أفق: من خليل حاوي إلى محمد دكروب.. ستشرق الشمس يا رفيق؟

أفق: من خليل حاوي إلى محمد دكروب.. ستشرق الشمس يا رفيق؟

صدوق نور الدين

I

مرت مئة عام أو تكاد، على ميلاد خليل حاوي(1919/1982). وكان الشاعر اللبناني الكبير اختار موته المبكر، إذ انتحر في بيته ببندقية صيد احتجاجا على دخول إسرائيل إلى لبنان. هذه الهزيمة اعتبرها حاوي بمثابة هزيمتين: هزيمة الذات بداية، إلى كونها هزيمة وطن طالت امتداداتها العالم العربي برمته.

والواقع أن مبدع “الناي و الريح”، أدرك حجم الانتكاسات و التراجعات التي تمس العرب متمثلة في “التيه” الذي رسم تجلياته الروائي الراحل “عبد الرحمن منيف”.

ذلك أن التفكير في بناء وترسيخ نهضة عربية قادرة على إنتاج معنى عن/ و للواقع العربي غير ممكنة بالنظر إلى الصراعات الوهمية والتطاحنات التي لا يمكن أن تنتهي. بيد أن ما يغذي الصراعات، المرجعيات الخارجية التي تعيد صورة الظاهرة الاستعمارية. وكأن العقل العربي معطل عن التفكير والتخييل ، إذ كلما تحققت يقظة الضمير، أستعيدت تحفة “منيف” الأولى “شرق المتوسط”. يقول محمود درويش وقد مرت ذكراه على مرمى حجر في قصيدته “مديح الظل العالي”:

“كل شيء واضح منذ البداية/واضح/ أو واضح/ أو واضح/ و خليل حاوي لا يريد الموت رغما عنه/ يصغي لموجته الخصوصية/ موت و حرية/ هو لا يريد الموت رغما عنه/ فليفتح قصيدته و يذهب”.

 

II

يواصل الناقد الفلسطيني فيصل دراج، نشر فصول من سيرته الذاتية في إحدى المجلات العربية الخليجية. هذه السيرة تدون محطات حياتية صرفة ترسم صورة عن واقع الثقافة و الأدب العربيين بين أواخر الخمسينيات وإلى اليوم، حيث يعيش الناقد في الأردن.

ولعل ما يلفت، وقوفه على المشهد الثقافي في بيروت، حيث سادت حينها فورة الأدب والفكر التقدمي مجسدة في أسماء أعلام رائدة وازنة، ومعتمدة إلى اليوم كمرجعيات: حسين مروة، مهدي عامل، نزار مروة، سهيل إدريس ومحمد دكروب (1929/2013) الذي ربطته والناقد فيصل دراج علاقات وأواصر إنسانية عميقة.

كان دكروب كما وصفه دراج “سمكري الأدب”، لما تولى مسؤولية مجلة “الطريق” المأسوف على توقفها إلى “الآداب” أيضا. إذ عمل دكروب على قراءة النصوص، تصحيحها، تنقيحها واقتراح صيغة إخراجها. وظل على عصاميته برغم وعيه بأن أحلام التغيير وبناء مجتمعات عربية جديدة غير ممكن في ظل سياقات الهزائم العربية المتوالية وسيادة قوى الرجعية والفساد والظلام. لذلك كان يستبدل فعل:

“نلتقي”ب” نتياءس”. على أن اللازمة التي بات يرددها فيصل دراج كلما التقاه:

“ستشرق الشمس يا رفيق”؟ وكان يرد بالقول: “الله يسامحهم”. كان يعي تمام الوعي بأن الكثير من الأحلام، هي أوهام فقط. وبالتالي فإن الوعود تكسرت على صخرة الانتظار. فلا أحد يصدق اليوم ما قيل بالأمس.

 

III

يبدو من خلال السابق وفق تجليه لدى خليل حاوي(1982)  ومحمد دكروب(2013)، أن نبوءة الأدب والفكر تظل قوية مهما طالها القدم وأوغلت في العتاقة. إذ أن ما شوهد ويشاهد اليوم على امتداد الربع العربي لا يحمل أي بارقة أمل ولا يستدعي الحديث عن ” شمس تشرق”..

* نص كلمة كتبت في الظرف الزمني ذاته.

شارك الموضوع

صدوق نور الدين

ناقد وروائي مغربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *