الأفارقة أمام أربعة شرور
باريس – المعطي قبال
في التاسع نوفمبر من العام الماضي، أعلن إمانويل ماكرون عن فسخ عملية برخان بمالي. جاء هذا القرار بطلب من العسكر المالي بعد وصول انقلابيين إلى الحكم وعلى رأسهم آسيوي غويتا. في 18 من فبراير من هذا الشهر، وضعت بوركينا فاسو بدورها حدا لتواجد القوات الفرنسية الخاصة على أراضيها. وكانت حكومة هذا البلد قد بعثت برسالة إلى السلطات الفرنسية في 18 من يناير الماضي تعلن فيها عن قرار إلغاء الاتفاق المتعلق بوضعية القوات الفرنسية في البلاد وأمهلتها شهرا لمغادرة تراب البوركينا. وعلى شاكلة نظيره المالي آسيمي غويتا،، قرر الكابتن البوركينابي إبراهيم تراوري وضع حد لعملية سابر (سيف). وقد لعب الشارع البوركينابي دورا حاسما في هذا الانسحاب، بحيث اعتاد المواطنون التجمع في العاصمة واغادوغو عند نهاية الأسبوع للمطالبة برحيل فرنسا. وقد تقوى ارتياب المواطنين من تصرفات القوات الفرنسية الخاصة مع تزايد نفوذ الجماعات المسلحة التي تستولي على 40% من التراب البوركينابي. وحسب منظمة «أكليد» التي تتابع وتقدم إحصائيات لضحايا النزاعات في العالم، قتل ما يقرب من 12 ألف من المدنيين والعسكريين ببوركينا فاسو. وقد انسحب قسم من الخبراء العسكريين إلى ساحل العاج حيث تتوفر فرنسا على أزيد من 900 جندي والنيجر التي استقبلت قسما من المعدات العسكرية بعد انتهاء عملية برخان بمالي. خروج، هناك من يستعمل كلمة طرد، فرنسا من مالي وبوركينا فاسو، هو بالكاد هزيمة ديبلوماسية ومعنوية لفرنسا بإفريقيا.
كما أنها خسارة عسكرية بالنظر إلى الضحايا الفرنسيين الذين سقطوا تحت هجمات الجماعات الإسلامية، وبالنظر أيضا للميزانية الخيالية التي صرفت على العتاد العسكري. كما أن فرنسا فقدت ما تبقى من رصيدها العاطفي لدى الأفارقة. لم يعد الشباب الإفريقي يتقبل تواجد القواعد العسكرية الفرنسية لأن هذه الأخيرة تغذي العداء والحركات الإسلامية. لذا يطالب الشباب الإفريقي عبر المظاهرات وأحيانا أعمال عنف، برحيل فرنسا لوضع حد للغطرسة الفرنسية ودفاعا عن «السيادة الإفريقية». لكن الوجه الأسود للعملة هو اتكاء العسكر في مالي وبوركينا فاسو على انتحاريي قوات فاغنر الروسية التي انتشرت في ربوع هذين البلدين لنهب خيراتها وبالأخص مادة الذهب. في الأخير، فما بين شر العسكر، الجماعات الإرهابية المسلحة، شر فرنسا وشر فاغنر، سيكون الأفارقة، وفي كل الأحوال، هم الضحية.