بدأت اللعبة بلا قواعد في سوق الغاز..

بدأت اللعبة بلا قواعد في سوق الغاز..

  د. خالد العزي

بسبب الصراع في أوكرانيا، فإن تجارة الطاقة المربحة أمر مستحيل بالنسبة لروسيا، حيث بدأ يبين أن إمدادات الغاز عبر خطوط أنابيب الغاز الرئيسية هي النقطة الأكثر ضعفًا في صادرات الطاقة الروسية.

لقد أدّت الحرب الباردة، ثم الساخنة التي شنتها الدول الغربية على الصادرات الروسية إلى انخفاض إنتاج الغاز في الاتحاد الروسي، وانخفاض إمداداتها للخارج. يعتبر الخبراء أن العودة إلى حجم صادرات الغاز  الروسي قبل الأزمة أمر مستحيل. لأن  المنطق الاقتصادي يقول بالفعل إن روسيا  خسرت سوق الغاز الأوروبية. وأعلن نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك عن تجديد خطّي أنابيب الغاز” نورد ستريم 1 ونورد ستريم 2″. وبالرغم من وجود إمكانيات تقنية روسية لاستعادة البنية التحتية، لكنها  تستغرق وقتًا، وأموالًا طائلة،  لا يساعدها على الإمساك بزمام المبادرة بالنسبة لطرق الإمداد .

 لذلك من غير المرجح أن يكون هذا الإصلاح منطقيًا، إذ يرفض السياسيون الأوروبيون شراء الغاز الروسي من حيث المبدأ، على الرغم من الأضرار التي لحقت بسكانها.

لكن تصريح  نوفاك انطلاق من حقيقة،أنه من الضروري أولاً، وقبل كل شيء معرفة من فعل ذلك،  بالرغم من معرفته أن بعض المواقف المعبر عنها سابقًا في البلاد مهتمة بتعطيل خط الغاز.

 فإن تفجير خطوط أنابيب غاز “نورد ستريم 2 ” قرب جزيرة بورنهولم الدنماركية في 26 أيلول/ سبتمبر الحالي، هو مجرد عنصر واحد بمواجهة طويلة الأمد للغاز بين روسيا والولايات المتحدة وأقوى داعميها في أوروبا. 

اصابع الاتهام بحسب نوفاك تتوجه نحو الولايات المتحدة وأوكرانيا وبولندا حين قالتا ذات مرة إن “هذه البنية التحتية لن تعمل ، وسوف يفعلون كل شيء من أجل ذلك”. اذًا  الاشارة إلى الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى هما ربما من تكونان وراء انفجار خط أنابيب بحر الشمال . وبحسب معلومات صحيفة نيزافيسيمايا غازتا المقربة من الكرملين، نشر وزير الخارجية البولندي السابق، عضو البرلمان الأوروبي، رادوسلاف سيكورسكي، تعليقا على توتير يشير فيها للشكر الى الولايات المتحدة على إتلافها لخط أنابيب الغاز نورد ستريم 2″. 

لذلك تؤكد روسيا انه في ربيع عام 2021، نفذت طائرات حربية وسفن بولندية مناورات حربية في نفس المنطقة بالقرب من الجزيرة بورنهولم ، حيث تم تفجير أنابيب الغاز في نهاية أيلول/ سبتمبر. و تدّعي روسيا بأنه في آذار/ مارس من العام  2021، ظهرت غواصة مجهولة الهوية في المنطقة المحمية لسفينة مد الأنابيب. في اليوم التالي، قامت سفينة حربية تابعة للبحرية البولندية برقم تكتيكي 823 بمناورات حول عامل الأنابيب. 

وتربط الصحيفة تحليلها غير الدقيق  بهذه الحادثة بالعودة الى قرار الرئيس السابق ترامب  في تشرين الثاني/نوفمبر من  العام  2019، بتوقيعه على قوانين تلزم الإدارة الأمريكية بمنع بناء خط أنابيب الغاز “نورد ستريم 2” و تركيش ستريم واخراجهما من العمل.

 وعلى الرغم من وضع ملف التفجير في عهدة اللجنة الامنية الاوروبية، التي تشكلت من الدنمارك والسويد والنرويج وانضمت مؤخرا إليهم المانيا لكن روسيا  لا ترفض تقرير التحقيقات من هذه اللجنة التي لا تشير للأسباب الفعلية لتفجير خطوط بحر الشمال، وتعتبر  إيقافه مفتعل  لعدم تدفق الغاز نحو أوروبا.

لذا ترى روسيا بأن انفجارات خطوط الغاز الحالية بهذا التوقيت هو استهداف للاقتصاد  القومي الروسي. لأن الهدف لايزال نفسه، لاستبعاد صادرات الغاز الروسية عن الاسواق الدولية، وابقائها دون تغيير بالعقود الجديدة للتصدير.

السبب الرئيس للتفجير بتصورات روسيا مرتبط بالتغيرات التنظيمية التي حدثت في النمسا في نهاية الشهر التاسع، وعدم القدرة على توريدالغاز، وخفض إمدادات روسيا  الغاز إلى مولدوفا . لكن تصرفات السلطات في كييف  بالنسبة إلى “مشغل الخط الأوكرانيا” للضغط من خلاله باعتباره قوة أساسية لتلقي الغاز الروسي  للعبور عبر محطة قياس الغاز “شورفينكو”، حيث يمكنها ممارسة السيطرة التشغيلية والتكنولوجية على المحطة للضاغط لتمرير الغاز إلى أووربا عبر محطة” كنوفوبسكوف. مما يضمن الطريق عبر سوخرانيفكا لعبور أكثر من 30 مليون متر مكعب. م يوميا. فهذه عقبات جديدة تُوضع أمام استمرار العمل بالطريقة السابقة.

اذًا الأسواق الاوروبية تشكل مصدرًا اساسيًا لتوريد الغاز الروسي اليها، ولكنها تعاني اليوم من ارتفاع اسعار الغاز، وهذا يُلاحظ من خلال تحول سياسة روسيا والتي يتم البناء عليها بدفع المواطنين العاديين المتململين من تصرفات حكوماتهم في الاتحاد الأوروبي للوقوف ضدهم مباشرة  أو من خلال الانتخابات النيابية حيث يقوم الشعب بمعاقبة زعمائه، والذهاب نحو اليمين المتطرف  للمحاسبة كحال إيطاليا والسويد.

لكن، وفي المقابل الاتحاد الأوروبي يحضّر لعقوبات جديدة على روسيا تتضمن تحديد سعر الغاز الروسي والعالمي، وبالتالي الروسي يحاول استخدام رصاصته الأخيرة التي لايزال الكثير منها بأيدي النظام.

 

Visited 3 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. خالد العزي

أستاذ جامعي وباحث لبناني