معرض الكتاب في بيروت ساحة إيرانية بقيادة قاسم سليماني
السؤال الآن – ريم ياسين
تحت شعار “بيروت الصمود… بيروت لا تنكسر”، وبعد انقطاع قسري دام ثلاث سنوات متتالية بسبب جائحة “كورونا”، أقيمت الدورة 63 لمعرض الكتاب العربي – الدولي في بيروت، وكانت هذا العام بنكهة إيرانية، إذ رفعت صور القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني ومجسمات تماثيله الصغيرة وضعت على الطاولات لبيعها، إذ هي تجارة مربحة لــ “حزب الله” كما يبدو، إلا أن هذا الأمر شكل استفزازا لأغلبية اللبنانيين الذين تساءلوا عن “معنى وضع لوحات وصور كبيرة لقاتل مليون عربي” كما علق بعضهم على مواقع التواصل الاجتماعي، مستنكرين هذه الظاهرة التي لم تكن بيروت تشهد مثلها أبدا، ولم يعرف لها مثيل في السابق، في حدث ثقافي.
وقد احتج كثيرون على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي افتتح المعرض منذ أيام ويستمر حتى 13 مارس – آذار الجاري. إذ مر ميقاتي أمام جناح دار النشر التي استعرضت صور سليماني وكتبا عنه وتذكارات، دون أي تعليق، متجاهلا محاولات تحويل بيروت من الثقافة العربية إلى تعميم ثقافة ولاية الفقيه الإيرانية.
فيما تتسع معارضة سياسات حزب الله التي أوصلت اللبنانيين إلى ما بعد الحضيض، وهي بعدما اعتدت على أمنه ومؤسساته واقتصاده، تقوم اليوم بمصادرة ثقافته. وهو ما اعتبره ناشطون وكتاب ومثقفون أبلغ تعبير على أن لبنان واقع تحت الاحتلال الإيراني، وعلى اللبنانيين مقاومة هذا الاحتلال.
تعليقا على الواقعة كتبت النائب رولا الطبش:
“بيروت مستباحة. هذه حقيقة بشعة نعيشها منذ زمن للأسف ونرى يومياً كيف لا يوفر “حزب الله”، ومن خلفه إيران، فرصة لتغيير هويتها، لكنها دحرت غزاة كثرا. ومهما حاولوا سيبقى معرض الكتاب جزءاً من هوية بيروت العربية”.
وكتب النائب السابق فارس سعيد:
“معرض الكتاب العربي تحوّل إلى فارسي بغياب وزير الثقافة ورئيس الحكومة، لا نلوم فخامة الرئيس لأنه لم يقتنع يوماً بعروبة لبنان، خاصة بعد تحالفه مع حزب الله”.
بدوره دوَّن الشيخ د. حسن مرعب:
“في معرض الكتاب الدولي في بيروت غابت الدول العربية ودُورُها وكتبها، وحلت مكانها دُور إيران وأصنامها وهم فرحون بعودة المعرض بعد انقطاع لسنوات، وصدق الإمام علي يوم قال: سمعتك تبني مسجدا من خيانة وأنت بحمد الله غير موفق كمُطعمة الزهاد من كدِّ فرجها لكِ الويلُ، لا تزني، ولا تتصدقي”.
كثيرون أيضا سجلوا استنكارهم، معتبرين أن “صور المجرم وقاتل الأطفال سليماني دنست معرض الكتاب العربي ــ الدولي”.
وسجل عمر زين الدين تدوينة قال فيها:
“هذا ليس معرض بيروت الدولي إنما معرض حزب الله لنشر ثقافة الإرهاب والقتل والدماء”.
أما ربيع كلش، فاعتبر الجناح الذي به مجسمات سليماني، يجب أن يسمى “جناح كيف تكون إرهابيا؟”.
وتحت وسم زمن الأوغاد علقت إحداهن:
“معرض الكتاب، يعني ثقافة، يعني حضارة.. شو خص قاتل الأطفال، والمخطط للجرائم لتوضع صورته في وسط المعرض”.
وكتبت مدام كنعان متسائلة:
“ماذا يفعل سليماني قاتل العرب من سوريين ولبنانيين وعراقيين ويمنيين.. ماذا يفعل هذا الفارسي الوغد في معرض الكتاب العربي، جاوب يا ميقاتي، دولة بلا كرامة بلا شرف“.
ورأى مدون إنه عندما يتحول معرض الكتاب الى معرض لتمجيد ثقافة الموت الغيبية، يجب الترحم على الهوية الثقافية للدولة المضيفة للمعرض”.
أما الصحفي جميل ضاهر فعلق تحت وسم لبنان تحت الاحتلال:
“ممكن فهم وجود صورة للشاعر الفارسي عمر الخيام أو المخرج أصغر فرهادي أو كوكُوكش في معرض الكتاب العربي في بيروت (المحتلة)، أما أن تضع صور رموز التخلف والإرهاب فهذا يمثل درجة الانحطاط الذي أوصلنا إليها حزب إيران”.
وكان رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، افتتح المعرض في دورته الثالثة والستين، في قاعة المعارض “سي سايد أرينا” في الواجهة البحرية لبيروت، بدعوة من النادي الثقافي العربي ومشاركة حشد من الدبلوماسيين والسياسيين وعدد كبير من دور النشر. ويأتي بعد غياب قسري دام نحو سنتين بسبب الثورات وجائحة كورونا.
وقالت رئيسة النادي السيدة سلوى السنيورة بعاصيري، إن عودة المعرض “في هذا الظرف بالذات هي واجب ثقافي معرفي لا ينفصل عن الرسالة التي نذر النادي نفسه لها منذ البدايات، أي منذ تاريخ التأسيس في العام 1944، لتكون رسالته جزءاً من رسالة استقلال لبنان في العام 1943، في شبه ترابطٍ بين التاريخين”.
وأضافت:
“بيروت التي عرفناها عطراً يفوح في رحاب الفكر والمعرفة، متجاوزةً كل محاولات تغيير المعالم والهوية”، موجهة تحية إكبارٍ وتقدير إلى شخصيتين يفتقدهما معرض الكتاب في دورته هذه كما تفتقد عطاءاتهما دور النشر قاطبةً، وهما السيد رياض نجيب الرئيس الذي فارقنا في 26 سبتمبر – أيلول 2020 ، وسماح سهيل إدريس في 25 نوفمبر تشرين الثاني 2021. وكلنا أملٌ أن تبقى سيرتهما حافزاً لسائرِ دور النشر في بذل المزيد لتعزيز الدور الفكري والثقافي لصناعة الكتاب ونشره”.
من جهته، قال ميقاتي:
“إن بيروت، ولو سقطت لبعض الوقت، تعود وتنهض من جديد أقوى وأكثر عزماً وإصراراً، بإرادة جميع اللبنانيين مهما قست عليهم الأيام”.
وأكد:
“معركتنا مع كل من يتربص بنا شرًّا، ليست فقط بالسياسة وبالموقف والمواجهات الميدانية، بل بالكلمة أيضًا وبالعلم والفكر، بالتربية والكتاب. معركتنا هي ضد الجهل والمجهول، بل هي ضد كل من لا يريد لوطننا ولأوطاننا العربية التقدّم والإستقرار والإزدهار”. وبحسب متابعين أن معرض كتاب بيروت الحالي لم يكن يشبه بيروت ولا يشبه القارئ العربي الذي اعتاد النهل من رفوفه، إذ طغى الناشر المحسوب على الجانب الإيراني فإنتشرت صور الخامنئي، وقاسم سليماني والنتيجة ان المعرض عاد بصورة مختلفة عن بيروت ودورها الثقافي والريادي. إذ بدا المنظمين لم يكن همهم المستوى الثقافي والفكري وتركيزهم إنصب على قسمة الدعم وأرباح المعارض الأخرى. وبذلك وقع الكتاب في قبضة سماسرة.