موفدون وحلول غائبة

موفدون وحلول غائبة

 أحمد مطر

تبدو الحركة ناشطة على مستوى المنطقة مع تعدد الملفات المفتوحة والمترافقة بتحركات ميدانية كما هو حاصل في سوريا، ومن الطبيعي ان هذه الحركة الناشطة تشمل لبنان الذي يزخر بسلسلة زيارات من آموس هوكشتاين الى حسين أمير عبد اللهيان وزير الخارجية الايراني ، بالاضافة الى زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان خصوصاً بعد خطاب للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حيث حمل الكثير من الرسائل وتحديداً حول مسالة التجديد لليونيفيل.

فاستباقاً لزيارة لودريان، خرج الرئيس ماكرون بموقف من الملف اللبناني أعلن فيه ما لم يتوقعه أحد “أعتقد أن من العناصر المفتاح  لهذا الحل السياسي في لبنان توضيح التدخلات الإقليمية في هذا البلد، ومن ضمنها تدخل إيران” .

فرنسا اليوم يتضاءل هامش مناورتها في لبنان، والفرصة باتت حظوظها متضائلة بالنظر إلى ردود الفعل الداخلية والخارجية على حركة لودريان، الذي سيأتي إلى بيروت في اواسط شهر أيلول، في زيارة قصيرة سيلتقي خلالها ممثلين عن الكتل السياسية في قصر الصنوبر. وفي حال حدث تقدم إيجابي على خطّ الجلوس إلى طاولة واحدة والدخول في نقاش يمكن أن يؤدّي إلى عقد جلسات متتالية لانتخاب الرئيس، فإنّه يمكن أن يمدد إقامته، على الرغم من انخفاض مستوى التوقّعات .

لم يشِر ماكرون إلى خلفية إطلاقه هذا الموقف، وما إذا كان يتصل بالهجوم على إيران انطلاقاً من موقف الحزب وتمسكه بمرشحه، وهو ما يعني تغييراً في المقاربة الفرنسية ككل، أو محاولة لإرضاء المملكة العربية السعودية، بعد عتب كثير وتوتر أكثر من بيروت إلى إثيوبيا. في كل الأحوال، ما يقوله الفرنسيون هو اللجوء إلى فرض عقوبات وإجراءات تصعيدية في حال لم يتوصل اللبنانيون في أيلول إلى اتفاق على انتخاب الرئيس .

بعد زيارة بيروت، سوف يتوجه لودريان إلى نيويورك ليشارك في اجتماع يتم الإعداد له على مستوى ممثلين عن الدول الخمس المعنية بالملف اللبناني، وسيعقد على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ستؤدي مغادرة لودريان بدون تحقيق أي نتائج، إلى تدخل قطر بقوة على الساحة اللبنانية، علماً أن التدخل القطري سيكون منسقاً مع المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية، وسيتمّ التداول ببعض الافكار مثل زيارة وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد بن عبد العزيز الخليفي بيروت ولقاء المسؤولين والتداول معهم في صيغة للحل  واما توجيه دعوات لمسؤولين لبنانيين الى زيارة الدوحة وعقد اجتماع هناك، لكن هذا لن يحصل الا في حال أحرز المسؤولون القطريون بعض التقدم على الساحة اللبنانية بحيث يتوج اي اجتماع في الدوحة بحل واضح.

سيشهد شهر أيلول ضغوطاً مكثفة في سبيل الوصول إلى تسوية. وهو الشهر الذي سيكون حاسماً في تحديد وجهة البلاد وما إذا كانت الظروف ستسمح بإنجاز تسوية أم سيكون الفراغ طويلاً. وبحسب المعلومات، ستكون قوّة الدفع الأساسية مركّزة على التوافق على دعم خيار قائد الجيش لرئاسة الجمهورية كحل وسطي بين غالبية القوى. فيما بعض المصادر تشير إلى أنّه قد يتمّ تداول أكثر من اسم، وربما تكون هناك لائحة تضمن بعض الاسماء ومن ضمنهم العماد جوزف عون، وقد يكون هذا الأمر مرتبطاً بعدم حصر النقاش في اسم واحد .

لا يمكن لأي تحرك قطري أن يكون منفصلاً عن التنسيق مع السعودية والولايات المتحدة الأميركية وإيران، وهنا لا يمكن إغفال زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان للرياض ولقائه وزير الخارجية السعودي وولي العهد الامير محمد بن سلمان، بالاضافة الى زيارته الى بيروت.

وتشير معلومات إلى أن إيران أوصلت رسالة مباشرة للسعوديين بأنها حريصة على التفاهم معهم خصوصاً في لبنان، مع رسالة أخرى فحواها أن الحزب لن يذهب إلى أي خيار رئاسي بدون موافقة الرياض أو من شأنه أن يستفز السعودية. لذلك لا بد أن تكون هذه النقاط موضوعة في التداول خلال زيارة عبد اللهيان لبيروت .

في المقابل، تتحدث بعض الكواليس في بيروت عن ان التصعيد الحاصل في المنطقة، بدءاً من سوريا والذي يمر في الجنوب اللبناني من خلال الضغط الواضح في ملف اليونيفيل الذي استدعى زيارة المبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي إلى بيروت، سيواكبه مسار من الضغوط سيتزايد في المرحلة المقبلة، خصوصاً من الأميركيين. وهناك رهانات لبنانية كثيرة على صدور عقوبات أميركية وإجراءات من شأنها أن تغير موقف الثنائي الشيعي، وبعض هؤلاء اللبنانيين يلمحون إلى إمكانية فرض إجراءات بحقّ رئيس مجلس النواب نبيه بري، علماً أن الرئيس نبيه بري يبدو مطمئنناً، لا سيما بعد زيارة السفيرة الأميركية دورثي شيا الى عين التينة.

 

Visited 4 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

أحمد مطر

صحفي وكاتب لبناني