أين اختفت حمرة القزيب وبولمقيسات، بوصرندل وسطيلة؟
باريس-المعطي قبال
من يتذكر النعيج، حمرة القزيب، بولمقيسات، الهدهد، بوصرندل، مسيسي، وغيرها من الفراخ والطيور التي كانت، ونحن أطفال، هدفا لمقالعنا الغاشمة؟ هذه الطيور وغيرها كثير، كانت مادة للحلم والبراءة. لكن أفرغنا عليها عدوانية نقلناها من الزنقة، المدرسة القرآنية أو عنف الآباء.
على أي ونتيجة لزحف الكاياس، البصلانة والبغلي.. انسحبت منذ زمان الطيور من فضائنا. فالبناء العشوائي وزحف الأسمنت لم يترك للطير أدنى فرصة للعيش أو الإقامة بين جنبات الحقول والأشجار.
هذا الوضع لا يعاني منه المغرب فحسب أو بعض دول المغرب العربي، بل مجموع أوروبا. في تقرير مفصل نشرته مؤخرا مجلة الأكاديمية الأمريكية للعلوم، تمكن الخبراء وعددهم 50 خبير من طرح تراتبية عامة لأسباب انهيار أعداد الطيور وذلك بالتركيز على الإفراط في استعمال المبيدات والسماد الاصطناعي هذا علاوة عن الاحتباس الحراري.
ويشير التقرير إلى أن هولندا، تشيكيا، إرلندا وفرنسا هي البلدان الأوروبية التي عرفت تكاثرا للممارسات الفلاحية خلال الأعوام الأخيرة. رافق هذه الطفرة الفلاحية انقراض للطيور بمعدل 25% . هكذا تناقص في ظرف 40 سنة عدد الطيور بـ 800 مليون طائر. لبلوغ هذه النتيجة تمت مراقبة 20,000 موقع موزع على 28 دولة. كما ساهم في السهر على هذا التقرير 50 من الباحثين المختصين في مجال البيئة، تغطي 37 سنة من المعطيات. خلص هؤلاء الخبراء إلى نتيجة مفادها أنه لإنقاذ الطيور والحشرات والزواحف، على الإنسانية تغيير طرق استهلاكها وتغيير الإنتاج الغذائي. ولم يساعد اختفاء الحشرات على الحد من انقراض الطيور. ذلك أن الحشرات كغذاء للطيور يساعد هذه الأخيرة على خلق عادات البقاء أو التردد على نفس المكان. وقد دفع انسحاب الحشرات إلى هجرة الطيور وتشتتها على أمكنة عدائية. الفرط في الإنتاجية، استعمال المبيدات للرفع من الإنتاجية، إنهاك الأرض باختيار فلاحة الربح، فتح أوراش فلاحية بالقرب من محطات طاقة الرياح الخ… كلها عوامل إنفار بل طرد الطيور من مجال إلى مجال.
فيما مضى، كان اللقلاق يعبر البحار في اتجاه إفريقيا الشمالية. اليوم يتوقف في إسبانيا قبل العودة إلى الشمال. وبسبب حرارة المناخ تخلى عن الرحيل إلى المغرب. هناك رهان بيئي بمكوناته الصحية، البيولوجية، المناخية الخ…، لم يفكر فيه المغرب بعد. وعليه إن استمر الحال على ما هو عليه، فيجب أن لا ننتظر عودة تغاريد طيور طبيبت، سطيلة، بوعميرة، كسكس لالا …