في راهنية الفهم المتجدد للثقافة الديموقراطية بالمغرب (سرطانية اتحاد كتاب المغرب الريعي)
عبد الله راكز
لايهم هذا المقال بعض المؤسسات التي اعتبرت نفسها وصية على الثقافة “الديموقراطية” بالمغرب.. وأعني بهذا ما اعُتبر اتحادا لكتاب المغرب. بعد أن عرّته التجربة والممارسة، وفضحت ممارساته التي لا تمت بصلة للثقافة، إلا في البحث عن ترقية اجتماعية وهمية، حققها البعض في ظروف أطرتها حيثيات سياسية خاصة، ولا زال البعض يجاري من أجل ذلك، رغم فوات الأوان.
كان المؤتمر الثامن بقاعة عبد الصمد الكنفاوي بحديقة الجامعة العربية في الدار البيضاء، على ما أذكر، (بعد التناقض الايديولوجي/السياسي بين جماعة محمد برادة وجماعة محمد بنيس) إيذانا بفشل هذه المؤسسة، وفشل مؤسسيها، ممن اعتبروها مرآة لميزان القوى المجتمعي؟؟ وأي ميزان؟؟ للأسف.
1/ اعتبارات أولية لا بد منها:
أ/ تشكل شعار الثقافة الوطنية – الديموقراطية شعارا مطابقا للمرحلة التي تلت الاستقلال العام 1956..على اأساس أن هذه المرحلة شهدت استمرار الكفاح من أجل إزالة آثار الاستعمار، الذهنية والسلوكية والمصالحية، وتأسيس الدولة الوطنية… فيما يتشكّل شعار الثقافة الديموقراطية اليوم في ظروف مختلفة، تشهد كفاحا عارما من أجل التغيير الديموقراطي، وبالتالي فإن الثقافة الديموقراطية وسؤالها، يبدو مواكبا للمرحلة الراهنة – كما نعتقد – بما هو سؤال يفترض في جوابه أن يحمل بعضا من التنوير في هذا الباب: الحداثة، العقلانية وغيرها.. كمقدمات لوعي مدني ضروري ومُفترض.ب/ اعتُبرت علاقة المثقف بالسلطة، بصفة عامة، عائقا أمام آدائه لمسؤولياته ودوره في المجتمع، بل إن البعض من المثقفين اعتبر ممالئا للسلطة، بموجب تقاطع أهدافه مع هذه الأخيرة (هذا حال المثقف الليبرالي في السبعينات).
والحال أن هذا الإشكال يعوق اليوم، المثقف “اليساري” أو المحسوب كذلك، بعد تبنيه لشعارات التنوير والحداثة (بشكل متأخر طبعا)، كمقدمات على سبيل تأسيس مجتمع مدني ضروري عوض المجتمع الشعبوي السائد.
2/ اعتبارات ثانية مُفترضة:
1/ فهل أن “الثقافة الديموقراطية” كشعار مطابق، لا زال كفيلا في طرحه، بالبحث عن عن مضمون يساعده على الإمساك بتلابيب الواقع السياسي الراهن والتعبير عنه بالشكل الأقوم؟ وهل هو كشعار ومجال نظري للعمل والفعل تقتضي برنامجا، يستجوب هو الآخر، حدودا وتوجهات فرعية ملمة، ومثقفين” عضويين”؟ ولو بالمعنى الرمزي؟؟
لربما نجد جوابا موضوعيا في أزمة هيئة كانت تدعي تمثيليته بأطر هي أصلا خارج مُستلزمات الفكر والثقافة بالمغرب. نعني بدون مواربة ما يسمى “اتحاد كتاب المغرب؟؟”.
2/ ثم، وفي مثل وضع كهذا (مخترق من لدن جهات متعددة مختزلة في الكثير من البوتيكات ” الثقافوية”)، هل يمكن من وجهة نظر المُستبقات المتفائلة على قلتها، اعتبار الشعار أياه، مختزلا لإشكالات النضال الديموقراطي؟ وانسجاما مع مع مضمونه (متى تمت صياغته بدقة). كيف يتأتى له أن يساهم في إعداد مجتمع مدني منشود، قادر على استيعاب طبيعة المناداة بتحول ديموقراطي متوخى؟؟ألا يجدر بفعاليات المجتمع أن تطالب بحل هذه الهيئة؟ أو على الأقل، عدم استفادتها من حق المنفعة العامة؟؟
3/ كيف إذن، للمثقف الرمزي المذكور، وحتى التّقليدي، أن يحدد دوره، وما هو إن وُجد؟؟ على ضوء تناول ومعالجة واضحين لاشكال علاقة السلطة (رسمية كانت أو سياسية – تنظيمية) في مشاركة جماعية فعالة، دون أن يكون انخراطه في هذه الأخيرة ذاتها، على حساب إبداعه أو التقليل من فرصته في ذلك؟ (وهذا أقل الضرريين). وبتعبير آخر موجز، كيف يضمن للمثقف هذا (الديموقراطي الرمزي أو غيره) استقلالية لازمة تمنحه المزيد من الحرية في إبداعه، بدون أن تضر الاستقلالية هاته بتوجهه العام المنضبط للشعار المذكور.
بدون مزايدة ايديولوجية، وبدون ريع مُوجّه يحول الثقافة لسلعة في سوق “نخاسة” المعرفة.من جديد، وحتى لانختم، لندع مع المتفائلين دوما، لحل هاته المؤسسة السرطانية، صونا للثقافة المغربية وبدون هوادة.