غياب أحمد الخطيب.. أحد أقطاب القوميين العرب
السؤال الآن
رحل يوم أمس الأحد المفكر العربي الكبير أحمد الخطيب أحد مؤسسي حركة القوميين العرب، وأحد مؤسسي الدستور الكويتي، ورئيس لمجلس الأمة الكويتي على مدى سنوات. خريج الجامعة الأميركية في بيروت، التي عرفها شارعا شارعا، وعرفته مقاهيها وأندية الثقافة وقاعات المحاضرات فيها، وصديق المثقفين في عواصم العالم العربي.
رثى الأصدقاء رفيق غسان كنفاني وجورج حبش ووديع حداد ومحسن إبراهيم وحمد الفرحان، ومؤسس مجلة “الطليعة” التي تحولت إلى هوية سياسية للشباب العربي في الستينيات والسبعينيات، هو علامة بارزة في تاريخ الكويت اليرلماني والسياسي والحقوقي، وهو الدكتور المحامي الإنسان والسياسي المحنك.
رحيله في زمن مثقل بالهزائم، ذكر الجميع برجل الحريات والنزاهة، فهو عاش واقفا ورحل واقفا كما العظماء، على حد تعبير من نعوه من الأصدقاء ورفاق النضال. بدأ حياته النضالية، مطلع الستينيات من القرن العشرين، عضوا مؤسسا في حركة القوميين العرب، وفي الكويت أسس مع عدد من الأكاديميين “جماعة الطليعة الكويتية”، وبقي خلال حياته ملتزما بالقضايا العربية، وأهمها: فلسطين وفكرة الوحدة العربية. وعرف عنه إنه كان رجلا مناضلا مختلفا نبيلا صادقا، عمل واجتهد بصمت من أجل الوطن، لم يسع لمكاسب أو مناصب، ولم ينافق أو يتلون، أحب الكويت وشعبها وأراد لها النهضة والتطور والتمدن.
أحمد محمد الخطيب المتوفى يوم 6 مارس 2022، بمدينة الكويت، سياسي قومي عربي وطبيب كويتي، وهو نائب سابق في مجلس الأمة الكويتي، ونائب رئيس المجلس التأسيسي الكويتي، وأحد محرري الدستور الكويتي، وأول كويتي حاصل على شهادة الطب البشري في تاريخ الكويت الحديث، وقد شغل رئاسة لجنة أطباء أمير دولة الكويت الراحل الشيخ عبد الله السالم الصباح.
أسس الخطيب في عام 1952، أثناء دراسته في لبنان حركة القوميين العرب مع مجموعة من زملائه العرب في الجامعة الأمريكية في بيروت. ولد في عام 1927، في منطقة الدهلة، حيث يقع سوق واجف في مدينة الكويت، أنجب والده محمد الخطيب ثلاثة أبناء، كان أحمد ثالثهم بعد جاسم وعقاب، والأخير أصبح فيما بعد من رواد الحركة المسرحية في الكويت.
بدأ أحمد الخطيب دراسته في سن السابعة، فسُجّل أول مرة في المدرسة المباركية، إلا إنه لم يمكث فيها سوى نصف يوم لينتقل منها إلى مدرسة العنجري التي كانت تُدرِّس على طريقة “الكتاتيب”، وقد تعلم الخطيب فيها القرآن ومبادئ القراءة والحساب، ثم التحق بعدها في عام 1936 بالمدرسة الأحمدية، وبعدها بعام بالمدرسة القبلية إلى أن عاد في عام 1938 إلى المدرسة المباركية، التي بقي فيها لمدة ثلاث سنوات دراسية، حيث تركها قبل أن ينهي المرحلة الأولى من الثانوية، ليسافر إلى بيروت في فبراير من عام 1942 لدراسة الطب في الجامعة الأمريكية·
وحول كيفية بداية دراسته في بيروت يقول د· الخطيب: “في البداية أجري لي اختبار شامل، ثم أخذت دروس تقوية باللغة الإنجليزية. وعلى ضوء النتائج التي حصلت عليها وضعوني في الصف الثاني الثانوي، وخلال سنتين ونصف اجتزت المرحلة الثانوية”· ويضيف قائلًا: “بدأت الدراسة الجامعية في العام الدراسي 1945/1944، ودرست ثماني سنوات، منها أربعة سنوات لدراسة العلوم الطبية وأربع سنوات أخرى لنيل الدكتوراه وتخرجت عام 1952 بتخصص طب عام وجراحة، وعملت مباشرة في المستشفى الأميري لمدة عام ونصف. ثم ذهبت في دورة إلى لندن لمدة ستة أشهر لدراسة أمراض المناطق الحارة، وعدت إلى الكويت عام 1954 وعملت بالأميري حتى عام 1957، حيث قدمت استقالتي وبدأت العمل في عيادتي الخاصة”·
أسس الخطيب في بيروت مع زملائه في الجامعة الأمريكية، جورج حبش، ووديع حداد، وهاني الهندي حركة القوميين العرب في عام 1952.
كان له دور بارز في عام 1961 عندما طالب الرئيس العراقي الراحل عبد الكريم قاسم بضم الكويت إلى العراق، فسافر الخطيب حينها إلى مصر ليستثمر علاقته الجيدة مع الرئيس جمال عبد الناصر، وعندما التقى الخطيب بعبد الناصر تعهد الأخير بحماية الكويت والذود عنها.
بعد حصول الكويت على الاستقلال عام 1961 قرر أمير الكويت آنذاك الشيخ عبد الله السالم الصباح أن يؤسس نظامًا ديمقراطيًا يشترك فيه الشعب بالحكم، وكانت البداية برغبة من الأمير بوضع دستور دائم للكويت، وكي يكون الدستور نابعًا من الشعب تقرر عمل انتخابات لاختيار ممثلين من الشعب يصيغون الدستور الدائم للكويت، وفي يوم 26 غشت – آب 1961 أصدر الشيخ عبد الله السالم الصباح مرسوم أميري تحت رقم 22 لسنة 1961 يقضي بإجراء انتخابات للمجلس التأسيسي وذلك لإقامة نظام ديمقراطي. واعتزل العمل السياسي عام 1996، هو ورفيق دربه جاسم القطامي بسبب الأوضاع السياسية وانتشار الفساد وإعطاء الفرصة للشباب لتصحيح الأوضاع.