ذكرى اغتيال لقمان سليم: دعوة لمنع الإفلات من العقاب

ذكرى اغتيال لقمان سليم: دعوة لمنع الإفلات من العقاب

وثيقة

“أصواتنا أعلى من كواتمهم”، هي صرخة أطلقها مثقفون واصدقاء واهل لقمان سليم في الذكرى السنوية الأولى التي صادفت 3 شباط الجاري، لقمان الذي اغتيل في الجنوب اللبناني لمعارضته سياسات حزب الله، هو الكاتب والنَّـاشِـر والمُثـقَّـف اللبناني، صانِـعِ الأفـلام والمُوثِّـق الذي كَـرَّسَ نَـفـسَه للعمَلِ على تَوثيـقِ الذاكـرة والمُحاسَبة التاريخية ــ باعتِـبارهما تـرياقًا لما سَمَّاه «فـقدان الذاكرة المُتـعمَّد» الذي يُجيـز ويُمكِّـن الإفلاتَ الدائم منَ العقاب.  ففي بيان صادر عن مركز «أمَـم للتوثيق والأبحاث» و«مؤسَّسة لقمان سليم» و«دار الجـديد»، تمت دعوة جميعَ الجهات الفاعلة في المجتمَع المدنيّ أفرادًا ومُنـظَّماتٍ للتَّـعبير عَن تَضامُـنِهم في حملةِ إنهاء الاغتـِيالات السياسية وثَـقافة الإفلات من العقاب، التي تُـبيح تكرارها. والتوقيع على بـيان وتَـعميمه. 

وحث “كلَّ مَـعنِـيّ، في قابِل الأيـام والأسابيع، إلى طَـرقِ كلِّ بابٍ والأخذِ بـكلِّ وسيلةٍ تَجذِبُ الانـتـباهَ إلى موضوع الاغتـيال السياسي، والتطرُّق لسياسة الإفلات من العقاب”. 

ومما جاء في البيان:

 “مَـضى عامٌ على اغـتِـيال لُقـمان سليم في جـنوب لبنان. لُـقـمان سَعى من خلال عمَـله في «دار الجديد للنَّـشر»، «هيْا بنا»، ومركـز «أمَـم للتوثيق والأبحاث» إلى تَطـبيـقِ قَـناعاتِه، المُـرتَـكِـزة على أنَّ السَّلامَ الدائمَ في لبـنان يَتطـلَّبُ استِـعدادًا لـمُواجهة ماضي البلاد وحاضره المُضطَرب؛ مُـعتَـبِرًا أنَّ أعمالَ العُـنفِ الدورية ستَـتوالى حتمًا في غياب الحقيقة والعدالة. وقد أتى اغتـيالُه لـيُؤكِّد على هذا الأمر.  

دائمًا ما أدَّتِ الاغتِـيالاتُ السياسيةُ إلى تَـدهورِ سُمعَةِ لبـنان، نَـظرًا لـدَوامها بسبب سياسة الإفلات منَ العقاب، التي ينعم بها بشَكلٍ مَنـهجيٍّ مرتكبو هذه الجرائمَ الفادحة. حيث تـمَّ توثيقُ ما لا يَـقِـلُّ عن ٢٢٠ جريمة قـتلٍ ومُحاولة قـتلٍ ذاتِ دوافعَ سياسية منذ استقلال البلاد في العام 1943.  

ومنذ العام 2005 فـقط، نُـفِّـذَتْ عشراتُ عَملـيات الاغتـيال، والتي استَهدفَـتْ سِياسيِّـين ودبلوماسيِّـين وصحفـيِّين ونُشطاء وقضاة وشخصيات ديـنية وضُباط جيش. ومع ذلك، لا تزال المُساءلة بعيدةَ المنال، ونادرًا ما يَـتِمُّ تَحديد الجُـناة؛ وبالتالي، لا رادعَ يـعوقُ جرائمَ القـتل السِّياسي. 

وعليه، فإنَّ اغتـيالَ لقـمان لم يَـنَـلِ استِـثـناءً؛ ففي رسالةٍ مُوجَّـهة إلى الدولة اللبـنانية في آذار/مارس ٢٠٢١، أعربَ أربعةُ خبراء في مجال حقوق الإنسان، تابعون للأمم المتحدة، عن قَلـقهم من أَنَّ التحقيقَ «لن يَحظى بالاستِـقلالية اللازمة وبالتالي لن يَكون فعّالاً». في الواقع، سادَ التحقيقُ شوائبَ إجرائـيةً من داخل المنظومة قَـوَّضَتْ مبادئ الحياد والمِـصداقية.

ومع ذلك، أكَّـدتِ السلطاتُ بعد مُضِيِّ أحدَ عشرَ شهرًا أنَّ التحقيقَ لا يزال مُستمرًا، علمًا أنه لم يـتمَّ توجيهُ أيِّ اتهاماتٍ أو تـنفيذُ عملياتِ توقيف. في الحقيقة، أصبحَ القـتلُ المُستـهدَف أداةً سياسية في يدِ رُعاته، يقضون بها على كلِّ ناقِـدٍ ومُعارضٍ معروفٍ، ساعينَ من وراء ذلك إلى القضاء على كلِّ مُعارضةٍ سِلـميّة، بل ويُخـفون المعلوماتِ التي تُـديـنهم؛ احـتِكارًا للخِطاب العام الذي يُوجِّـهونه بما يحـفظُ سُلـطـتهم. بناءً على ذلك، فإنَّ سياسةَ الإفلات من العقاب التي يَحظى بها الجناةُ ليست اعتِـباطيةً، بل مُصدَّقٌ عليها سِياسيًّا ومَكفولةٌ بنيويّاً.

تآكلُ سِيادة القانون هذا لا يَنـتهك أبسطَ الحقوق الحق في الحياة فحَسْب، بل وأيضًا يَنـتهكُ الحقَّ في الأمن الشخصي، وحُريّة الفكر والضمير والدين، وحُرية التعـبير ــ أيِ الحريّات المَنـصوص عليها في العهد الدولي الخاصِّ بالحقوق المدنيّة والسياسيّة، الذي صادقَ عليه لبنانُ في العام ١٩٧٢. إنَّ فشلَ النِّـظام القضائيّ اللبناني في مُحاسَبة الجناة والقـصاص منهم، يَحرِمُ عائلاتِ الضحايا من حَـقِّهم في الإنـصاف المُستحَـق. علاوةً على ذلك، فإنَّ إعاقةَ الدولة للعدالة تُمهِّد الطريقَ في نهاية المَطاف للعُنف السياسيِّ في المستقبل”.

Visited 2 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة