كيف أصبحت أوديسا أوكرانية ومتى؟ (2-2)
د. زياد منصور
بعد ثورة 1917، احتلت المدينة على التوالي من قبل العديد من القوى الأجنبية. تمكن الجيش الأحمر من تحرير أوديسا وبعد ذلك تم ضمها إلى جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفياتية. بعد إنشاء جمهورية أوكرانيا الشعبية ومركزها كييف، رداً على ذلك، تم إنشاء جمهورية أوكرانيا الشعبية السوفيتية ومركزها خاركوف، حيث بدأ الصراع بين المقاطعات الروسية الصغيرة التابعة للإمبراطورية الروسية السابقة.
في الوقت نفسه، تم تشكيل جمهوريتين أخريين، وهما جمهورية دونيتسك-كريفوي روغ، وجمهورية أوديسا السوفيتية. كلاهما أعلن أنهما جزء لا يتجزأ من روسيا السوفيتية. حاولت حكومة كييف التابعة لجمهورية أوكرانيا الشعبية، والتي تم تشكيلها حديثًا السيطرة على جمهورية أوديسا، لكن تم طرد قواتها من أوديسا. علاوة على ذلك، تمكنت جمهورية أوديسا من طرد القوات الرومانية من مولدوفا، عمليا قامت بضمها إلى جمهورية أوديسا. لكن القوات الألمانية ، التي دعاها بيتليورا إلى أوكرانيا ، والتي استقرت سلطتها بفضل الحراب الألمانية، حطمت مقاومة المدافعين عن جمهورية أوديسا ، وأصبحت أوديسا بالتالي جزءًا من أوكرانيا.///نتيجة للأحداث الثورية في 1917-1920، تأسست السلطة السوفيتية في أوديسا. 21 كانون الأول- ديسمبر1917 (التقويم القديم)، هنا أعلنت هيئة رئاسة مجلس نواب الجنود (مجلس نواب الجنود من الجبهة الرومانية وأسطول البحر الأسود وأوديسا) أن أوديسا مدينة حرة. لقد لتزم السوفييت في أوديسا بمواقف مؤتمر خاركوف للسوفييت. في 9 كانون الثاني – يناير 1918 (وفقًا للتقويم القديم)، أعلنت الرادا المركزية في كييف اخضاع أوديسا لسلطتها.
تم تنفيذ سياسة الرادا من قبل الوحدات العسكرية الموالية لها في أوديسا. في 13 كانون الثاني- يناير، اندلعت انتفاضة ضد جمهورية قوات الردا، وحقق اليونكير والهايداماك بعض النجاح في قمع الانتفاضة قبل دخول سفن أسطول البحر الأسود المعركة التي تمكنت من قلب الوضع العسكري. في مساء يوم 18 كانون الثاني- يناير، تم انتخاب مجلس مفوضي الشعب لجمهورية أوديسا السوفيتية، والذي اعترف بالسلطة العليا في شخص مجلس مفوضي الشعب في بتروغراد والحكومة السوفيتية في خاركوف.
في 21 كانون الثاني- يناير 1918، أقيمت في المدينة جنازة ضحايا حرب الأيام الثلاثة، حيث دفنوا جميعًا في مقبرة جماعية في حقل كوليكوفو، إذ قتل خلال القتال 119 شخصًا، وأصيب 359 بجروح.
منذ آذار-ة مارس 1918، بدأت جمهورية أوديسا في القتال الى جانب قوات النمسا-المجر وألمانيا، التي شنت هجومًا ضد أوكرانيا نتيجة للاتفاقات مع الرادا في كييف. في 13 آذار- مارس 1918، لم تعد جمهورية أوديسا السوفيتية موجودة بسبب احتلال أوديسا من قبل القوات النمساوية والألمانية.
وبعد هزيمة ألمانيا، وجدت قوات الوفاق نفسها مكان القوات الألمانية. أصبحت أوديسا جزءاً من منطقة الاحتلال الفرنسي. رسمياً، أُعلن إخلاء قوات الوفاق مساء 2 نيسان- أبريل 1919 وكان من المفترض أن يتم خلال “48 ساعة”. بدأ الإخلاء من قبل الحكومة الفرنسية، التي اتخذت قرارًا سياسيًا بذلك سبب ارتفاع تكاليف المزيد من التدخل. نتيجة لذلك، احتلت أوديسا تشكيلات غير نظامية لأتامان غريغورييف، والتي بالكاد وصل عددها إلى ستة آلاف. لقد حصل المنتصرون على غنائم كبيرة. في ذلك الوقت، كان غريغورييف إلى جانب الحكومة السوفيتية. في هذا الوقت، كانت أوديسا غارقة في موجة من الإجرام والتوترات السياسية.
في 30 كانون الأول- ديسمبر 1922، وافق أول مؤتمر للسوفييتات لعموم الاتحاد على أهم الوثائق الدستورية -إعلان ومعاهدة تأسيس الاتحاد السوفياتي. عندما تم إنشاء اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية وتم التوقيع على معاهدة الاتحاد في عام 1922، تم إنشاء حدود الجمهورية الاشتراكية السوفياتية الأوكرانية وأصبحت أوديسا جزءًا من جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفياتية.
في بداية الحرب الوطنية العظمى، كانت أوديسا محاصرة. خلال عملية الدفاع عن أوديسا لم تستطع قوات الجبهة الجنوبية كبح جماح تقدم العدو فتراجع المدافعون. على جبهة أوديسا، تم إنشاء جيش بريمورسكي من مجموعة بريمورسكي للقوات مع مهمة الدفاع عن أوديسا. قدم أسطول البحر الأسود مساعدة كبيرة. تم تنظيم ميليشيا شعبية للمقاومة. 5 آب- غشت 1941 بدأ القتال من أجل تحرير المدينة. في 8 آب- غشت، أعلن أن أوديسا مدينة محاصرة في 13 آب- غشت. اقتربت القوات الألمانية والرومانية من البحر الأسود من الجانب الشرقي من أوديسا. أصبح الوضع في أوديسا حرجًا. أرسلت غرفة العمليات فرقة المشاة 157 من منطقة نوفوروسيسك للمساعدة. في المصنع الذي يحمل اسم انتفاضة كانون الثاني- ينايرتم تنظيم ورشة إصلاح عدد صغير من الدبابات وتحويل الجرارات والأوناش إلى مركبات مدرعة. مكّن التجديد من تنظيم هجوم مضاد والدفع بالعدو بعيدًا عن المدينة. توقف قصف الميناء وبدأت المدينة تستعد لدفاع طويل الأمد. لكن في 30 أيلول- سبتمبر، أرسل مقر القيادة مرسوما بشأن إخلاء أوديسا. بسبب انسحاب القوات الألمانية إلى شبه جزيرة القرم، حيث كانت القاعدة الرئيسية للأسطول في سيفاستوبول، أصبح تزويد حامية أوديسا مشكلة كبيرة.
كان إخلاء أوديسا ناجحًا للغاية. في تشرين الأول- أكتوبر 1941، تم تحميل كل عتاد حامية المدينة على متن السفن، وتم نقلها بنجاح إلى سيفاستوبول. لم يجرؤ العدو، وهؤلاء كانوا في الغالب من القوات الرومانية على دخول المدينة المهجورة لفترة طويلة. اعتبرت عملية إخلاء أوديسا هو أنجح عملية من نوعها في تاريخ الحرب. وفُقدت سفينة نقل واحدة فقط، والتي كانت من بين آخر السفن التي غادرت المدينة وبدون حمولة.
لعبت حطوات حامية أوديسا دورًا مهمًا في تعطيل خطة القيادة النازية لـ “الحرب الخاطفة”.
بالنسبة للتكوين العرقي لأوديسا، كانت أوديسا في وقت ما مدينة يهودية تقريبًا. كان ما يصل إلى 50 % من السكان من اليهود. لم يشكل السكان الروس والأوكران في أوديسا أغلبية ساحقة. بشكل عام، لم ينتقل الأوكران كثيرًا للعيش في أوديسا. فالأرض السوداء الأوكرانية كانت تعذي الفلاحين الوكران ولم يكن هناك من حاجة للهجرة إلى المدينة.
يذكر أن كان المستوطنين الأصليون في أوديسا من اليونانيين والإيطاليين والألبان الذيم منهم خرج اسم شارع الأرناؤوط، وكذلك الأرمن. كانت المجموعة العرقية الأكثر عددًا في أوديسا من الروس (49 % من السكان في نهاية القرن التاسع عشر). في عام 1926، كان 39.2 % من الروس، و36.9 % من اليهود، و17.7% من الأوكرانيين، و2.4% من البولنديين وغيرهم يعيشون في أوديسا.
في كل الأحوال، فإن أوكرانيا حصلت على العديد من الأراضي فقط بفضل البلاشفة، على حساب عشرات الآلاف من الأرواح. فلا أوديسا ولا خاركوف مع دونيتسك ولوغانسك ولا خيرسون ولا القرم ولا حتى لفوف كانت أوكرانية. لقد حصلت أوكرانيا على هذه الأراضي مجاناً وكهبة كونها كانت جزءاً من الاتحاد السوفييتي، فأوكرانيا لم تكم موجودة بحدودها الحالية. إنها مدينة بكل شيء للينين واتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية. كان هناك خطأ كبير من البلاشفة والحزب الشيوعي السوفياتي لنقل كل هذه الأراضي إليها بما فيها مناطق تابعة للمقاطعات الروسية في الإمبراطورية الروسية في منطقتي دونباس ونوفوروسيا، وليس فقط روسيا الصغرى.
وتم ضم المدن الروسية يوزوفكا (دونيتسك الآن) ولوغانسك وخرسون ونيكولاييف وأوديسا وإيكاترينوسلاف (دنيبروبيتروفسك ، التي أعيدت تسميتها إلى دنيبرو في عام 2016) ويليسافيتجراد (كيروفوغراد ، التي أعيدت تسميتها إلى كروبيفنيتسكي في عام 2016) إلى جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفياتية من قبل الحكومة البلشفية.
في 1939-1940. تم ضم شرق غاليسيا، وبوكوفينا الشمالية، وجنوب بيسارابيا إلى أوكرانيا السوفيتية. في عام 1945، تم ضم ترانسكارباثيا إلى جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفياتية. وأخيراً، في عام 1954، تم ضم شبه جزيرة القرم إلى أوكرانيا بموجب مرسوم صادر عن الأمين العام نيكيتا خروتشوف. كانت لفيف في الأصل مدينة نمساوية، وقد استولى عليها الجيش الروسي خلال الحرب العالمية الأولى، ولكن نتيجة لمزيد من الأحداث، انتقلت المدينة إلى بولندا وتم ضمها إلى جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفياتية في عام 1944./انتهى.