توقيع اتفاقية الترسيم اليوم ولبنان الخاسر الاكبر
حسين عطايا
وصل ترسيم الحدود البحرية اللبنانية ــــ الجنوبية مع إسرائيل، الى خاتمته السعيدة، وبذلك لم تعد الولايات المتحدة الشيطان الاكبر بالنسبة الى حزب الله، فعلى الرغم من كل البروباغندا الاعلامية التي استعملها هذا الحزب على مدى اعوام، لا سيما في العامين الاخيرين، عقب تعاظم الأزمة الاقتصادية اللبنانية، وما ادعاهُ من حِصار اميركي على لبنان ومؤامرات تستهدف المقاومة وسلاحها وجمهورها، إلا ان هذه الولايات المتحدة هي ذاتها التي رعت وقادت المفاوضات عبر وسيطها آموس هوكشتاين والذي اظهر مهارة عالية في اقناع كِلا من الوفدين المفاوضين عن لبنان وإسرائيل القبول بوجهة النظر الامريكية في صياغة الورقة النهائية والتي سيتم التوقيع عليها اليوم الخميس في مقر قيادة قوات اليونفيل العاملة في الناقورة ـــ جنوب لبنان .
وفي نظرة سريعة سنتطرق لبعض النتائج المترتبة عن هذه الاتفاقية للفرقاء المشاركين في هذه الاتفاقية:
إسرائيل
على المدى القريب والمنظور :
أعلنت شركة “إنرجيان” الأميركية، امس الأربعاء 26 أكتوبر/تشرين الأول 2022، بدء عملية استخراج الغاز الطبيعي لصالح إسرائيل من حقل “كاريش” بالبحر المتوسط، في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى التوقيع المرتقب، على الاتفاق الذي توصل إليه الجانبان لترسيم الحدود البحرية بوساطة أمريكية. وقالت الشركة الأمريكية المشغلة للحقل الإسرائيلي، إن إنتاج الغاز بدأ من بئر “كاريش 2″، وإن تدفق الغاز يتزايد باطراد، وفق بيان للشركة نقلته القناة “13” العبرية.
أضافت كذلك أن الاستعدادات تتقدم لتدفق الغاز عبر نظام خطوط الأنابيب إلى الساحل، ومن المتوقع أن يبدأ بيعه للعملاء خلال اليومين المقبلين، فيما من المتوقع افتتاح بئر “كاريش 1” خلال أسبوعين، وبئر “كاريش 3” خلال أربعة أسابيع تقريباً.
يشار إلى أن وزارة الطاقة الإسرائيلية أعطت، مساء الثلاثاء، الضوء الأخضر لـ”إنرجيان” للبدء في إنتاج الغاز من حقل “كاريش”.
وفي 9 أكتوبر/تشرين الأول 2022، أعلنت “إنرجيان” ربط منصة الغاز بشبكة الغاز الإسرائيلية، وبدأت في ضخ الغاز من الساحل إلى المنصة لاختبار الأنابيب. أي ان إسرائيل ستبدأ بجني الارباح ثمناً للغاز من اليوم او غداً وهي فعلا كانت قد وقعت مع الاتحاد الاوروبي منذ حوالي الشهرين اتفاقية مبدأية بتصدير الغاز من حقولها على المتوسط ليكون بديلاً عن الغاز الروسي
على المديين المتوسط والبعيد:
في المدى المتوسط، ستستفيد إسرائيل من حالة هدوء امني ستنعكس إيجاباً ليس على صعيد استخراج النفط والغاز فحسب، بل في مجال السياحة والاستجمام والتي تتمتع به المنطقة الحدودية الشمالية المحاذية للحدود اللبنانية الجنوبية من منتجعات سياحية واماكن سهر ولهو، من خلال ما حمله الاتفاق على تأجيل البحث في الحدود البحرية القريبة من رأس الناقورة والمعروفة بخط الطفافات والذي تم تأجيله والذي سيطول كما هو وضع ترسيم الحدود البربة والتي تحفظ على عدداً من النقاط الوفد اللبناني والتي لم تُحل لليوم بعد ان مضى ما يُقارب الاثنين وعشرين عاماً على الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان .
في المدى البعيد، كرس اتفاق الترسيم والذي يُطلق عليه قادة الكيان الاسرائيلي بالاتفاق التاريخي حقوق إسرائيلية في حقل قانا الموعد، ما نسبته ١٧% من عائداته، كما كرس حقوقاً أخرى في اية حقول او مكامن غاز ونفط قد يتم اكتشافها في المنطقة المشتركة، المحيطة بالخط ٢٣ لاسيما في البلوكين ٨ و٩، عدا ما قد يكشفه الزمن الآتِ من ملحقات امنية للاتفاق مما يُعطي إسرائيل حماية امنية لحدودها الشمالية وبذلك سينتج عن الاتفاق هدوء لفترة زمنية طويلة على جانبي الحدود .
لبنان .
في المدى القريب :
تنازل عن حقوقه في حقل كاريش من خلال التنازل عن الخط ٢٩ مما اضعف الموقف اللبناني .تحقق الانجاز اليتيم للعهد وهو اتفاق الترسيم والذي اتاح لاسرائيل استخراج الغاز بهدوء وامان والتخلص من تهديدات حزب الله وامينه العام .
على المدى المتوسط :
سيتيح لشركة توتال البدء بالتنقيب عن الغاز او الحفر والذي سيتيح للبنان بعد حوالي سبع سنوات من استخراج الغاز او النفط في حال ثَبُت وجود مكامن غاز او نفط في البلوكات الجنوبية لاسيما البلوكين ٨ و٩ وفي حال تبين أن حقل قانا فعلا يحتوي على كميات تجارية من الغاز والذي سيتشارك مع اسرائيل بعائداته بذلك سيكون لبنان ووفقاً للأتفاقية المذكورة قد اعترف بإسرائيل وحدودها وبدأ فعلياً بالتطبيع معها ولو من دون معاهدة سلام او ماشابه رسمياً .
إذا ، لبنان لن يجني اية ارباح قبل سبع او ثماني سنوات على اقرب تقدير، وبذلك يكون الاتفاق تاريخياً بالنسبة لاسرائيل، وتنازل للبنان لا أكثر .
بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية :
اتفاق الترسيم جعل من الولايات المتحدة كافلة وضامنة للاتفاق وبذلك سقطت حجة حزب الله وكل ادبياته السياسية في أن الولايات المتحدة الشيطان الاكبر وهي التي تُحاصر لبنان للضغط على المقاومة وبيئتها وبالتالي اتبتت الولايات المتحدة وبالضربة القاضية بأن رواية حزب الله في احتفاظه بسلاحه تحت حجة حماية لبنان وحدوده وثرواته، اثبتت انها مجرد بروباغندا إعلامية ليست اكثر، وهذا ما سيُعطي الولايات المتحدة والدول العربية والاوروبية مادة دسمة فيما بعد للضغط على حزب الله ليعود الى لبنانيته وبأن سلاحه لم يعُد له اية قيمة شرعية او غطاء شرعي لبناني او اقليمي، خصوصاً لو استمر شهر العسل بين ايران والولايات المتحدة في النفط والغاز مقابل السماح لها بزيادة صادرتها لتوفير بعض التعويض عن تخفيض ” اوبك + ” حجم صادراتها ابتداء من ١ تشرين الثاني القادم .
<
p style=”text-align: justify;”>في هذه الاتفاقية لبنان الخاسر الاكبر حالياً وعلى المديين القريب والمتوسط.