جنون المشنقة بإيران 

جنون المشنقة بإيران 

كاركاسون- المعطي قبال

   لا تزال بعض الدول الاستبدادية تعدم خصومها شنقا، رميا بالرصاص أو تفصل رقابهم عن أجسادهم عقابا لهم وتخويفا لغيرهم من المنتقدين. وبحسب تقرير لمنظمة العفو الدولية، يعيش 60 في المائة من سكان العالم في دول تطبق هذه العقوبة، حيث أن الأربعة دول الأكثر سكانا وهي جمهورية الصين الشعبية، الهند والولايات المتحدة وإندونيسيا تطبق عقوبة الإعدام. وتأتي إيران اليوم إلى جانب بعض دول الخليج، في المرتبة الثانية، بعد الصين في قائمة البلدان التي تمارس عقوبة الإعدام شنقا، وهو تقليد حافظت عليه منذ القرون الوسطى. وتتشبث جمهورية الملالي بهذا التقليد لإدامة نظام التخويف والعقاب.

   لكن موت مها أميني في منتصف سبتمبر شكل نقطة تحول في اتجاه انطلاقة حراك لم تنل منه لا الاعتقالات ولا الحبس ولا الشنق في واضحة النهار وفي الساحات العمومية. وقد طالت الكماشة كل فئات المجتمع. بحيث أن كل القطاعات ممثلة اليوم في سجون الملالي. من القضاة إلى الطلبة، إلى التجار، إلى المثقفين والصحافيين… وفي الفيديوهات المسربة خارج إيران ثمة شهادات نيهيلية أو عدمية قصوى تشكك في القيم التي يسعى النظام إلى دسها في أدمغة الإيرانيين. فقد صرح رجل قبل إعدامه شنقا قائلا: «لا تقرأوا القرآن، لا تصلوا، استمعوا للموسيقى».

   إنها صرخة يأس لإنسان حي وميت. هل تعيش إيران مرحلة التنصل من الدين؟ هل سينجح علي خامينئي في محاربة «التغرب» بضربه على ايدي المتظاهرين بقبضة من حديد ونصب المشانق في الشوارع؟

   المهم إنه لكل عنف، عنفه المضاد. وهذا ما لم يدركه الملالي. استراتيجية الترهيب لم تفض إلى نتيجة تذكر. بالرغم من 458 قتيل، من بينهم 63 طفلا، بعد وفاة مها أميني في 16 من سبتمبر الماضي، لم تتوقف المظاهرات بل تكيفت وتشكلت مع الظروف بالرغم من استراتيجية الترهيب وشنق الشباب للتأثير على عائلاتهم وعلى الأوساط الجامعية لكي لا تتابع حراكها.

   هكذا كان محسن شيكاري، البالغ من العمر 23 ربيعا أول من نفذ في حقه حكم الإعدام شنقا، بتهمة القذف في الدين. قد يليه 10 من المتظاهرين الذين ينتظرون دورهم في أقبية مظلمة.  وحسب منظمة العفو الدولية، قد يرسل إلى المشنقة ما يقرب من 26 شخصا. المؤكد أن المعارضة الإيرانية وهي انتفاضة الإيرانيين التي لا تقع تحت تسيير جهاز أو تنظيم سياسي، تهدف قبل كل شيء إلى إحداث القطيعة مع ثقافة الشهادة والاستشهاد والتضحية. بما معناه أن الماضي الدموي الذي تجد فيه إيران سكينتها لم يعد يخاطب الشباب وبالأخص منهم النساء. يدافع الشباب عن الحق في السعادة، الحق في الحرية والعيش من دون شعارات تحتفي بجلد الذات والجسد أو بمديح الموت.

Visited 1 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

المعطي قبّال

كاتب ومترجم مغربي - رئيس تحرير مساعد لموقع "السؤال الآن".