أوروبا.. شبح المجاعة وتضارب المصالح

أوروبا.. شبح المجاعة وتضارب المصالح
مدريد – عبد العلي جدوبي
 
   هل هناك مؤشرات لوضع حد للحرب الروسية الاوكرانية؟ وهل نفهم من تصريحات المسؤولين الاوكرانيين والروس، أن هناك بوادر لإنهاء الأزمة، وبالتالي وقف إطلاق النار بين الطرفين؟ أم أن الحرب ستطول بفعل الدعم العسكري الغربي المتواصل لأوكرانيا؟
   قال الرئيس الأوكراني فلوديمير يلينسكي إنه على استعداد للنظر في بعض التنازلات لإنهاء الحرب في أوكرانيا، مضيفا إنه لن يسمح بـ: “خيانة بلاده”!
   وكان مستشار الرئيس الأوكراني يجور جوفكفا قد صرح في وقت سابق لقناة أي آردي الألمانية أن بلاده مستعدة لمناقشة الوضع مع روسيا، ولكن بشروط محددة، مشددا على أن أوكرانيا بحاجة إلى ضمانات أمنية!
وبحسب وكالة بلومبرغ للأنباء، فإن هناك مؤشرات تدل على أن روسيا وأوكرانيا قد اقتنعتا بعقد جولة جادة من المفاوضات قريبا..!!
   وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لا فروف إن موسكو لن تتفاوض مع كييف على أساس “صيغة السلام” التي وضعها الرئيس الأوكراني، وفقا لما نقلته وكالة الانباء الروسية ريا نوفوستي، وشدد لافروف على أنه ومع ذلك، روسيا ما تزال منفتحة على الحلول الدبلوماسية.
     وكان الرئيس الاوكراني زيلينسكي قد قدم صيغة لاتفاق سلام من عشر نقاط لزعماء العالم في قمة مجموعة العشرين في بالي بإندونسيا نوفمبر الماضي، لكن موسكو اعتبرت “الصيغة المقترحة” مرفوضة!
   في إسبانيا، ذكر بعض السياسيين الإسبان في إحدى البرامج الحوارية بالقناة الثالثة للتلفزيون الاسباني، بأن اجتماع وزراء خارجية دول الإتحاد الأوروبي بالمنتدى السابع ببرشلونة نوفمبر الماضي، ظل ذلك الاجتماع حبرا على ورق ، ولم تسفر قراراته عن أية نتيجة تذكر، فيما يخص إقامة تعاون فعلي بين دول ضفتي المتوسط شمالا وجنوبا، خاصة فيما يتعلق بمجال الطاقة.
 
خلافات أوروبية 
   وحسب دراسة نشرتها جامعة جورج تاون الأمريكية مؤخرا، خلصت إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية، دفعت دول أوروبا للتماسك وتناسي خلافاتها، وخلق نوع من التضامن، لكن بعد استمرار الحرب، بدأت تظهر خلافات بجسم الاتحاد، خصوصا فيما يتعلق بتطبيق العقوبات على روسيا من عدمها، وبعد سلسلة من الإحتجاجات والإضرابات في أوروبا المتعلقة بارتفاع تكاليف المعيشة، فعدد من الأوربيين يرون أن حكومات بلادهم كان عليها الإهتمام بالأوضاع الداخلية، بدل تسخير كل الجهود والامكانات والمساعدات لأوكرانيا!
   وذكر موقع لابانجورديا الإسباني أن أزيد من ثلاثة ملايين لاجئ أوكراني وصلوا مند بداية الحرب إلى البلدان الأوروبية، وفقا للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، كما أن كل من المانيا وبولندا والتشيك تحملوا العبء الأكبر من استقبالهم للاجئين الفارين من الحرب ..
   كل مؤشرات خبراء الاقتصاد بالبنك الدولي تشير إلى أن أوروبا تواجه حاليا أسوأ أزمة إنسانية لم تواجهها مند ستة عقود خلت، على إثر تداعيات أزمة الحرب الروسية الأوكرانية..
   في هذا الصدد حذرت منظمة أوكسفام الدولية من تنامي عدد الفقراء في أوروبا قد يصل إلى 25 مليون بحلول العام 2025، كما أن الفجوة بين الأغنياء والفقراء في عدد من الدول الأوروبية والدول النامية ستزيد اتساعا، وتنذر بأزمات لاحصر لها؛ في هذا الصدد أجرى الصليب الأحمر الدولي مسحا على 22 من المنظمات بالدول الأوروبية وجد أنها تقدم مساعدات غذائية إلى 53 مليون شخص في العالم بزيادة نسبتها 75 بالمائة، عما كان عليه الوضع قبل اندلاع الحرب.
 
إجراءات أحادية الجانب
   هناك تحديات تواجه دول الاتحاد الأوروبي في مقدمتها محاربة تضخم قياسي بلغت نسبته 6’8 في المائة، وأيضا اجتياز فصل الشتاء من دون حدوث نقص حاد في إمدادات الطاقة والمواد الغذائية الأساسية خصوصا الحبوب، لدى البلدان التي تعتمد بشكل كبير على الغاز الطبيعي الروسي والحبوب، وهذا ما دفع ببعض الدول الأوروبية إلى اتخاد إجراءات أحادية الجانب، تفاديا من تفاقم الأزمة الإقتصادية لديها مما يهدد بتفتيت وحدة الاتحاد الأوروبي..
   التقارير الصادرة عن منظمات دولية تشير إلى أن العقوبات المفروضة على روسيا من طرف أمريكا وأروبا، لم تجد نفعا. فأزمة الاقتصاد العالمي بسبب الحرب، خلقت فجوة عميقة من المشاكل المتداخلة والمتعددة، وطرقت أبواب الدول الأوروبية كافة شعوبا وحكومات، نتج عنها توقف النشاط التجاري والخدماتي بين روسيا والعالم، وازدادت أعداد الشركات والمؤسسات الأوروبية المفلسة، وبالتالي ازدادت أعداد العاطلين عن العمل، ولم تستطع شركات القطاع العام المتعثرة تأمين ضمانات التزاماتها المالية، ولم تتمكن قطاعات المرافق والخدمات من توفير الطاقة اللازمة للاستمرار في عملها..
   ويشار إلى أن الإقتصاد الروسي يحتل المرتبة 11 عالميا أبرزها أسواق الطاقة والمعادن والحبوب..
 
عاصمة الانوار بدون أنوار !!
   الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قال إن حكومة بلاده تسعى للحفاظ على الطاقة من خلال إضفاء الأنوار ليلا في الأماكن العامة، واتخاد تدابير تقشفية لمواجهة فصل الشتاء!! كما حذر وزير الاقتصاد الألماني روبرتهابيك من أن بلاده ستواجه نقصا في الغاز الطبيعي، وأضاف بقوله إنه إذا ما ظلت الإمدادات الروسية في تناقص مستمر، فيستعين عليه إغلاق بعض المصانع في بلاده، وتسريح العمال!!
   من جهة أخرى قال خبير روسي في قناة إرتي الروسية إن الغرب اعتقد أنه باستطاعته من جراء فرض العقوبات الاقتصادية على روسيا، أن يخلق لها متاعب داخلية من خلال سلسلة من الإحتجاجات المظاهرات، لكن لاشئ من هذا حدث، حيث اتخدت السلطات الروسية إجراءات استباقية كبدائل لكل الاحتمالات الممكن وقوعها على المدى القريب أو البعيد، حيث وضع الاقتصاد الروسي – حسب المتحدث – تحث مجهر الفرص الداخلية، والإعتماد على الذات، برسم استراتيجية أطلق عليها (حصن روسيا) لتفادي الصدمات التي قد يتعرض لها الاقتصاد الروسي..
   هذا وقد لاتتضح الصورة الكاملة لبعض الآثار السلبية لهذه الأزمة، إلا أن هناك بالفعل علامات واضحة على أن اشتداد الحرب القائمة، ستزيد من حدة الصعوبات الحالية التي تواجه صناع السياسات في البلدان الأوروبية لتحقيق التوازن الدقيق بين احتواء التضخم والتعافي الاقتصادي، والتخلص تدريجيا من أثار الخصاص في الغذاء إلى حد المجاعة التي قد تزيد في معاناة العديد من الدول والشعوب، وتلحق الضرر بالأخضر واليابس.
Visited 5 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

عبد العلي جدوبي

صحفي مغربي