لبنان الدولة في خدمة “الدويلة”
حسين عطايا
تداولت عدة مصادر في اليومين الأخيرين معلومات صحافية ، بعضها من مصادر مختلفة، حول قيام وزارة الخارجية اللبنانية، والتي يُهيمن عليها “التيار العوني” برئاسة صهر العهد جبران باسيل منذ سنوات. وهذا الأمر يدفع بالتيار للتحكم بالوزارة في خدمة “دويلة حزب الله”، والتي تُهيمن بشكلٍ فعال على كافة مفاصل الدولة اللبنانية، حتى اصبحت الدولة في خدمة الدويلة، مما يُعطي حزب الله أفضلية القرارات التنفيذية التي تخدم من خلف حزب الله إيران ومصالحها، على حساب لبنان وشعبه .
هذا الأمر يدفع بالعديد من اللبنانيين ممن يتوقون للحظة انتهاء ولاية العهد المشؤم، الذي أذاق اللبنانيين مرارةً لم يتذوقوها من قبل، على مدى المئة العام الماضية .
في التفاصيل أن وزارة الخارجية، وبقرار من خارج نطاق الوزارة وإرادة الوزير، يُعتبر أنه أتى من مصادر هي صاحبة القرار في هكذا أمور مهمة واستراتيجية، ومفاده بأن رسالة وزارة الخارجية للأمم المتحدة، التي من خلالها يطلب لبنان التجديد للقوات الدولية “اليونفيل” نص فيما بين نصوصه إسقاط مرجعية القرار 1701، والذي يرتكز على مرجعية كل من القرارين 1680 و1559، بالإضافة إلى مرجعية اتفاق الطائف، وهذا يمنح حزب الله أولوية ومشروعية الاحتفاظ بسلاحه، مما يشرعه ويعطيه الديمومة والاستمرارية .
كان من شأن مثل هذا الخبر استفزاز المجتمع اللبناني وبعض المجتمع الدولي، وقد وقعت الدبلوماسية الفرنسية بخطأ تبني المسودة اللبنانية في بداياتها، قبل أن تستدرك وتعود عن خطأها وتتراجع عنه .
ويأتي ذلك بعد تنبه من الدبلوماسية الأمريكية والإماراتية، اللتين استطاعتا تلافي هذا الخطأ.
بعدها عادت وزارة الخارجية لتنفي كل ما تقدم، والتصريح بأنها حريصة على مرجعيات القرار 170. ورغم كل النفي والتكذيب لم يقتنع الكثير من الأوساط والقيادات اللبنانية، كما لاقت استنكارا عربيا ودوليا لتصرفات وزارة الحارجية اللبنانية المخطوفة والمُصادر قرارها .
وليس بعيداً ما يقوم به الوزراء المتعاقبون على الخارجية، كان آخرها مطالبة الوزير أبوحبيب طرح موضوع إعادة سوريا للجامعة العربية في الاجتماع الأخير لدورة وزاراء الخارجية العرب في القاهرة.
هذه الوقائه دفعت إلى إدخال تعديل بسيط على الفقرة ١٦ من نص قرار التجديد، والذي حمل الرقم 2650 .
وفي 31 آب- أغسطس الماضي، جدد مجلس الأمن الدولي عمل قوات اليونيفيل لعام جديد في لبنان، وأوصى بدعم الجيش اللبناني المهم لاستقرار البلاد. لكن هذه المرة أضاف فقرة إلى البند 16، تتحدث عن عدم حاجة “اليونيفيل” إلى إذن مسبق لأداء مهماتها.
وذكر بيان الأمم المتحدة أنّ قوات “اليونيفيل” لا تحتاج إلى إذن مسبق أو إذن من أي أحد للاضطلاع بالمهمات الموكلة إليها، وأنه يُسمح لها بإجراء عملياتها على نحو مستقل.
ودعا البيان الأطراف إلى ضمان حرية حركة القوات الأممية، بما في ذلك السماح بتسيير الدوريات المعلنة وغير المعلنة.
وبعد المقارنة بين قرار تمديد عمل “اليونيفيل” عام 2021، مقارنة به في العام الحالي، يتضح أن عبارة “اليونيفيل لا تحتاج إلى إذن مسبق” لم تكن موجودة، وأنها أضيفت إلى البند 16 من قرار التمديد.
هذا التعديل أربك السلطات اللبنانية الواقعة تحت سيطرة حزب الله، نتيجة ما جاء من تعديل في الفقرة 16، والذي يطلب من خلاله تسهيل مهام “اليونفيل” وبالتالي يعطيها حرية الحركة ومن دون إذن مسبق كما كان يحصل سابقاً .
من ناحية أخرى زاد انسحاب الإسرائيليين من الجزء الشمالي من قرية الغجر وفتحها أمام كل الزوار، من حدة الإرباك أمام السلطات اللبنانية ووضعها في وضع حرج ومربك للغاية محلياً وإقليمياً ودولياً، إذ لم تتضح بعد الخطوة الإسرائيلية، وما هي الدوافع التي أملت عليها اتخاذ هكذا خطوة، والتي تُربك حزب الله وتنزع من يده وسيلة يستعملها للإبقاء على سلاحه.
ومما زاد الطين بلةً حضور الوسيط هوكستين اليوم الجمعة في التاسع من أيلول – سبتمبر إلى لبنان قادماً من إسرائيل، ليبحث بعض الأمور التي كان تداول بشأنها مع الرؤساء الثلاثة في زيارته الأخيرة منذ مدة، ناقلاً بعض تفاصيل لا أكثر بشأن ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، وعن تأجيلها لما بعد الانتخابات النيابية المُبكرة التي تجري في شهر تشرين الأول – أكتوبر المقبل. ونقل ما يُعتبر بأن موافقة رئيس الحكومة الإسرائيلية المستقيلة للحالية “يائير لابيد”، على اعتبار هذا الامر وكأنه “وديعة لابيد”، ما يُذكرنا بـ”وديعة رابين” الرئيس السابق للحومة الإسرائيلية، الذي ذهبت وديعته معه بمقتله، وبالتالي ذهبت كل أحلام السلام في حينها معه .
على الرغم من أن تصريح هوكستين بعد زيارته الأخيرة والسريعة، والتي استمرت ساعات قليلة لا أكثر، نقل خلالها توضيحات حول ضرورة رسم الخط الأزرق البحري، وهو المستند على الطفافات البحرية الحالية على الحدود البحرية اللبنانية الإسرائيلية .
والخوف اليوم أن تتشابه الظروف ولا يجري إعادة انتخاب لابيد وتحالفه وعودته لرئاسة الحكومة، مما يُشكل عدم موافقة الآتي رابحاً في الانتخابات القادمة، وقد لا يوافق على كل ماجرى خلال هذه الفترة من تفاهُمات، وبالتالي العودة إلى نقطة الصفر، وبالتالي إعادة خلط الأوراق مُجدداً. هكذا ينتهي العهد العوني من دون أدنى إنجاز .