج، وأقل من ناحية العدد) مما يؤدي إلى الاندماج بين الدولة ورأس المال الاحتكاري الخاص.
-الطابع الثاني التنافس على الأسواق والاستثمارات والمواد الخام على مستوى العالم. بهذا المعنى، فإن التنافس سيأخذ شكل المواجهة العسكرية الشرسة بين الدول، وتصبح العلاقات بين الدول وبعضها علاقات غير متساوية، حيث يسمح التطور المركب واللامتكافئ لعدد قليل من الدول المتقدمة (أي الدول الإمبريالية) بالسيطرة على بقية دول العالم نظرا لتفوقها العسكري وقدرتها الإنتاجية العالية.
هكذا يعيد ترامب إحياء المصطلح اللينيني عن الإمبريالية، ويسقط مصطلح هنتنغتون عن الغلوباليزيم والعولمة..