ذكرى مقتل الشهيدة حياة بلقاسم

ذكرى مقتل الشهيدة حياة بلقاسم

عمر بنعطية

مرّت ثلاث سنوات على استشهاد الطالبة الجامعية حياة بلقاسم، وهي لم تكمل عقدها الثاني، في 25 سبتمبر- أيلول من عام 2018، التي قتلت وهي على متن مركب بحري صغير من “قوارب الموت”، كانت حياة ستعى لحياة أفضل، لكنها في سعيها من أجل إنقاذ عائلتها الفقيرة استقبلها الموت، ليس غرقا في لجة البحر الأبيض المتوسط، بحر الظلمات، الذي تحول إلى أكبر مقبرة بحرية في التاريخ، ولكنها قتلت غدرا بالرصاص، لما كانت تحاول الهرب من الفقر والظلم الاجتماعي بالوصول إلى ضفاف اسبانيا، ولم تكن المغدورة تعلم أن الرصاص جاهز للإجهاز على كل أحلامها البسيطة وهي على متن زورق في ساحل مدينة مرتيل، (شمال المغرب).

حياة الفقر أرغمت حياة، ابنة حي مورسيا في مدينة تطوان، على ترك دراستها بكلية الحقوق. حاولت الشابة إيجاد عمل يقيها ذل القهر، إلا أنها لم تتلق أي رد إيجابي من المؤسسات التي أرسلت لها سيرتها الذاتية، فأقنعت نفسها بما قالته لأمها: “إننا فقراء ولن أستطيع إنهاء تعليمي… نحن ضائعون وفقراء جدا، ليس لإخوتي مستقبل في تعليم جيد”. ثم اختارت أولا العمل كخادمة في البيوت، لكن من دون مقابل حقيقي، ولم تقدر على رؤية والدها المريض يتعذب أكثر، وهي ترى والدتها تشقى طيلة النهار مقابل بضعة دريهمات تحصل عليها من كدحها في معمل لتقشير “الكروفيت”. فقررت العزم على ركوب أمواج البحر برفقة “الحراكة”.

سقطت حياة بلقاسم جثة هامدة برصاص عسكري مغربي. ولما أعادوا جثمانها لموارته الثرى بتطوان، بكاها الجميع من الجيران ومن أبناء المدينة، وبكاها كل المغاربة. وطالب مشجعو فريق “المغرب التطواني” لكرة القدم أثناء مباراة بتحقيق العدالة في قضية مقتل بلقاسم.

أما  الوالدة فتحدثت عن ابنتها المغدورة واصفة إياها بأنها “كانت هي رجل الدار.. وكانت هي المسؤولة عن أخواتها وتعليمهن”.

أغضب مقتل حياة المشاعر ، وأثار الاحتجاجات.  وخرج وزير حقوق الإنسان حينها مصطفى الرميد، ليبرر الحادثة بقوله إن “السلاح لم يكن أبدا موجها للفتاة أو لمهاجرين آخرين، بل كان لقائد الزورق الذي يحمل الجنسية الإسبانية، بعد اختراقه المجال البحري الوطني عدة مرات”، معللا بأن الجندي الذي أطلق النار لم ير الضحية.

ولم يمنع قرار النيابة العامة المغربية فتح تحقيق في مقتل حياة بلقاسم اندلاع الاحتجاجات في مدينة تطوان، إذ طالب مشجعو فريق “المغرب التطواني” لكرة القدم أثناء مباراة بتحقيق العدالة في قضية مقتل بلقاسم. كما طالبت جمعيات نسائية وأحزاب سياسية من وزارة الداخلية الكشف عن حيثيات الحادثة.

بعد عام، استغرقه التحقيق في مقتل حياة بلقاسم، في نهاية ديسمبر 2019، أدانت المحكمة الإدارية بالرباط، الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالدفاع الوطني، في قضية وفاة حياة بلقاسم، برصاص البحرية الملكية أثناء محاولتها الهجرة نحو إسبانيا بغرامة تبلغ (حوالي 15 ألف دولار)، لفائدة عائلة الضحية، بعد أن ثبت لدى المحكمة أنه كان بإمكان عناصر البحرية الملكية تفادي إطلاق النار. واعتبر القرار أن “ليس هناك ما يثبت رفض ركاب الزورق الامتثال لأوامر عناصر البحرية، كما أن الضحية لم تكن ضمن طاقم الزورق، وبالتالي فلا سلطة لها في التحكم به. وأوضح الحكم أن البحرية الملكية مسؤولة عن كل تجاوز في استعمال السلاح الوظيفي على نحو لم يتم فيه تقدير ظروف الزمان والمكان، ودون اتخاذ الاحتياطات اللازمة في استعماله مثل تلك الظروف”.

<

p style=”text-align: justify;”>وللإشارة فقط، لما دفنت العائلة ابنتها كتبت على شاهدة قبرها “الشهيدة”، وهو ما استنفر السلطات التي سارعت لهدم الشاهدة وتغييرها.

Visited 4 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة