خيار المواجهة…
د. رودريك نوفل
سيبقى خيار بيروت المواجهة رغماً عنها!
كيف لا وهي تواجه من داخل البيت أخوة ضالين بضلال الغريب و المستفيد من الخارج.
شهدنا في الآونة الأخيرة امتعاض جماعة الممانعة من أيّ ردّ و أيّ معارض يقول “لا، لن تستأثروا بمصير البلد يا طغاة”، ولعل المواجهة أزعجت من تعَوّد على “السلبطة” والهيمنة وغش الناس و قيادتهم إلى الهاوية و المجهول.
نحن اليوم نواجه سلطة متجذرة و ثابتة في الفساد و الخنوع والانصياع. فالمشهد من بعيد واضح أكثر منه لمن ينظر إليه من أهل البَيت.
تشتت وتضعضع وضياع، فمن يظن نفسه وجه تغييري قديم جديد، كالمخزومي مثلاً، فهو لا يدري ضعفه إن كان عن حسن أو سوء نيّة؛ هو لم يتقدم باستقالته بعد انفجار 4 آب 2020 محملاً نفسه عبء تغطية المنطومة الفاسدة، والتي ينتقدها في العلن ويجلس معها في الخفاء.
الاستقالة لم تكن لتغيّر شيئا في وضع البلد العاجز، لكنها كانت ستغيّر نظرة الناس والمجتمع، وحتى الكرسي داخل المجلس، ليست علّة لخدمة الناس، ولا حجة بقائها غيّرت بالتشريع؛ فالاستقالة كانت لتكون موقفا وطنيا تضامنيا مع شعبٍ يموت و رزح تحت نير الاحتلال الإيراني.
وهناك من يظنّ نفسه ويوهم المجتمع البيروتي كونه يقدم طرحاً جديداً معارضاً لأي تيّار سياسي، وهو من صميم تيّار المستقبل الذي اختار الهروب “غير التكتيكي و الجبان” بدلاً من المواجهة ورفع السقف، وإعلاء شأن البيارتة فوق الشخصانيّة والكرسي النيابي…
وبالتحالف مع من؟ الجماعة الإسلاميّة حليف التيّار الوطني الحرّ بدوره حليف حزب الاحتلال الإيراني، الذي عندما نذكره نحدّث ولا حرج، فرضه التكاليف الشرعيّة بانتخاب أمين شرّي غير البيروتي ممثلاً لمشروع إيران في بيروت!
أوليست وقاحة فوق العادة؟
وقاحة الاحتلال، وقاحة العمالة، وقاحة التبعيّة… وقاحة تمزيق صوَر للائحة أخرى أزعجتهم، لأنها تدغدغ يقين الشارع البيروتي وتحثه على اختيارٍ نقي سيادي وطني عربي غير تابع!
لا أعرف أكيد أعضاء تلك اللائحة بالاسم ولا ماضيهم أو تاريخهم! لكن يكفيني أنهم جميعاً قرروا قول “لا” والوقوف في وجه مشروع الهيمنة الإيرانية، يكفي أن من يدعمهم من شعب وسياسيين لم يخضعوا يوماً، فعلى سبيل المثال لا الحصر يخطر اسم الرئيس فؤاد السنيورة الذي كان السدّ المنيع ضد تغلغل حزب إيران في الحكومة، حين كان رئيسها حيث حاولوا مراراً تحييده، وفي النهاية حصل التحييد لمصلحة سعد الحريري ابن رفيق السنيورة، الذي عندما قرر المضي بعيداً عن السياسة بادره الأخير بمدّ اليد وفتح بيته وقلبه ودعمه علناً، إذ قال فيه: “أخي سعد…”، لكن تلك الأخوّة لم يتم تلقفها من الجانب الآخر، الذي أمعن في الهروب بدل المواجهة.
أنا المواطن غير البيروتي والغيور على بيروت، التي لم تمت رغم كل محاولات الغدر ولن تموت، نعم لن تموت.. ما دام هناك وطنيون يرفضون الانصياع ويختارون عنوان…”بيروت تواجه”.