ميقاتي مكلفا بالحكومة بأصوات هزيلة.. هدايا مجانية من المعارضة للسلطة؟

ميقاتي مكلفا بالحكومة بأصوات هزيلة.. هدايا مجانية من المعارضة للسلطة؟

حسين عطايا

من جديد، تُضيع المعارضة اللبنانية النيابية البرلمانية فرصتها في فرض نفسها كقوى معارضة حقيقية، قادرة على فرض إرادتها في عملية إنقاذ الوطن، وبالتالي تتيح الفرصة أمام حزب الله لاستعادة زمام الأمور في فرض رؤيته ونهجه في استكمال السيطرة على لبنان، من خلال سيطرته على الأكثرية النيابية المتحركة وفقاً لكل استحقاق.

ما حصل اليوم خلال الاستشارات النيابية المُلزمة، بيّن بالواقع بأن المعارضات اللبنانية التي وصلت إلى مجلس النواب، لم تكن قادرة على الاتفاق على أجندة واحدة، تُتيح لها الفرصة بأن تحُكم وتُعبر عن نظرتها الحقيقية للتغيير، وفق ما تدعي بعض مكوناتها. إذ بدا واضحاً انقسام المعارضة حول تسمية القاضي نواف سلام، وهي أعطت الفرصة من جديد لـ “حزب الله” وحلفائه لإثبات شرعيته البرلمانية، ولو بأكثرية هزيلة، بإعادة تكليف الرئيس نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة العتيدة. وهو ما سينعكس حتماً في الاستحقاقات التالية، والتي ستُظهر أكثر عُري المعارضات وعقمها في إنتاج الحلول والوقوف بوجه حزب الله، وهذا قد يُعتبر خيانةً لبرامجها التي خاضت الانتخابات النيابية على أساسها وسمت نفسها بالقوى السيادية سيادية، والمقصود هنا “القوات اللبنانية”.

وتحدثت معلومات عن أن عدم تسمية نواف سلام من قبل “القوات”، جاء من  باب رد الجميل لدعم ميقاتي، من تحت الطاولة، مرشح القوات إيلي خوري، والذي نجح على لائحة اللواء أشرف ريفي في طرابلس، وبعض النواب المستقلين الذين يتبعون أجندة الرئيس السابق سعد الحريري، والذين يُطلق عليهم أحياناً قُدامى المستقبل، أو “تغيريين”.

بالعودة إلى تفاصيل نتائج الاستشارات النيابية، وما هي حصيلتها بالأرقام، يظهر التالي:

– نجيب ميقاتي: 54 نائباً.

– نواف سلام: 25 نائباً .

– سعد الحريري: نائب واحد.

– روعة الحلاب: نائب واحد.

أما النواب الذين لم يُسموا أي اسم، فبلغت حصيلتهم 46 نائباً.

والنواب الذين سموا القاضي سلام هم من ثمانية نواب “اللقاء الديمقراطي”.

وأربع نواب من نواب الكتائب سموا سلام نواف. وعشرة نواب من “التغيريين” سموا أيضا سلام نواف.

النائب غسان سكاف سمى نواف سلام .

وبالتالي هذه هي الحصيلة التي حصل عليها القاضي نواف سلام، وهي خمس وعشرون نائباً منحوه ثقتهم لتشكيل الحكومة الجديدة.

وفي قراءة لهذه النتائج تتبين أمامنا حقيقتان:

– تسمية نجيب ميقاتي وفق حصيلة هزيلة، لم تصل حتى لما يُسمى بالأكثرية المطلقة، أي النصف زائد واحد، يُظهر هشاشة الأكثرية التي عمِل حزب الله على تكوينها، لإعادة تكليف نجيب ميقاتي لمهمة تشكيل الحكومة الأخيرة في عهد ميشال عون، وهنا برز موقف التيار الوطني الحر بعدم تسمية نجيب نيقاتي، على الرغم من محاولة حزب الله إعادة تكليف ميقاتي بعدد أصوات أعلى، وبالتالي هذا أمر كان من المفترض أن تبني عليه المعارضة أكثريتها لإيصال مرشحها، لو فعلاً توحدت خلف تسمية القاضي  نواف سلام.

هذا من جهة، ومن جهة ثانية أثبتت المعارضات السياسية، والمتمثلة في برلمان العام 2022، عدم توحدها في المحطات الرئيسية الثلاث، التي مر بها الوطن خلال هذا الشهر من عُمر المجلس الجديد، وهي على التوالي: انتخابات رئيس المجلس ومكتبه، انتخابات اللجان النيابية الأعضاء والرؤساء. واليوم تكليف رئيس لتشكيل الحكومة الجديدة.

وهنا لا بُد من طرح أسئلة إشكالية بوجه المعارضة، هل هذه المعارضات ستكون قادرة على توحيد جهودها في الوصول إلى الاتفاق على اسم واحد خلال الاستحقاق القادم في انتخابات الرئيس الجديد للبنان؟

أم كالعادة ستُضيع الفرصة، وبالتالي سيربح حزب الله مجدداً، مع حلفائه الإقليميين والدوليين، بفرض تسويةٍ رئاسية جديدة تُتيج له مجدداً الإمساك أيضاً برئاسة الجمهورية لستة سنوات قادمة، يستطيع خلالها استمرار وضع اليد على لبنان لتنفيذ بقية أجندته لراعيه الإقليمي إيران؟

والإشكالية الأخرى على مقلب حزب الله وخلفائه، أي تحالف قوى الثامن من أذار،  فيما حصل اليوم وما برز خلال الاستشارات، من غمز وهمس دار  بين النائب جبران باسيل، رئيس التيار الوطني الحر من جهة، والرئيس المُكلف نجيب ميقاتي من جهة ثانية، خلال تصريحات الاستشارات والتكليف.

من ناحية جبران باسيل، غمز من طرف ميقاتي حين قال لا يمكن أن يترابط موضوع الإصلاح مع الرئيس ميقاتي، وهذا ما يسعى عليه جبران في التصعيد لفرض شروطه، أو ما يهدف من خلاله للحصول على حِصة أكبر، وبالتالي يُشكل إحدى أبرز ما اشتهر به باسيل في فرض العقبات بوجه التشكيل، يُتيح له الحصول على أكبر قدر من المغانم من الحكومة العتيدة والفرصة لفرض إرادته مع حلفائه، في حال تمكن الرئيس ميقاتي من تأليف حكومته، والتي حتماً سترث صلاحيات رئيس الجمهورية بعد الواحد والثلاثين من تشرين الأول ـ اوكتوبر المقبل، في حال حصول شغور رئاسي.

ومن الملاحظ بأن الرئيس ميقاتي لم يفوت الرد وبطريقة مبطنة على باسيل، من خلال تضمين تصريحه عِقب تكليفه، بالقول: “اليوم علينا جميعاً أن نعمل بعيداً عن المماحكات ووضع الشروط للنهوض بالوطن”.

هذا الأمر يفرض سؤالاً إشكالياً بالفعل: هل الرئيس ميقاتي، ووفقاً لما ورد أعلاه، سيستطيع تشكيل حكومة في الأربعة أشهر القادمة من عهد الرئيس ميشال عون؟

خصوصاً أننا في لبنان نعلم بأن تشكيل الحكومات بعهد الرئيس ميشال عون يأخذ أشهراً طِوال، وحتى قبل عهده كانت الحكومات تطول مدة تشكيلها أشهراً لإرضاء نزوات ورغبات الصهر جبران باسيل ومصالح تياره.

Visited 1 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

حسين عطايا

ناشط سياسي لبناني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *