أونفري- ويلبيك.. تزاوج بين الطاعون والكوليرا

أونفري- ويلبيك.. تزاوج بين الطاعون والكوليرا

باريس- المعطي قبال 

أصدر الفيلسوف الفرنسي ميشال أونفري رفقة بعض من أصدقائه مجلة في عنوان «الجبهة الشعبية». ليست هذه التسمية إحالة أو استلهاما للجبهة الشعبية التي كان يرأسها ليون بلوم ما بين 1936 و 1938 والمكونة من تآلف ثلاثة أحزاب يسارية هي الفرع الفرنسي للأممية العمالية، الحزب الراديكالي والحزب الشيوعي. بل يحيل العنوان إلى الوضع الراهن الذي آلت إليه فرنسا سياسيا، ثقافيا، اقتصاديا وسيكولوجيا وهو وضع تشير الأرضية التي أسست عليها المجلة، إلى الانهيار الحتمي الذي ينتظر فرنسا.

جند ميشال أونفري  كوكبة من أصدقائه الساخطين فيهم المدافع عن مناضلي البدلة الصفراء، المتذمر من وحشية العولمة، المستنكر لتهميش الطبقة العاملة… وهم أشخاص تصب قناعاتهم وتوجهاتهم ضمن أيديولوجية مناهضة لأوروبا، للأجانب، مدافعة عن السيادة الفرنسية. تم تخصيص العدد الرابع من المجلة لتيمة «نهاية الغرب» وهي أطروحة متداولة في العديد من الأبحاث الجامعية. جاء العدد على شكل مقابلة بين ميشال ويلبيك وميشال أونفري». مواقفهما وأفكارهما معروفة في قضايا الهجرة، الإسلام، الهويات القومية والأوروبية الخ…أن يجتمع فيلسوف بروائي تتربع كتبهما على رأس قائمة المبيعات،  من المفروض أن يتمخض الحوار بينهما على أفكار نيرة وبفرادة ناذرة. النتيجة هي أن المتحاوران شحنا خطابهما بكليشيهات بوليميكية بائخة وبائدة. فقد جرت عادة ويلبيك في رواياته على تقديم لوحات قاتمة للمجتمع الفرنسي.

كما أنه سخن نفس العداء للنساء وللإسلام الذي يعتبره المسؤول الرئيسي الذي يتهدد الهوية الفرنسية. وتكفي قراءة رواية «استسلام» الصادرة عن منشورات فلاماريون عام 2015 للوقوف على حقده العنيد للإسلام. على المستوى الفرنسي يرى أونفري بأن الحداثة هي المسؤولة عن هذا الانهيار. وبأن «الاستبدال الأكبر»، استبدال الفرنسيين بالأجانب مسؤول أيضا عن هذا الانهيار. يضاف إلى ذلك العامل الديمغرافي والمعدلات المرتفعة للولادة في أوساط الأفارقة. لذا يعتبران بأن لا أحد يمكنه التحكم في مشكل الهجرة. لكن ما يمكن ملاحظته يضيف ويلبيك أن هناك أشخاص بدأوا في حمل السلاح.. وبأنه ستقع أعمال للمقاومة  لاستهداف المساجد والمقاهي التي يتردد عليها المسلمون… ما يطالب به الفرنسيون الآن هو أن يتوقف المسلمون عن سرقة الفرنسيين والاعتداء عليهم… العائق في وجه الانتفاضة الفرنسية هو أن فرنسا تبقى منجرة وراء الولايات المتحدة. ولا تستورد سوى أفكار الووكيزم التي تتغذى منها الجامعات. «أملنا الوحيد أن تصبح عنصرية البيض الموضة» الأخيرة للولايات المتحدة.

لسان حال ويلبيك وأونفري يقول إن فرنسا لفي خسر، لكن الخسارات المعنوية للرجلين أفدح وأعظم بكثير. يكمن الخلاص في اللجوء إلى العنف. يبرر ويلبيك أعمال العنف التي يرتكبها حملة السلاح الذين يرتكبون المجازر في الأماكن العمومية، في المدارس، الشوارع، المقاهي.  معركة المصير تحتم ذلك في نظره. باسم تفوق البيض العرقي، وجب خوض هذه الحرب. وقد ألهمت وألهبت أفكاره شرذمة من الشباب النازي الذي تسلح بهراوات، مفاتح أمريكية وبمديات لمهاجمة الجمهور المغربي الذي نزل إلى جادة الشان إيليزيه بعد انتهاء مباراة المغرب- فرنسا. ولولا تدخل الشرطة التي اعتقلت أزيد من أربعين متطرفا من النازيين الجدد لكانوا قد خلفوا العديد من الضحايا. ميشال أونفري، ميشال ويلبيك، إيريك زمور وجوردان بارديلا، رئيس التجمع الوطني، هم اليوم أنبياء الحركة الصليبية الجديدة التي تنادي ب« تفوق البيض » على الملونين وبالأخص على العرب، المسلمين، والأفارقة.

ومن غير المستبعد أن ينتقلوا، كما دعا لذلك ويلبيك، إلى حمل السلاح في وجه من هو «غير فرنسي أصيل بالدم».

Visited 1 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

المعطي قبّال

كاتب ومترجم مغربي - رئيس تحرير مساعد لموقع "السؤال الآن".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *