أي مستقبل لجائزة الجونكور الأم؟
باريس- المعطي قبال
لتشجيع القراءة ومساعدة السجناء على الاندماج، قرر المركز الوطني الفرنسي للكتاب بالتعاون مع إدارة السجون إطلاق جائزة «جونكور السجناء»، تختار بموجبها لجنة تحكيم مكونة من 15 عضو أهم عمل روائي لهذا العام. وقبل هذا الاختيار يشارك 500 سجين موزعين على 31 سجنا في عملية الانتقاء.في هذه النسخة الأولى ينزع السجناء عنهم قميص السجن لارتداء قميص القراءة والنقد. وخلال بعض الشهادات، فسر البعض منهم غوايتهم الأولية بهذه الرواية أو تلك إما بسبب العنوان وإما بسبب تصميم الغلاف أو حجم الرواية الخ… بدءا يقيم هؤلاء علاقة عاطفية مع هذه العناصر الأولية بصفتها الدرجة صفر للاختيار. تفضي هذه المستهلات بالنقاش الذي يثار على الهامش إلى طرح ومعالجة مسألة مهنة الكاتب وكيفية صوغه للحكايات، المشاهد، الشخصيات الخ… هذا في انتظار الإعلان عن الفائز او الفائزة في 15 من ديسمبر القادم.
هل ستحظى هذه الجائزة بنفس التغطية الإعلامية المفرطة التي تحظى بها الجونكور الأم؟ هل ستحقق نفس المبيعات التي تسجلها هذه الأخيرة؟ هل سيتم الإعلان عن الفائز من مطعم دروان الشهير الذي تم اختياره منذ 1903 موقعا للحدث أم من مطعم ومكان آخر؟ على أي وبالنظر إلى النظام والانضباط الذي أظهره الأسرى خلال القراءات والاختيارات الأولية، فقد كان حريا بأعضاء جائزة الجونكور الأم أن يأخذوا العبرة من المساجين الذين يبقون نكرة ويعودون إلى زنازنهم بعد انتهاء العملية بدل التناحر وعرض الخلافات التي تناولتها بعض الصحف مشيرة إلى أن الأكاديمية الأم توجد في عين الإعصار وذلك على خلفية مشاكل قديمة-جديدة بقيت عالقة؟
وتوجد الأكاديمية بالفعل في منطقة إعصار وذلك بسبب، على الأقل، حدثين هامين: يتمثل الأول في مشاركة بعض أعضاء لجنة التحكيم في معرض بيروت للكتاب، وذلك بالرغم من اتهامات التصهين التي وجهها وزير الثقافة اللبناني محمد مرتضى لبعض أعضاء اللجنة ومقاطعتهم للمعرض. على أي لم يتردد بقية الأعضاء في القيام بالرحلة إلى بيروت للمشاركة وإعلان القائمة النهائية للجونكور المكونة من أربعة كتاب. عاب المقاطعون على هؤلاء الأعضاء غياب حس التضامن فيما كان المفروض في نظرهم هو الإجماع على المقاطعة. السبب الثاني كان منح جائزة الجونكور إلى بريجيت جيرو. فقد جرت مداولات صاخبة بين فريقين، دافع الأول عن أحقية هذه الأخيرة في الحصول على الجائزة فيما رشح الفريق الثاني الكاتب الإيطالي السويسري جوليانو دا إيمبولي لنيل هذا الامتياز. وكانت النتيجة هي خمسة أصوات لكل مرشح ، لكن رئيس اللجنة ديدييه دو كوان، حسم الموقف بالتصويت لصالح بريجيت جيرو، هذا مع العلم أن رؤساء لجنة التحكيم يبقون على حيادهم.
هذه السابقة كانت إذا تحيزا لفريق ضد فريق أخر، يتزعمه بيار أسولين. هذا التصويت، دفع ببعض الأعضاء إلى الخروج إلى العلن للتعبير عن تذمرهم من هذه النتيجة واعتبار رواية بريجيت جيرو عملا ثانويا. خلفت هذه المشاحنة التي ليست وليدة اليوم شروخا قد تظهر للعلن خلال الاجتماع القادم للأكاديمية المزمع عقده في 6 من ديسمبر القادم. هناك رهانات أساسية قد تلخص هذا الاحتقان، أهمها الصورة الرمزية للجائزة عالميا. إذ تترجم التميز الثقافي والإبداعي الفرنسي. كما قد ينعكس هذا التشاحن سلبا على بقية جوائز الجونكور.ويؤثر على المداخيل التي تذرها المبيعات على الفائز أو الفائزة، وكذا على المكتبات حيث تتراوح المبيعات ما بين 400,000 و 500,000 نسخة في أحسن الأحوال. ثم ماهي الانعكاسات على جائزة الشرق التي تشارك فيها 12 دولة عربية و 34 جامعة ؟ هناك إذا تخوف من أن تصبح جائزة الجونكور ماركة مسجلة بلا مضمون.