روسيا والفرص الجديدة لترتيب سوق العمل

روسيا والفرص الجديدة لترتيب سوق العمل

د.خالد العزي

تستعد الحكومة الروسية لطرح خطة لترتيب العلاقات في سوق العمل بين الموظفين والمؤسسات الصناعية، مع تطوير وزارة العمل برنامج تنقل العمالة للشباب، وتم جمع قوائم بفائض اليد العاملة والمناطق التي تعاني من نقص العمالة، وتخصيص 117 ألف روبل لهذه الخطوة.  

وكانت  أكثر من 113000 شركة أوقفت عملياتها في البلاد خلال “فترة العقوبة” الممتدة من الشهر الثالث الى الشهر السادس من هذا العام ، والتي تجاوزت مستوى العام الماضي بنسبة 17.5%.

وحسب المعلومات فإن عدد الشركات التي تم تصفيتها يزيد بمقدار مرة ونصف عن عدد الشركات المفتوحة، لكن المحللون الاقتصاديون الروس يطمئنون بأن  الوضع كان أسوأ في ذروة وباء كورونا، والإغلاقات نفسها لم ترتبط بعد بتراجع النشاط، بل بتنظيف السجل من قبل السلطات الضريبية.

منذ سنوات والشركات  “تتناقص” في روسيا، ولكن الشركات المتبقية ليست مستعدة الآن لتوسيع أعمالها وإستخدام موظفين جدد.

وعندما بدأ تطبيق العقوبات الغربية على الاقتصاد الروسي، أغلقت 113.5 ألف مؤسسة تجارية في روسيا، بزيادة 17.5% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.  وتم نشر هذه البيانات، بعد دراسة إحصائيات دائرة الضرائب الفيدرالية من قبل الخدمة التحليلية لشبكة المراجع والاستشارات FinExpertiza.

وورد أن “عدد تسجيلات الشركات الجديدة لم يتغير عمليا وبلغ 79 ألف”. وهكذا، فإن عدد الأعمال التي تم تصفيتها تجاوز مرة ونصف عدد الشركات المفتوحة. فمن ناحية، انخفضت أعداد الشركات التي أغلقت، بينما زاد عددها في الشهر الثالث من هذا العام.

ووفقا للباحثين الروس فإن العقوبات الاقتصادية وانخفاض الطلب سيؤثران بالتأكيد على التركيبة السكانية للشركات في عام 2022، لكن عملية تصفية الأعمال عادةً ما تمتد بمرور الوقت ولا تحدث دفعة واحدة”.

وبحسبهم “لا ترتبط معظم عمليات إغلاق المؤسسات في المقام الأول بانخفاض نشاط ريادة الأعمال، ولكن أيضا بتنظيف السجل من قبل السلطات الضريبية من الشركات غير النشطة.”

ويتوقعون ان “يتم استبعاد أكثر من ثلثي الشركات من سجل الدولة الموحد للكيانات القانونية بسبب وجود معلومات خاطئة، وخاصة الشركات التي لديها علامات على عمل وهمي. وقد تم حذف 17 % أخرى من المؤسسات من سجل الدولة الموحد للكيانات القانونية بإعتبارها غير نشطة، أو ما يسمى بالأعمال المهجورة. كما تم تصفية حوالي 15% فقط من المؤسسات المغلقة مباشرة من قبل المالكين، بما في ذلك ما يقرب من 2% من خلال الإفلاس”.

ويوضحون إنه “في ذروة أزمة فيروس كورونا، كان الوضع أسوأ. وخلال هذه الفترة، تم تصفية ما يقرب من 135 ألف شركة ومؤسسة رسميا في البلاد، بينما تم تسجيل حوالي 99 ألفا. إن “خسارة” المؤسسات  في روسيا مستمرة منذ سنوات. حتى قبل التصعيد الجديد للعقوبات وقبل الجائحة، ومن أسبابها الرئيسية زيادة عدد حالات الإفلاس وركود طلب المستهلكين وعدم انتعاش النشاط الاستثماري”.

عندما تم فرض هذه الخسارة على المؤسسات، والتي أصبحت بمعنى ما “طبيعية” للاقتصاد الروسي، بفعل عوامل سلبية جديدة في شكل جائحة أو عدم اليقين في العقوبات، فقد تكون هناك مخاطر من توظيف المواطنين، خاصة إذا كان الموظف يخطط لتغيير وظيفته من أجل زيادة الدخل.

ويرى الخبراء الروس بأن سوق العمل بدأ يتأثر بشدة بالانتهاء من خطط الشركات إما لإنهاء أو إعادة هيكلة أعمالها في روسيا. وقد ساعد هذا القرار في إنقاذ جزء كبير من الوظائف، بل وأدى في بعض الأماكن إلى استئناف جزئي للتوظيف”.

اذن، لا ترتبط الزيادة المحتملة في النشاط في سوق العمل بالاقتصاد أو ببعض الأخبار المالية الإيجابية وهذا نتيجة حقيقة أن الشركات واضحة فيما يتعلق بهيكل الملكية، وأنها بحاجة إلى موظفين لاستئناف ومواصلة العمليات التجارية.

يتم نشر مشروع القرار المقابل على البوابة الفيدرالية لمسودة الإجراءات القانونية التنظيمية للمناقشة العامة.

ويوضح موقع الرسمي لوزارة العمل في إقتراح برنامج عمل لدعم تنقل العمالة للشباب. أنه في حالة الموافقة على هذه الوثيقة، يمكن تقديم الدعم المالي للشباب تحت سن 35، أولئك الذين هم على استعداد لتغيير مكان إقامتهم من أجل آفاق وظيفية. وسيتلقى المواطن دفعة بمبلغ 116800 روبل (1 دولار ضرب  70 روبل) “وتغطي هذه الأموال تكاليف الانتقال ودفع إيجار المساكن لأول مرة”، وسيتم تحويل الأموال من الميزانية الاتحادية إلى الأقاليم شهريًا عند الانتقال لتوظيف المواطنين.

ويمكن للمهنيين الشباب الانتقال في إطار هذا البرنامج إلى مناطق جديدة  وفقًا لمراكز التوظيف الإقليمية،  فعدد الوظائف الشاغرة أعلى بمرتين أو أكثر من المواطنين العاطلين المسجلين، لا سيما في  جمهوريات بورياتيا، كومي، خاكاسيا، ترانس بايكال، كراسنويارسك، بريمورسكي، إقليم خاباروفسك، أمور، فولوغدا، إيركوتسك، كالينينغراد، كيميروفو، لينينغراد، ماغادان، مورمانسك، نوفوسيبيرسك، أومسك، بسكوف  ساخالين، سفيردلوفسك. منطقة الحكم الذاتي اليهودية، خانتي مانسيسك، تشوكوتكا، مناطق الحكم الذاتي يامالو-نينيتس. ولذلك يجب أن يكون المشارك نفسه مسجلا بإعتباره عاطلا عن العمل أو يبحث عن وظيفة، وفي نفس الوقت يعيش في “مناطق فائض العمالة” لمدة عام على الأقل. ويمكن للمواطنين العاطلين عن العمل الاستفادة من الدعم المالي عند الانتقال أو الانتقال إلى منطقة أخرى، وتشمل هذه المساعدة نفقات السفر والبدل اليومي، فضلا عن إيجار الانتقال أو نقل الممتلكات ودفع مبلغ مقطوع بدل الانتقال. يتم تحديد حجمه حسب المناطق”.

ترى الدولة الروسية بان سوق العمل الروسي اليوم في حالة مستقرة إلى حد ما في معظم المناطق. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل سوق المهن عالية التقنية وقطاع تكنولوجيا المعلومات مفتوح امام المواطنين للعمل، فمثلا ان إعادة التوجيه في قطاع البناء، حيث زادت نسبة العمال الروس ذوي المهارات المنخفضة والمتوسطة في الأشهر الأخيرة. كما أن النسبة المئوية للمواطنين في سوق الخدمات آخذة في الازدياد فيما يتعلق بالمتخصصين ذوي المهارات المتوسطة والمنخفضة في ظل أزمة البطالة التي فرضتها العقوبات على كل القطاعات الاقتصادية الروسية، والسؤال هل تتمكن الدولة من إعادة تفعيل هذه القطاعات بواسطة توظيف الكمية الفائضة من البطالة وإعادة تأهيلة لحل أزمة البطالة والذهاب نحو الإنتاج المحلي حيث تحاول الشركات الروسية، الاستفادة من الموقف باحتلال مجالات كان يشغلها في السابق لاعبون أجانب، فبالنسبة لهم، هذا هو وقت الفرص الجديدة..

 

 

Visited 6 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. خالد العزي

أستاذ جامعي وباحث لبناني