لماذا يتصاعد ضغط العودة الطوعية على اللاجئين السوريين؟

لماذا يتصاعد ضغط العودة الطوعية على اللاجئين السوريين؟

 ريم ياسين

    نظم الأردن في أول ماي الحالي اجتماعا إقليميا حول عودة السوريين الذين فروا من بلدهم منذ بدء الحرب. وتلتقي هذه المبادرة مع محاولة تطبيع العلاقات الجارية مع النظام السوري، مترجمة الرغبة القوية لدى هذه البلاد لعودة اللاجئين إلى وطنهم.

   فهل أصبح اللاجئون السوريون غير مرغوبين في البلاد المجاورة؟

 بعد أكثر من 12 سنة على بداية الحرب السورية، لم يعد التطرق إلى موضوع العودة الطوعية للاجئين موضوعا محرما في البلدان المجاورة التي تستقبل ما لا يقل عن 5.6 مليون سوري. والبعض منهم يعمل لطردهم متحدثا عن التوصل إلى هدوء مؤقت. 

  تستضيف تركيا العدد الأكبر، ويصل إلى 3.6 مليون, حسب الأمم المتحدة. أما في لبنان، فأصبح السوريون يشكلون ربع سكانه. وفي الأردن، يوجد 675 ألفا سوريا مسجلين حسب الأمم المتحدة بينما يقدر الأردن العدد بـ1.3 مليون.

   منذ أزمة الكوفيد والنتائج الاقتصادية للاجتياح الروسي لأوكرانيا، لم تعد تخفي هذه البلاد نشاطاتها في اتجاه عودتهم. في هذا السياق، تأتي المبادرة الأخيرة، أي الاجتماع التشاوري الذي حصل في عمان في أول شهر ماي بين وزراء الخارجية في الأردن ومصر والعراق والسعودية وسوريا. وقد وصف المشاركون العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين إلى بلدهم بالأولوية القصوى، كما عبروا عن دعمهم لسوريا ومؤسساتها  في جهودها المشروعة لبسط سيطرتها على أراضيها.

  ما علاقة التطبيع الجاري مع النظام السوري بموضوع اللاجئين؟ 

   بعد أكثر من عشر سنوات على اندلاع الحرب وأكثر من 500,000 قتيل، يسيطر الرئيس السوري بشار الأسد على جزء كبير من سوريا ويخرج من العزلة الدبلوماسية. فقد أسرعت الهزة الأرضية، التي حدثت في 6 فبراير 2023، في عودته إلى الساحة الإقليمية، وكذلك فعل التقارب الذي حصل بين الرياض الداعمة لمجموعات معارضة وإيران عراب سوريا.

   زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى إيران في 3 ماي، وهي الأولى منذ سنة 2010، حدثت بعد الزيارة غير المسبوقة التي قام بها وزير الخارجية السعودي إلى دمشق في 18 أبريل. وليست دمشق وحدها المستفيدة من هذا التطبيع. فجميع الدول المجاورة لها مصلحة في ذلك. بالنسبة للأردن، موضوع عودة اللاجئين هو أولوية. وقد تقدمت عمان في منتصف شهر أبريل في السعودية بمبادرة من أجل حل سياسي للأزمة السورية. الأردن يرغب في لعب دور أولي، آملا بذلك إيجاد حل للموضوع الأمني على حدوده مع سورية التي يبلغ طولها 360 كم، ومكافحة تهريب الأسلحة والمخدرات الآتية من سوريا.

 هل استمعت ظروف العودة إلى سوريا؟

   تقدر الأمم المتحدة عدد اللاجئين العائدين إلى سوريا منذ سنة 2016 بـ 750,000، بينهم 500 ألفا من تركيا. ويذكر هنا أن 90% من الشعب السوري يعيش تحت خط الفقر وأن 1.8 مليون يعيشون في مخيمات أو مساكن متهالكة. وتحذر المنظمات غير الحكومية بشكل دوري من الإبعاد غير المعلن أو الخروج المتعمد المخالفين للقانون الدولي. بعد أن طردت بيروت 50 سوريا في 14 أبريل الماضي، طلبت منظمة العدل الدولية من لبنان الكف عن الإبعاد القصري للاجئين السوريين، خوفا من أن يتعرضوا للتعذيب أو السجن من قبل الحكومة السورية عند عودتهم.

  ظروف العودة الأمنة والهادئة لم تكتمل بعد. وقد حذرت “مؤسسة تحرير للشرق الأوسط”، الموجودة في واشنطن، في تقريرها الذي صدر مؤخرا من ازدواجية النظام السوري في هذه المسألة.

  في حال عودة بعض اللاجئين السوريين من لبنان والأردن وتركيا، فسيستفيد النظام السوري، ويحاول إقناع المجتمع الدولي بسروره بعودة مواطنيه، يقول الباحث محسن المصطفى. ولكن في الحقيقة، سياسة العودة هذه هي انتقائية وترتكز على المصلحة. إنها ليست سياسة المصالحة ولا سياسة المواطنة.

* بتصرف عن صحيفة “لاكروا” الفرنسية،3 ماي 2023

Visited 1 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *