طريدةٌ تصطادُ القناص!

طريدةٌ تصطادُ القناص!
د. محمد الشرقاوي
 
قالت: أعلنُ الهزيمةَ، ورمتِ المنديلَ الأبيضَ
فأنا الطريدةُ، ونِبالُكَ حادّةٌ تغوصُ في وتجولُ
 
ولك الأيائلُ إن أردتَ، ولك الوريدُ يقطرُ داميَا
 يعلن مقتلي ثالثَ مرةٍ، وأنّي منك الوهنُ والأفولُ
 
لك نبضي ورعشاتُ احتضارٍ بطيء تحت جلدي
 فافعل ما تشاء بغزالةٍ، والغابةُ صمتٌ وذهولُ!
 
ذبحْتَني على طريقة الشيعة والسنة والدروز
 والمسيحُ أيضا يقولُ: إن سلخي هيّنٌ لا يطولُ
 
طواعيةً يأتيك لحمي هُبَرًا، وقد استوى بلا نارٍ
وأنت صيادٌ وطاهيةٌ ماهرٌ، وأيضا متذوقٌ أكولُ
 
كل فراشاتي خرجتْ من جسدي ترنو إلى يديك
والشّفاهُ والكلماتُ تهيمُ مني وعقلي، إليك تؤولُ
 
أغنياتي المفضلةُ انزاحتْ عن لساني ومن ذاكرتي
فحلّتْ مَيَادَتُكَ وكاظمُكَ، أطوفُ بهما العالمَ وأجولُ
 
لم أجازف بموتي قط برماحٍ صدئةٍ أو سيوفِ مغولٍ
 ولم أكن جاريةً في سوق النخاسة لقومٍ أحسنُهم جهولُ
 
ولم تشعّ في عيني جواهرُ الحريم أو ذهبُ القصور
أسوء الموت موتُ القصور، هو موتٌ رتيبٌ خمولُ
 
الغزالةُ دوما تخشى مصيرها بين الأشجار والأغصان
وأنا أترقب نبالهُ الفتاكة: فأحيا بها، وأكبرُ، وأطولُ
 
هل رأى المرءُ منكم فيما رأى طريدةً تستميل
القنّاصَ عنوةً، وأن دمي فيه القاتلُ والمقتولُ!
 
وأحيا لغاية مكنونة في ثنايا ذاك الوجدان الأقصى
 ولا أبتغي الحب الأدنى إن هو سطحيٌّ خجولٌ ذلولُ
 
في حضرة العشق، أنا امرأةٌ تتنازل عن كبريائها
وحتى دمها، إنْ هو رجلٌ شعلةٌ، وعنفوانٌ، وحنانٌ دلولُ!
Visited 3 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. محمد الشرقاوي

أكاديمي وكاتب مغربي