مَنْ سَبَقَ مَنْ إلى اكتشاف القارة الأمريكية: كُولُومْبُوس أم الفايكينغ أم الفِنيقِيُّون أم الصينيّون أم الأندلسيّون؟
د. محمّد محمّد الخطابي
يرى بعض المؤرخين، والدارسين، والباحثين الأركيوليجيين الثقات من جامعة (ميشيغان الدّولية الأميركية)، أنّ العِلم الحديث أمكنه أن يقدّمَ لنا الدّليلَ على أنّ القارة الأمريكية لم يكتشفها –كما كان مشاعاً ومعروفاً من قبل – الرحّالة الايطالي المغامر كريستوفر كولومبوس، بل هناك إشارات، ومظانّ، ومراجع، ومصادر ترجّح بأن يكون الفايكينغ Vikings قد سبقوه إلى هذا الاكتشاف، فقد صرّح هؤلاء العلماء أنه قد تمّ العثور مؤخراً على مُخلّفات، وبقايا قبائل الفايكينغ في جنوب جزيرة بوفين التي تقع في الجزء الشمالي لكندا.
وقد أفادت مجلة (أخبار العلوم الأميركية): أنّ هناك بقايا وبصمات تمّ العثور عليها في إطار عملية تنقيب وقعت منذ أواخر عام 1960، وبعد مرور ما ينيف على خمسين عاماً من انطلاق هذه الحفريات، أمكن للباحثين العثور على أواني وأوعية لصهر البرونز، ويعود تاريخ هذه الموجودات إلى القرنين الثامن، والرابع عشر الميلادي، ممّا يثبت من جديد بما لا يترك مجالاً للشكّ أنّ سكّان الشّمال ربما قد كان لهم قصب السّبق في الوصول إلى القارة الأميركية قبل وصول كولومبوس إليها.
ومن الموجودات التي تمّ العثور عليها، والتي تكتسي أهميةً، خاصّة أوعية من حجر بداخلها بقايا شظايا صغيرة من البرونز والزجاج، ربما تكون قد إستُعملت لتذويب وصهر أسلحة، أو حِليّ أو أدوات الصيد والزينة العائدة لشعوب الفايكينغ القديمة، علماً أنّ سكّان أميركا الشمالية الأصليين لم يكونوا يمارسون عمليات صهر المعادن بَعْدُ في ذلك الأوان. ويشير هؤلاء العلماء الأركيولوجيّون الذين اشرفوا على هذا المشروع أن هذه الموجودات، والأدوات، والمخلفات التي تمّ العثور عليها، هي ذات صلة وثقى بقبائل الفايكينغ، لأنّ شعوبها استعملوا أواني وأوعية شبيهة إلى حدّ كبير بتلك التي تمّ العثور عليها في كندا، كما ويؤكد هؤلاء العلماء أنهم وجدوا أوعية تشبه أوعية كان قد تمّ العثور عليها من قبل في أوسلو.
هذه الموجودات جعلت بعضَ العلماء والمؤرّخين يتشكّكون ويرجّحون أنّ قبائلَ الفايكينغ الإسكندنافييّن، ربما كانوا أوّل الأوروبييّن الذين وصلوا إلى القارّة الجديدة قبل كولومبوس التي سمّيت في ما بعد بـ (أميركا)، على إسم واضع أوّل خريطة لهذه القارة، وهو الإيطالي Américo Vespuccio أميركو فيسبوتشيو.
ماذا ترك الفِينِيقيِّون هناك؟
كما يرجّح هؤلاء العلماء والمؤرّخون من جهة أخرى أنّ الفنيقييّن هم الذين ظفروا بقصب السّبق بالفعل في الوصول إلى هذه القارة، منهم العالم المكسيكي خوسّيه إيبيزاير لامارنيا، الذي أكّد في هذا السبيل أنّ الفنيقييّن هم أوّل من وصل إلى أميركا قبل كريستوفر كولومبوس، وكان إكتشافهم للعالم الجديد من باب الصّدفة، كذلك قبل 26 قرناً.
يؤكّد هذا العالم أنّ الفنيقيين أقاموا ردحاً من الزّمن في تلك البلاد قبل الاستعداد لرحلة العودة من جديد من حيث أتوا، إلاّ أنّهم قبل أن يعودوا أمر ربّان السفينة التي أقلّتهم كاتباً بأن يختار صخرة ويكتب عليها ما يمكن اعتباره أثراً لهم، أو دليلاً على وجودهم في تلك الأراضي النائية. وهكذا، بينما كانت السّفينة تتأهّب للإقلاع، بدأ في كتابة الرسالة التالية: ”نحن أبناء كنعان من صيدا مدينة الملك التاجر، عصفت بنا الرّياح إلى هذا السّاحل البعيد من أرض الجبال، لقد ضحّينا بشاب منّا وقدّمناه قرباناً لآلهة السّماوات في العام 19 من عهد ملكنا العظيم حيرام لقد ركبنا البّحرَ في البحر الأحمر، وأبحرنا في عشر سفن، ومكثنا في البّحر مدّة سنتين ندور حول أرض حام إفرقيا، إلاّ أننا تعرّضنا لعاصفة هوجاء على يد بعل إله العواصف والشّتاء عند الفينيقييّن فافترقنا عن أصدقائنا، وهكذا وصلنا إلى جزيرة النحاس البرازيل، لكثرة ووفرة هذا المعدن فيها في 12 رجلاً وثلاث نساء”. حاشية: يزعم البعض ان اسم البرازيل أساسه براس إيل، أي رأس الإله إيل. ويضيف العالم المكسيكي: ولا يعرف أحد إذا ما كانوا قد عادوا إلى أراضيهم الأصلية أم لا”.
وكان المؤرّخ الإغريقي هيرودوت قد سجّل في تاريخه القديم مغامرة قامت بها جماعة من الفينيقييّن على متن عشر سفن تحت إمرة أمير البحر كُودُومُو، مؤسّس أثينا ومرافئ جزيرتي قبرص وكريت، حيث هبّت عليهم عاصفة بحرية في السّاحل الإفريقي قبالة البرازيل. وتشير الأخبار التي أوردها المؤرّخ هيرودوت في تاريخه الشهير إلى مختلف البطولات والمآثر التي قام بها كودومو، حيث قام في مناسبتين اثنتين بالدّوران حول الأرض بعدما عبر بحرين ونزل وأصحابُه عدّة مرّات في العديد من السّواحل. وبطولات ومغامرات من هذا القبيل كانت معروفة عند الفنيقييّن خصوصا في أعالي البحار.
مَدىَ صِحَّة صخرة الفنيقيين؟
هذه الوثيقة، أو تلك الصخرة، التي كتب عليها الفنيقيّون هناك في ساحل بارايبا في البرازيل مدّة 25 قرناً من الزّمان ، حتى 11 أيلول من عام 1872، عندما اكتشفها أحدُ أبناء تلك المنطقة، وعندما أخرجوا هذه الوثيقة المتمثلة في صخرة عجيبة متناسقة، كانت تحتوي على كتابات غريبة تمّ تنظيفها، ثمّ قام الشّخص الذي عثر عليها في أرضه، إعتقاداً منه أنّها وثيقة ذات قيمة كبرى، فبعث بها إلى أكاديمية العلوم التاريخية في ريّو دي جانيرو التي كان يرأسها العالم البرازيلي بيسكونتي دي سابواكايّي، حيث شكّ الأركيولوجيّون في البداية في صحّتها، فالحروف المكتوبة بها هي حروف فينيقية، إلاّ انّه بعد أن كلّف الإمبراطور بُطرس الثاني أحدَ أعضاء الأكاديمية المذكورة للإتصال بالعالم الفرنسي إيرنست رينان، الذي كان متخصّصاً في الحضارة الفينيقية، والذي قام بترجمة الكتابة التي كانت على الصخرة، اتّضح في ما بعد أن هذه الترجمة لم تكن دقيقة ولا صحيحة. وكان رينان وباقي علماء الأكاديمية البرازيلية قد شكّوا في البداية حسب إعتقادهم أنّ الأسلوب الذي كُتبت به هذه الوثيقة لم يكن من خصائص الأسلوب الفينيقي في تلك الحقبة. وظلّ حُكم العلماء البرازيليين سرّاً من 1872 إلى عام 1899 حين نُشرت نتيجة أبحاثهم التي ترى أنّ الوثيقة-الصخرة مزوّرة.
وبعد مرور زهاء قرن من الزمان عبّر العالم الأميركي الدكتور سيروس غوردُون مدير الدراسات المتوسطيّة من جامعة برانديس الأميركية عن اهتمامه في تحليل الصخرة التي تمّ العثور عليها في منطقة بارايبا في البرازيل، وكانت مفاجأة كبرى عندما أعلن هذا الباحث الأركيولوجي الأميركي الكبير أنّها حقيقية ووثيقة أصليّة.
وقال غوردون: إنّ الملك المذكور في هذه الكتابات لا يمكن أن يكون سوى حيرام الثالث 552-532 قبل ولادة السيّد المسيح، ممّا يرجّح أن هذه الكتابات كتبت عام531 قبل الميلاد.
وقد توّجت نتائج هذا الباحث بفضل بعض المخطوطات الفينيقية القديمة التي عثر عليها في كهوف أو مغارات البحر الأحمر، ففي هذه المخطوطات وُجدت تعابير شبيهة جدّا بتلك التي كانت مسجّلة على تلك الصخرة وأسلوب أدبي شبيه بها كذلك يطابق تماماً الأسلوب الذي كُتب بها. وقد قدّم الدكتور غوردون الدليل قائلاً إنّ التعابير التي كانت مسجّلة على الصخرة هي فعلاً من سمات، وخصائص الأسلوب الذي إستعمله الفينيقيّون في القرن السادس قبل الميلاد.
وفي ما يتعلّق بحكم العلماء الأركيولوجييّن البرازيليّين التابعين لأكاديمية العلوم في ريّو دي جانيرو، قال الدكتور غوردون إنّ استنتاجه يقوم على تحليل علمي دقيق، ذلك أنّه في عام 1872 لم يكن كثير من الوثائق والمخطوطات الفينيقية معروفة بعد، وكانت تعابير أسلوبهم مجهولة بالنسبة لهؤلاء العلماء الأركيولوجيين الذين أصدروا حكمَهم منذ قرن من الزّمان، بل ظهرت وثائق أخرى جديدة بعدهم عزّزت نتائجه، ممّا يجعل من حجرة بارايبا وثيقة حقيقية لا يرقى إليها الشكّ – في نظره – إذ لو أنّها فرضاً زُوّرت عام 1872 فسيكون مستحيلاً ذلك، لأنّ أسلوب الكتابة الفينيقية كان ما زال مجهولاً في ذلك الوقت.
دلائل على وجود الفنيقيّين بالبرازيل
ويشير الباحثُ المكسيكي خوسّيه إيبيزاير لامارنيا إلى أنّه بعد صخرة بارايبا تمّ العثور في تواريخ غير بعيدة على دلائل أخرى تؤكّد وجود الفينيقيين في البرازيل، ففي مصبّ نهر الأمازون تمّ إكتشاف أشكال خزفية وفخارية عليها عدّة رسوم فينيقية، التي يمكن للعالم أجمع أن يراها ويتأمّلها في متحف غويلدي دي بليم في البرازيل، كما تمّ العثور على عدّة معالم في مناطق الغابات في أدغال ماتو غروسّو، ذات خصائص تشبه إلى حدّ بعيد البقايا، والآثار الأركيولوجية، التي إكتشفت في نواحي صيدا.
الباحث المكسيكي يلفت الأنظار بإمعان إلى أهميّة وثيقة حجرة بارايبا في البرازيل، التي تؤكّد وجود الفنيقيين في هذه البلاد النائية منذ عهد سحيق، وأنّ هذا الأمر جدير بالدّراسة،والبحث، والتحليل، والتمحيص والاعتراف بالجميل لهؤلاء البحارة المغامرين الفينيقيين.
ويؤكّد العالم الأميركي (سيروس غوردون) من جهته الذي أثبت صحّة كتابات الصخرة الفينيقية التي عثر عليها في البرازيل، يؤكّد في دراسات له متعدّدة منشورة حول هذا الموضوع، أنّه: إضافةً إلى ذلك، فقد تمّ العثور على كنوز تتألّف من نقود رومانية مختلطة بمسكوكات عربية في أعماق البحار في السّواحل المحاذية لفنزويلا.
وأكّد عالم أميركي آخر، وهو الدكتور مارك ماكناماين، أستاذ الأركيولوجية في جامعة مونت هوليوك بماساشوسيتس، بدوره، وجود مسكوكات فينيقيّة تحمل خرائطَ العالميْن الجديد والقديم، كما أشار إلى أنّ نقوداً ومسكوكات نحاسية أيقونية فينيقية تمّ إكتشافها أيضا في أميركا الشمالية.
ويقول الباحث الأستاذ محمد عارف: لا يمنع أن يكون الفينقيّون قد وصلوا أميركا، فأهل قرطاج الذين نافسوا الرومانَ في البحر، وكادوا القضاء على الحضارة الرّومانية لولا خطأ هنيبعل القرطاجي وتركه حصار روما والعودة الى قرطاج حين علم بمحاصرة الرّومان لقرطاج، الذي أدّى الى ضعف جيش هنيبعل أو حنبعل 247 ق.م – 182 ق.م وإنهياره، وانهيار دولته بل إمبراطورية قرطاج، حيث وصل إلى جعل البحر الأبيض المتوسط بحيرة قرطاجيّة.
الفراعنة وسكّان أمريكا؟
السؤال الذي طالما تمّ طرحه كذلك في هذا السياق فى عدّة مناسبات بين العلماء والباحثين والمؤرخين المتخصّصين في تاريخ القارة الجديدة يدور حول إذا ما كانت هناك اتّصالات بين سكّن مصر القديمة من الفراعنة وسكّان أميركا اللاتينية، وكان العالم السّويدي(تول هايير داليدا Toll Hoyer Da lida) قد قام بمغامرة على متن سفينة مصنوعٍة من وَرَق البَردي (Papyrus) الذي انطلق بها عام 1969من سواحل الاطلسي بمدينة (آسفي) المغربية، نحو شطآن أميركا الجنوبية، وقد أمكنه أن يقطع المحيط بالفعل إلى أميركا، وبرهن بذلك – حسب مفهومه – أنّ قدماء المصرييّن ربما ذهبوا كذلك إلى القارة الامريكية!
نُزهة المشتاق فى اختراق الآفاق
هذا ويخبرنا العالم السّبتي المغربي الشريف الإدريسي (المولود فى 1099 – والمتوفّي فى 1160) صاحب الكتاب الشهير (نُزهة المشتاق فى إختراق الآفاق) في كتابه (الممالك والمسالك) عمّا أطلق عليهم بـ (الفتية المغرورين) من “الغُرّة وليس من الغرور”، الذين ركبوا بحرَ الظلمات المحيط الأطلسي الذي يطلق عليه الاسبان (Mar De Las Tinieblas) ليعرفوا حدودَه ويكتشفوا غرائبَه… ترى أين وصلوا…؟ ناهيك عن المؤرّخ أبو الحسن المسعودي(871 – 957) الذي جاء في كتابه (مروج الذهب ومعادن الجواهر): أنه خلال حكم الخليفة عبد الله بن محمد 888 – 912 لاسبانيا، أبحر مغامر بحّار عربي قرطبي اسمُه (الخشخاش بن الأسود) من دلبا بالوس في عام 889 واجتاز المحيط الأطلسي إلى أن بلغ أرضاً مجهولة، وعاد بكنوز غالية ثمينة.
ويشير عالم المحيطات البريطاني (كيفين مانزيس)، في كتابه: 1412، سنة اكتشاف الصّين لأميركا أنّ الأميرال الصيني المسلم سينغ هي، هو مَنْ اكتشف القارة الأميركية قبل الرحّالة الإيطالي كريستوفر كولومبوس. وأنّ الخريطة التي رسمها البحارة الذين كانوا ضمن أسطول هذا الأميرال الصيني تعود إلى عام 1423. ودعّم مانزيس نظريته بالتشابه الكبير الموجود في الحمض النووي ADN بين سكان أميركا الجنوبية الأصليّين، والسكّان الصّينيين، فضلاً عن تقديمه لدلائل أخرى عن الصلة التي كانت قائمة بين المنطقتيْن المتباعدتيْن.
إفريقيا مقابل أميركا
وفى نفس هذا الاتجاه تؤكّد الباحثة الإسبانية لْوِيسَا أَلْفَارِيسْ دِي طَولِيدُو دُوقة مدينة شذونة La duquesa de Medina Sidonia إقليم مدينة قادس بالأندلس في كتابها الكبير (إفريقيا مقابل أميركا) الصّادر بإسبانيا عام 2000، والذي كان محظوراً نشره في البداية نظراً للحقائق والمعلومات الجديدة التي يتحدث عنها الكتاب لأوّل مرة منذ اكتشاف القارة الامريكية أو ما أطلق عليه فيما بعد بالعالم الجديد، فتشير: أنّه في بعض الخرائط العثمانية تبدو سواحل أميركا الجنوبية قبل رحلة كولومبوس إليها، كما تؤكّد: أنه في بعض مناطق أميركا اللاتينية هناك أسماء لأنهار ومدن مغربية مثل سلا، وفاس، وأنّ الإمبراطورية المُرابطية قد امتدّت حتى الأراضي التي تشكّل جزءاً من البرازيل، وغوايانا، وفينزويلا ، وتقول الباحثة إنّ هذا الموضوع قد عُنيت به منظمة اليونسكو العالمية، ونشرت دراسات بشأنه.
مغامرة بحرية جديدة نحو امريكا
وبعد مرور خمسة قرون على رحلة كريستوفر كولومبوس التاريخية، كان الضابط السّابق في البحرية البريطانية (فيليب بيل) قد أبحر في رحلة بحرية ملحميّة على متن قارب من خشب يزن 50 طناً حول أفريقيا في عام 2010، على غرار المراكب الشراعيّة التي استعملها الفينيقيّون منذ 2600 سنة. وكان قد تعاقد مع علماء الآثار، والنجّارين التقليديين المتخصّصين في تشييد القوارب لهذه الغاية، وهو يحكي لنا هذه المغامرة في كتابه (الإبحار قريباً من الرّياح)، وما فتئ هذا المغامر البريطاني يتحدّى التاريخ مرّة أخرى وينوي القيام بمغامرة جديدة فريدة، ليقدّم الدليل مرّةً أخرى للعالم أنّ الفينيقيين سبق لهم أن قاموا بهذه الرّحلة قبل كولومبوس بقرون، وليُبرهن كذلك أنّه كانت لديهم القدرة على تطويق القارّة الجنوبية قبل 2000 سنة من البرتغالي بارتولومي ديّاس، الذي كان له الفضل في هذا الإنجاز عام 1488. وقد استوحى المغامر البريطاني فيليب بيل فكرة هذه المغامرة الكبرى من جرّاء سردٍ للمؤرّخ الإغريقي هيرودوت، الذي يؤكّد في تاريخه أنّ الفينيقيّين قد أبحروا حول إفريقيا عام 600 قبل الميلاد. وكان هذا المغامر قد أشار إلى وسائل الإعلام العالمية أنّ رحلته ستكون إحدى أكبر الرّحلات التي قامت بها البشريّة عبر التاريخ، لذا فإنه يؤكّد أنه إذا كان هناك شعب آخر قام بهذه الرّحلة قبل كولومبوس، فلابدّ أن يكون هذا الشعب همُ الفينيقيّون. وكان متحف نيويورك متروبوليتان للفنون، قد وجّه الدّعوة إلى هذا المغامر البريطاني للمشاركة بمركبه الفينيقي الفريد ضمن المعرض التاريخي الذي نظمه المُتحف حول الحضارة الفينيقية في موسم افتتاحه الجديد عام 2014.
ويضافُ هذا الافتراض الجديد لوجود الفينيقيين في أميركا قبل كريستوفر كولومبوس إلى سلسلة الافتراضات الأخرى، التي تشير إلى رحلات قامت بها شعوب أخرى عبر القارات مثل الفايكينغ، واليابانيين، وبعض المغامرين الاندلسيين من (عرب وأمازيغ)، الذين يُقال إنهم وصلوا إلى هذه البلاد عام 2500 سنة قبل الميلاد، والصّينيين الذين يُقال أنهم وصلوا إلى المكسيك عام 495 قبل الميلاد، يُضاف إلى تلك الإفتراضات كذلك إفتراض وصول لايف أريكسون، الذي يقال أنه وصل إلى هذه الأرض الجديدة عام 1000 قبل الميلاد، وتتزايد الفروضات، والتخمينات عن وصول أقوام، وقبائل، وشعوب إلى أميركا قبل كريستوفر كولومبوس، إلاّ أنّ مغامرة هذا الأخير تظلّ درّة في جبين هذه الرّحلات جميعِها، إذ بعد رحلته المثيرة والشّهيرة في نفس العام الذي سقط فيه آخر معاقل الإسلام في الأندلس 1492 (غرناطة) ظهر هذا العالم النّائي الجديد بالفعل بالشّكل الذي نعرفه اليوم، حتى وإن كان هناك العديد من المؤرخين الذين يؤكدون أن كولومبوس مات وكان في اعتقادة أنه ذهب إلى آسيا وليس إلى قارة جديدة أطلق عليها فيما بعد أمريكا!