تعطيل الانتخابات في لبنان.. لمصلحة من؟!
أحمد مطر
حل عيد الفطر المبارك هذه السنة في ظروف استثنائية، لا تعود فقط إلى الوضع العام الذي حول المناسبات السعيدة إلى مآسٍ بالجملة للكثير من العائلات، التي ما عادت قادرة على زرع ابتسامة على وجوه أطفالها بالحدّ الأدنى، ولكن لكونها تتزامن مع بدء العد العكسي لاستحقاق انتخابي يبدو مفصليًا، ولو أن التشكيك بحصوله كان سمته الأبرز حتى الآن.
يكثر الحديث قبل حصول الانتخابات باسبوع عن عدم اجرائها، حيث مازالت عدة مؤشرات بإجراء هذه الإنتخابات في الخامس عشر من أيار تتوالى على أكثر من صعيد داخلي وخارجي، ويمكن تعداد عدد من الاسباب التي تشكل مصدراً رئيساً لتلك المؤشرات.
الحديث عن عدم وصول الأموال اللازمة لإتمام العملية الإنتخابية إلى حساب وزارة الداخلية الأمر الذي يدفع بوزير الداخلية إلى التأكيد أمام زواره بأن وزارته أنهت كل الإستعدادات المطلوبة على الورق فقط لأن الاموال لم تصل بعد. مما يعني أن لا أحد يستطيع التكهن بحصول الإنتخابات في موعدها طالما أن الأموال لم تتأمن بعد، لا للوزارة ولا لهيئة الإشراف على الإنتخابات.
ارتفاع نسبة حالات الإرباك والتعثر في مختلف المحافظات والبلديات التي تم الإعتماد عليها لتنظيم العملية الإنتخابية، والترتيبات اللوجستية، بما فيها نقل الصناديق إلى مراكز الإقتراع، وتأمين تكاليف المولدات التي ستزود مراكز الإقتراع بالكهرباء، وأجور الموظفين والعاملين التنفيذيين، لأن الأموال لم يتم تحويلها من وزارة الداخلية، المرجع الإداري للمحافظات والمرجعية الرسمية للإستحقاق الإنتخابي. فضح مخالفات وزارة الخارجية في توزيع الأقلام في بلدان الإغتراب بشكل ملتبس، ويتعارض مع أبسط بديهيات الاليات المماثلة في الدول الديموقراطية، حيث تبين أن الموظفين في الخارجية الموالين للنائب جبران باسيل قد عمدوا إلى تشتيت أصوات خصومهم الحزبيين والسياسيين، وخاصة القوات اللبنانية التي حاول نوابها طرح الثقة بوزير الخارجية عبدالله بوحبيب، بعدما تبين لهم التلاعب بسجلات نفوس العديد من المغتربين، وإرتكاب أخطاء متعمدة في أرقام السجل، ليتم التباعد بين قلم اقتراع الرجل وزوجته، بحيث يقترع الرجل في مكان مثلاً، وزوجته في مكان اخر، على بعد مسافة ساعات بالطائرة! الأمر الذي يهدد جدياً سلامة العملية الإنتخابية لربع مليون ناخب في بلدان الإنتشار.
التخوف من أحداث أمنية فاقعة ومفاجئة كذريعة للتأجيل، أو على الأقل للطعن بسلامة العملية الإنتخابية، تحت ضغط تدهور أمني مبرمج ومفتعل يكون له وقع مزلزل للوضع الأمني الهش أصلاً. ثمة أكثر من طرف سياسي لا يرغب بخوض إختبار الإنتخابات تحت وطأة النقمة الشعبية العارمة على أهل السلطة والمنظومة السياسية، ولا أحد تجرأ حتى الآن وصارح جمهوره خاصة، واللبنانيين عامة، بحقيقة هواجسه، وذلك لغايات في نفس يعقوب.
وفي هذا السياق، لقد بدء فعلاً، العد التنازلي لإجراء الانتخابات بدأ في ظل معطيات بالغة التعقيد من الأمن إلى المال، فالمخاوف من خربطات أو صدامات، ناهيك عن المناورات الاسرائيلية في شهر الانتخابات اللبنانية، الأمر الذي فرض نفسه بنداً على طاولة المتابعة لا يمكن تجاهله أياً كانت مجريات الصراعات الاقليمية.
فهل ستستطيع الحكومة التي لم يتبق من عمرها سوى فترة معدودة، وتصبح بعد الخامس عشر من شهر أيار المقبل، موعد اجراء الانتخابات النيابية، حكومة مستقيلة حكما، وهي ولم تستطع تنفيذ الحد الادنى من الوعود والإجراءات التي التزمت بتنفيذها، وبقيت كلها مجرد وعود مؤجلة فهل ستكون الانتخابات من ضمن تلك الوعود التي لم تنفذ؟.