محاكمة سليمان الريسوني … لامفاجآت للمتفائلين!
يظهر أن آمال أغلب المتفائلين ستخيب هذه المرة أيضا، ممن كانوا يعولون على أن تكون مرحلة الاستئناف في محاكمة الصحفي سليمان الريسوني فرصة لمراجعة عديد الخروقات الاجرائية، بعد أن وقف ممثل النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، مطالبا برفع الحكم الابتدائي من خمس سنوات إلى عشرة أعوام، في حق الصحفي سليمان الريسوني، (50 سنة)، ولأن “أدلة التورّط ثابتة”، فإن المتهم “يستحق الحد العقوبة القصوى بإدانته بجريمة “الاعتداء الجنسي”، المنسوبة إليه. وهي التهمة الموجهة إلى سليمان الريسوني رغم تمسكه بنفيها. علما أن “الأدلة” التي يتحدث عنها ممثل النيابة العامة لم يتم إظهارها أو عرضها أمام المحاكمة. وسبق للريسوني أن أدلى بأن لا “علاقة له بهذه الوثائق”، معتبرا “أنها تتضمن ما يظهر براءتي (…).
وبالإضافة إلى ذلك التمس دفاع المطالب بالحق المدني تأكيد الحكم الابتدائي ضد الريسوني (5 أعوام سجنا) ورفع قيمة التعويض عن الضرر من نحو 10 آلاف دولار كانت المحكمة الابتدائية قد حكمت بها، إلى نحو 52 ألفا. بالمقابل حاول دفاع الريسوني إقناع المحكمة “ببراءة” موكله، ملتمسا إلغاء إدانته. وأمام مطالبة النيابة العامة بتشديد العقوبة، ظل الريسوني صامتا من دون إبداء أي رد فعل إزاء ما اعتبرته خلود المختاري (زوجة الريسوني) هجوما غير متزن وغير محايد، ولا أخلاقي ولا إنساني، بالإضافة إلى لاقانونيته، بدر من ممثل النيابة العامة ضد المتهم سليمان الريسوني.
وستتواصل المحاكمة يوم الاثنين المقبل المصادف لـ 7 فبراير الجاري. وكان الريسوني، رئيس تحرير صحيفة “أخبار اليوم” المتوقفة عن الصدور، غاب عن أغلب جلسات محاكمته أمام المحكمة الابتدائية العام الماضي. ولم يتمكن من حضور جلسة النّطق بالحُكم عليه ابتدائيا، لكونه كان يعاني من أضرار إضرابه عن الطعام (122 يوما)، ورفض الاستجابة لطلبه بتوفير سيارة إسعاف وكُرسي متحرك.
وتحدث محامي الدفاع عن الريسوني عن خروقات عدة شابت أطوار مرحلة المحكمة ابتدائيا، لم تتوفر فيها شروط المحاكمة العادلة والمنصفة. حسب منظمة “مراسلون بلا حدود”. بالمقابل، تؤكد السلطات أن محاكمة الريسوني كانت “عادلة” وأن القضية “لا علاقة لها بحرية التعبير”.
كان الريسوني قد اعتُقل بتاريخ 22 ماي 2020 من أمام بيته. وعرف بافتتاحياته الناقدة للسلطات في “أخبار اليوم” التي كان يرأس تحريرها، وبنشاطه الحقوقي. كما كان من المدافعين عن مؤسس الجريدة توفيق بوعشرين. وتؤكد لجنة التضامن مع سليمان الريسوني أن اعتقاله مرتبط بعمله الصحفي.
وتتحدث الهيئات الحقوقية المحلية والدولية عن “تراجع استثنائي وغير مسبوق” يعيشه المغرب في ما يتصل بحرية الرأي والتعبير في الأعوام الأخيرة. وبهذا الصدد دعت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان داعية في بيان لها الخميس (13 يناير 2022) إلى “الكف عن استعمال قضايا الحق العام لمحاكمة الصحافيين”. ولا يزال صحافيان آخران في السجون بالمغرب، وهما متابعان كذلك في قضيتين أخلاقيتين. فقد حُكم على الصحفي عُمر الراضي بستّ سنوات نافذة بتهمة “الاغتصاب” و”التخابر”.
ووُجهت للراضي تهمة اغتصاب زميلة له في العمل، وتهما أخرى تتعلق بالتجسس. ونفى الراضي هذه التهم، التي ترفضها المنظمات المتضامنة معه أيضا. وبدأت متاعبه مع السلطات عندما اعتُقل لأيام نهاية 2019 بسبب تدوينة انتقد فيها أحد القضاة، ولاحقا اتهمت “أمنستي”السلطات بالتجسس عليه عبر تكنولوجيا إسرائيلية. اشتهر بالتحقيقات الاستقصائية وكان يعمل قبل اعتقاله على تحقيق يخص نزع ملكية الأراضي.
أما الصحفي الآخر المحكوم بالسجن بـ 15 سنة سجنا، فهو توفيق بوعشرين، مدير نشر “أخبار اليوم”، فقد وجهت إليه تهم ثقيلة، منها تهمة اعتداءات جنسية، و”الاتجار بالبشر” بعد شكاوى من سيدات ضده، يتمسك ببراءته منها. واعتبر تقريراً للأمم المتحدة أن اعتقال بوعشرين “تعسفي”، ودعا إلى الإفراج عنه.
إشارة الى أن المغرب يحتل المرتبة 136 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة من أصل 180 بلدا في التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي تُصدره “مراسلون بلا حدود”.
لمياء بنحمو