الحمل المستحيل لولادة الإنسان في “خيط البندول” (2)

الحمل المستحيل لولادة الإنسان في “خيط البندول” (2)

لحسن أوزين

 

6- محنة الهجر والتخلي، والبحث عن الحب والاعتراف الإنساني

   لا يمكن لقارئ رواية “خيط البندول”  أن يغفل عن مسألة التخلي والهجر الذاتي، بدافع مصلحة ضيقة، وأهداف أنانية، مفعمة بالشر و الأذى. أو الهجر النفسي العاطفي الناجم عن الوفاة لأحد الوالدين، العزيز والقريب الى القلب. هذا ما عاشته شخصيات الرواية، بتفاوت في الحدة والشدة والعمق النفسي والاجتماعي والقيمي والعاطفي والوجودي. وباختلاف إلى حد التناقض بين الشعور بالهجر السيكولوجي، لأسباب تعود للعلاقة العاطفية القائمة على الحب والتعلق العاطفي، كما عاشته نداء في علاقتها مع مجيد  الأب، والحالة نفسها في علاقة أسامة بأبيه يوسف. أو الوعي برضة هذا الهجر المروع، في صورة التخلي والنبذ والتنكر لأية ارتباطات عاطفية ونفسية واجتماعية وإنسانية. وهذا ما عاشته وردة، وفريد، بشكل مضاعف معذب ومؤلم. كما يمكننا الحديث عن نوع من التخلي القذر والعطن تم تمريره وتفعيله بغطاء مكارم الأخلاق، والشرف الرفيع، سترا لمظاهر الكرامة، وحماية للصورة الاجتماعية الزائفة، خوفا مما تعتبره الأنساق الثقافية والاجتماعية فضحية أخلاقية، تمس عقدة المشهدية الاجتماعية النبيلة والشريفة للأسرة داخل المجتمع. حتى ولو كان ذلك على حساب الوجود النفسي والاجتماعي الإنساني للواتي تعرضن للنبذ والحقد والاغتصاب، ليس فقط الجسدي، وما يسمى سمعة الشرف الرفيع للأسرة المحترمة، بل بشكل خاص التدمير الإجرامي لكيان الفرد التي تعرضت للاغتصاب. هكذا كان مصير نور، ومعها طفلها آدم. في تخل شنيع وموسخ عن الإنسان/ نور. وخاصة آدم الذي تم التنكر لوجوده الإنساني البريء، حماية لسمعة وجمالية مظاهر الأقنعة الأخلاقية التي تتحصن وراءها صورة الأسرة الحقيقية في بشاعتها. هكذا يتم التخلي عن الحقيقة والقيمة والفضيلة والنبل والكرامة الإنسانية، وبكلمة واحدة يتم التخلي عن الإنسان، عما يجعله إنسانا، مقابل التمسك بالأقنعة الزائفة، والمظاهر الساحرة المؤذية لحرمة وحصانة القيمة الإنسانية. فتنتصر بسهولة الكثير من قيم ودلالات ومعاني النفاق والتواطؤ والخدع، المعبر عن بشاعة الشر.

   وفي سياق هذا التخلي يبرز بعد أكثر تجذرا على المستوى القيمي الأخلاقي الإنساني، الذي ولدته تجربة ألم الهجر والتخلي، سواء في أسسها القائمة على الحب والتقدير والاعتراف. نقصد ما عاشته الشخصيات التي نشأت بشكل أو بآخر في أسر ووسط عائلة، أو داخل العلاقات الاجتماعية التي جمعتها كأصدقاء بالآخرين مثلها. أو في أسسها القائمة على الحقد وبشاعة الشر في تدمير الإنسان، وسلخ عنه قيمته الإنسانية، وهذا هو التخلي المزدوج الذي عاشه فريد في تجربة الوالدية، من طرف الأسرة التي ولدته، ثم من خلال تجربة الأبوة والأمومة رغبة في تبنيه وتربيته. لكن بكل وقاحة لا أخلاقية تم التخلي عنه، واعتباره مجرد غلط وتقدير خاطئ نتجت عنه خسارة البستان تعويضا لحاجة نفسية، واستجابة لاختلالات في الذات لا علاقة لها، بالتقدير الايجابي والاعتراف اللامشروط، بإنسانية الطفل/فريد، ككائن إنساني مستقل في وجوده الاجتماعي والإنساني. والمحنة نفسها عاشتها وردة في تعرضها للتخلي المضاعف من طرف الأب والأم. وقد مارس أبوها في حقها أبشع استغلال وانتهاك لكرامتها البشرية في التعامل معها كمتاع صالح للصفقات والبيع والشراء، تبعا لقيم السوق بالمعنى الرأسمالي الذي لا سقف لجشعه أساليبه في البحث عن الربح، ولو على حساب الإنسان. و لحسن حظها تعرفت على نمر وأحبته بصدق كما بادلها الحب نفسه، ورغم تورطه في استعمال المخدرات، ودخوله السجن، فإنها لم تفكر إطلاقا في التخلي عنه، بل كانت تأمل وبثقة عالية في تغيير وتغير زوجها نحو الأحسن والأفضل. إلا أن الأيدي وسخة لعائلتها كانت وراء اغتياله في ظروف غامضة، مسببة في تأزيم أوضاع وردة، الشيء الذي جعلها تعيش وجها آخر من تخلي الحياة عنها، وتمكن الشر من نهش أيام حياتها بشراسة.

7- فريد والتخلي المزدوج

   لم يكن فريد ليتخطى محنة التخلي لولا تجربة الحب التي عاشها في علاقته مع أخته فريدة، ومع صلاح، والآخرين من الأصدقاء. فقد شاءت صدف الأيام أن يتعرف سر وجوده في عائلة فوزي التاجر الذي حُرم من الأطفال. ولم يكن غناه المادي قادرا على ملء داخله الأجوف الفارغ من النبض الإنساني، والقيم الأخلاقية التي تنتصر على نزعة التملك والاستحواذ. لذلك استقبل بفرح عارم فكرة التبني حين اقترحت أم فريد بالولادة التنازل والتخلي عن صبيها للعائلة الغنية المحرومة من دلالات ومعاني الوجود، التي تؤسسها علاقات الدفء والحنان والمحبة والاعتراف اللامشروط بالقيمة الإنسانية، مقابل أن تقدم البستان لأسرة فريد. لم يكن الانسان حاضرا في هذه الصفقة، بل كان الطفل مجرد استجابة نفعية ومصلحية لرغبات نفسية وتوقعات اجتماعية عند فوزي وزوجته. الراغبان في ملء الفراغ المهول الذي خلفته قيم التملك لحماية صورة الوجاهة المجتمعية الناقصة. والمسببة للدونية وانعدام القيمة المجتمعية، حسب ما تفرضه الانساق الثقافية والاجتماعية التي تضع العقيم والعقم في الدرك الأسفل  من نار العار والتبخيس وانعدام الوجود. هكذا يحضر الطفل في مثل هذا الوعي المجتمعي لأهداف بعيدة عن الاعتراف بكيانه الإنساني، والاستقلال الذاتي للطفل، كمشروع وجودي يخصه قبل أي أحد آخر. لذلك كان طبيعيا أن تتخلى أسرة فريد عن طفلها. وذلك تبعا لهذا الوعي المترسخ في العلاقات الاجتماعية، حول غياب الطفل في تلك الأنساق الثقافية الاجتماعية التي تطمس حق وجوده المستقل. وبالتالي غياب الإنسان، في بعده الإنساني الذي تكفله اليوم الحقوق والمبادئ والمواثيق العالمية. كما كان طبيعيا أيضا أن يتخلى عنه فوزي بعد أن رزق بطفلة/فريدة كإجابة موضوعية وذاتيه لما كان يعيق وجاهته الاجتماعية، وتوقعاته النفسية التي تملأ فراغ وجوده الخاص، البعيد كليا عن الاعتراف والتقدير الإيجابي بحقيقة الطفل الإنسانية غير المرهونة، بحاجات وتوقعات وأهداف المصلحة الضيقة التي تمليها نزعة التملك والاستحواذ والتحكم القهري في زمام مصير الأطفال. ولعل رفض فوزي زواج فريدة من الشاب الذي تحبه أكبر دليل على الحمل المستحيل لولادة الإنسان في مجتمعاتنا. ليس فقط على مستوى الوالدية/ الولادة، بل أيضا على مستوى التبني/الأمومة. والخلاصة أن الطفل يوجد من أجل الآباء وليس من أجل نفسه وكيانه الإنساني المستقل.

   واستطاع فريد بفضل حبه العميق المتبادل مع أخته فريدة، أن يشق طريقه بعيدا عن المستنقع الذي فكك وجوده، ومس بعده النرجسي، في كونه إنسانا وليس متاعا أو سلعة خاضعة للمقايضة وقيم التبادل السلعي. لذلك كان صعبا عليه أن يدمر علاقته الأخوية المفعمة بالحب، واكتسب بذلك جدارة القيمة الإنسانية، التي لفظها المجتمع وحاربها.

8- وردة وعذابات الهجر والتخلي

   محنة التخلي الموشومة بالقهر والاستغلال تعرضت لها وردة، من طرف أبيها، وعائلته. وأيضا من طرف أمها التي تخلت عنها بكل بساطة. جميعهم اعتبروا وردة مجرد عبء تارة، أو عقبة في بعض المواقف. وتارة أخرى تم التعامل معها كبضاعة قابلة للاستغلال والاستثمار. لكن المحنة لم تؤثر عليها سلبيا، بل أيقظت في نفسها بعدها الإنساني في الوجود وتقرير المصير. فارتبطت بمن أحبته رغم تورطه في لعنة المخدرات التي خربت حياته. لكن وردة كانت واثقة من نجاح ارتباطها العاطفي بزوجها الذي اغتالته سطوة القهر المتحكمة في مصائر الناس، إلى حد استعبادهم وتملك ليس فقط أجسادهم، بل حتى أرواحهم. وكان للتجربة المرة والمؤلمة في تاريخها الشخصي دور إيجابي في تفاعلها مع التحديات التي واجهتها بصمود وصلابة. كما أدى انفتاح أفق إنساني في علاقتها بأسرة أسامة الى اغتناء شخصيتها، وتطور وعيها. بما يتجاوز بشاعة الجحيم الذي تفرضه الأنساق الثقافية والقيمية والاجتماعية على الأفراد والجماعات، والمجتمع ككل. لذلك علمتها آلام وعذابات محنة الهجر والتخلي، أن تخلق الفرح الإنساني الحقيقي، وهي تقترح وتبادر الى عرض رغبتها التطوعية في إسعاد نداء، من خلال وضع رحمها رهن إشارتها في الحصول على طفل.

9- نور بين نيران التخلي واستحالة الاعتراف بالإنسان

   عرت بشكل واضح محنة نور الصورة النفاقية والرديئة  التي يتستر وراءها مجتمع مكارم الأخلاق والشرف الرفيع. واجهت نور خلال محنتها اغتصابات متعددة الوجوه، ومتماثلة في الخلفيات والأسس التي تشكل الرؤى والأفكار والدلالات والعلاقات، التي تغيب الإنسان. وتعمل على استحالة وجوده. فقد تعرضت لاغتصاب في الحديقة، مس كرامتها الإنسانية بالاعتداء على ما يشكل كيانها الإنساني المعنوي والجسدي والنفسي والثقافي والاجتماعي…، كما تم اغتصابها من طرف أسرتها في سعيها لحماية نفسها، كأسرة من الرقابة المجتمعية. واعتبار محنة طفلتها فضحية أخلاقية تهز مظاهر الوجود الاجتماعي والأخلاقي للأسرة. وهذا ما استلزم التستر في نظرها على واقعة الاغتصاب، والتفكير في نفسها، كوالدين غيبا محنتها، والاستسلام لمنطق السكوت وطي الصفحة وتكريس استباحة الكرامة الإنسانية، التي اختزلتها أسرتها في خطيئة مولدة عقدة الذنب والتأثيم لدى الطفلة، لكونها الطفلة الفضيحة. والمولود ابن حرام ينبغي تغييبه والتخلص منه، إن لم تكن هناك إمكانية قتله، باعتبارها وشمة عار تلاحق شرف سطوة مجتمع الذكورة، وتنزل بثقلها الرهيب على سمعة ووجاهة ومكانة وأخلاق الوالدين. والاغتصاب الثالث هو إجبارها على التخلي عن مولودها، ليس حماية لها ولقيمتها الإنسانية، والوقوف بجانبها، في فضح الجريمة البشعة التي تعرضت لها. ودعمها نفسيا للتغلب على الصدمة والرضة التي خلخلت كيانها الإنساني، وزلزلت وجودها الاجتماعي في اعتبارها شبهة ينبغي التستر عليها بوصفها فضيحة. ومسح وإخفاء كل الآثار الناجمة عن ذلك، بالتخلص من المولود/آدم باعتباره مجرد شبهة وابن حرام. حيث تمت أسطرته وسلح القيمة الإنسانية عنه، مما سهل اغتصاب الأم/الطفلة حقها في التقرير والاختيار، كما سهل القضاء على الطفل رمزيا بالتخلي عنه، مادام يستحيل قتله.

10- تخلي الأسرة  عن فريدة

   إن تخلي الأسرة عن فريدة، من خلال الوقوف في وجه اختياراتها الذاتية، وفرض الوصاية عليها، بالتقرير بشأن حياتها العاطفية والزوجية، لهو أكبر دليل على سطوة نزوة التملك والاستحواذ التي تعتبر الأطفال جزءا مكملا للوالدية. ومرتبطا بحاجاتهما النفسية والاجتماعية الثقافية الجندرية في ظل المجتمع الأبوي بمركزيته الذكورية. فلا وجود هنا لمعنى الطفل إلا باعتباره أداة ووسيلة وملكية خاصة تابعة لتوقعات وأهداف وحاجات، الرجولة والفحولة والقوة والسلطة، والجاه والمكانة الاجتماعية، بالنسبة للنزعة الذكورية. أو لحماية المكانة الدونية والهشة والقهر الذي يمارسه في حق المرأة. حيث تعتبر الأطفال مثلا درعا، أو  تمائم تقيها من شرور القهر الأبوي، كالوصم السيء بالعنوسة والعقم والطلاق على سبيل المثال لا الحصر.

    نفهم من هذا كله أهمية المشكلات التي تثيرها الرواية حول الحمل المستحيل لولادة الإنسان. خاصة في ظل المجتمعات الأبوية بنزعتها الذكورية، حيث لا وجود للطفل بالمعنى الحديث، ككائن إنساني مستقل في وجوده و اختيار مصيره ومسارات حياته.

   لكن الجميل في تجربة المحنة التي عاشتها فريدة وموقفها الرافض لتكريس العلاقات الزوجية السائدة والخاضعة للنظام الأبوي تبعا لمنطقه الذكوري. أنها قامت بانتهاك الطابو  الثقافي الاجتماعي للعلاقات الاجتماعية المهيمنة، ونقضها، من خلال التأسيس لعلاقة اجتماعية بديلة نابعة من حريتها، واختياراتها لما تريده من العلاقة العاطفية والجنسية في اختيار شريك حياتها.

11- آدم : الإنسان أولا.. الإنسان دائما

   يمكن اعتبار الطفل آدم المركز الأساس الذي تتجمع حوله كل الإشكاليات السابقة، المتعلقة بالحمل المستحيل لولادة الإنسان في مجتمعاتنا. وقد أفلحت الرواية في بنيتها الدالة المعبرة رؤية محددة للعالم والذات والآخرين، باختيارها أجواء وفضاءات عالم الطب، المعبرة بامتياز كبير عن مدى تحقق البعد الإنساني في المجتمع، بالترابط مع القيم والمبادئ والأخلاق والأفكار والرؤى، التي تضمن الحماية والحصانة لقيمة الإنسان، أو فشلها وانهيارها، مما يؤدي الى استحالة الحديث عن بروز، ووجود هذا البعد القيمي الثقافي الاجتماعي للإنسان في كافة أبعاد وجوده البشري.

   وبناء على التجربة المريرة والمؤلمة التي رافقت أسامة ونداء في تاريخهما الفردي والاجتماعي، المشبع بالحب والقيم الأخلاقية والثقافية النقيضة إيجابيا لما هو سلبي ومدمر للإنسان في العلاقات الاجتماعية السائدة والمهيمنة وعيا وثقافة. ووفقا لنظرتهما ونمط تفكيرهما المهني والاجتماعي، بالإضافة الى الكثير من المواقف النبيلة التي عاشها معا، ما يؤكد انحيازهما للإنسان، حتى في التفكير في علاقتهما بالحمل المستحيل لولادة الإنسان. وعملهما المستحيل لتحقيق ذلك. ونتيجة بحثهما عن الإنسان في كل ما يخص حياتهما الشخصية والاجتماعية والمهنية. كان من الأهمية بما كان أن تنفتح الرواية على آدم الطفل الإنسان، وليس الولد الشبهة والفضيحة. لذلك تملكتهما حرقة الأسئلة وهواجسها الرهيبة في البحث عن الاختيار الأفضل والآمن لوجود آدم الإنساني. لهذا ظل سؤال آدم/ الإنسان مرعبا في الصفحات الأخيرة من الرواية، بالترابط جدليا مع الهواجس والانشغالات العميقة التي رافقت أسامة ونداء حول توفير الوجود الطبيعي الآمن لما يحقق كل الشروط والحقوق الإنسانية للطفل آدم. لذلك لم يشارك الزوجان في عملية الاغتصاب التي تعرضت لها نور، كما لم يكرسا بشاعة الوصمة السيئة التي يسقطها المجتمع بقسوة لا إنسانية في حق الأطفال الذي ولدوا بأسباب الاغتصاب، أو حتى بأسباب عاطفية ملؤها الحب والاختيار الذاتي المتحرر من أية وصاية قانونية واجتماعية. لقد سمحت لهما تجربتهما الصعبة في الحياة المؤسسة على الحب الإنساني الحقيقي بالترفع عن نزوة التملك والاستحواذ المؤدي لإلغاء الآخر، والإجهاز على حقه الوجودي الإنساني المستقل حرية وكرامة…

   تبعا لهذا الأفق في محاولة مقاربتنا للرواية، في اختيارها هذا الشكل التعبيري عن معضلة استحالة وتعذر ولادة الإنسان في مجتمعاتنا، تبقى كل الالتباسات العالقة بمصير آدم مجرد أسئلة نابعة من التفكير المانع للوجود المستقل الإنساني للطفل. ولو فضل أسامة ونداء الاحتفاظ بالطفل آدم لأدى ذلك الى سقوط كل السمات والخصائص النوعية والدلالية والسيميائية والفكرية التي ميزتهما على طول صفحات الرواية ولانهار البناء الروائي وتهشمت الهوية السردية للرواية باعتبارها شكلا إبداعيا أصيلا قاربت عسر واستحالة ولادة الإنسان، من زاوية وعوالم أقدر تعبيرا عن ذلك، وهي عوالم الطب وأخلاقياتها النبيلة المرتبطة بالقيم الإنسانية، و بجوهر ما يشكل الإنسان  الفرد، وما يحدد حقيقة نبل وعظمة وجوده الاجتماعي التاريخي.

<

p style=”text-align: justify;”>   “صارت مهنتي عالمي، فيها أجد نفسي وخارج عيادتي، والمشفى أضيع. أفكر في غدي، قد تأتي أيام باردة، أو تعاودني آلام الصدر في الليل. أظل أشكر قدري أنني طبيب يتفهم قدره كيفما أتى، يستدعونه في قلب الليل الى المشفى فيهب من عميق نومه وقد صار في لحظة تام الصحو، غير متردد باقتحام جراحة عسيرة على بطن متألم، بل مندفع إليها برضى يصعب على الآخرين فهمه.” 304

شارك الموضوع

لحسن أوزين

كاتب مغربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *