الصين والولايات المتحدة: صراع وتنافس وتعاون!

الصين والولايات المتحدة: صراع وتنافس وتعاون!

 د. خالد العزي

خلال لقاءات وزير الخارجية الصيني تشين قانغ، مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين في العاصمة الصينية بتاريخ 18حزيران ــــ يونيو 2023، كان هناك العديد من المواضيع المطروحة للبحث والنقاش، حيث وضع الطرفان القضايا الخلافية والمطالب على الطاولة. بدا واضحا أن أولويات الأميركيين إنشاء خطوط اتصال لمنع العمل العسكري في حالة حدوث أزمة، مثل الاشتباكات بين السفن والطائرات في مضيق تايوان. لكن بكين ردت بأن قضية تايوان تؤثر على مصالحها الجوهرية وهي تتهم الولايات المتحدة بدعم الانفصاليين.

وهي اوضحت أن الولايات المتحدة تثير الصراع من خلال تعميق التعاون العسكري مع اليابان وكوريا الجنوبية، وإدخال الفلبين وأستراليا والهند إلى تكتلات. فالصين  لا تريد أن تعترف الولايات المتحدة بوضعها كقوة متساوية على المسرح العالمي فحسب، بل تريد أيضًا أن تتوقف عن توسيع وجودها العسكري في آسيا.

ثلاثة أهداف رئيسية وضعتها الولايات المتحدة قبيا سفر وزير الدبلوماسية الى الصين وهي  إنشاء آلية لإدارة الأزمات، وحماية مصالح الولايات المتحدة وحلفائها، واستكشاف مجالات التعاون المحتمل.  فالموضوع العسكري أخذ مكانا كبيرا في المفاوضات.

وقد حذرت الولايات المتحدة بكين من إمداد روسيا بالأسلحة لان الموضوع الروسي مهم جدا  لواشنطن، التي تحاول بكل قدراتها عزل روسيا عن الصين وبحد أقصى عدم إمدادها  بالسلاح.

وعرض الأمريكيون فكرتهم القديمة إشراك الصين بشكل أو بآخر في المفاوضات الخاصة بخفض الأسلحة النووية. كما طرحوا قضية زيادة عدد الصحفيين الصينيين والأمريكيين المسموح لهم بالعمل في كلا البلدين، ومصير المواطنين الأمريكيين الذين تم اعتقالهم أو سجنهم في الصين أو منعهم من المغادرة.

من جهتها، قامت الاستراتيجية الصينية على ثلاث ركائز أساسية في التعامل مع المصالح الخاصة بها في الشرق الأوسط والمحيط الهندي وبحر الصين وهي كالآتي:

ـــــ اقامة علاقات مع دول هذه المنطقة بشكل جماعي أو ثنائي

ـــــ إعاقة مصالح الولايات المتحدة في المنطقة

 ـــــ عدم الدخول في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة

وتهدف الفلسفة الصينية الى التعامل مع مصالحها الاقتصادية والحفاظ عليها بالدرجة الاولى والابتعاد عن المواجهات والردّ على الاستفزازات من أجل تنفيذ خطتها القائمة تأمين سير مشروعها الكوني الطريق والحزام الذي يربط العالم بطرق وجسور ومرافئ بحرية تعدها الصين سلفا.

كما تسعى الصين للوصول إلى مصادر الطاقة في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وليبيا وتأمين المرور في المنافذ البحرية لضمان وصول الطاقة التي تستهلك خمسين بالمئة من الإنتاج العالمي لصالح انتاجاتها واستخداماتها. وهو ما يدفعها بالذهاب الى العلاقات الثنائية مع هذه الدول وتقديم حوافز ودعم اقتصادي لتركيز وجودها الاقتصادي والحفاظ على مروره ولاحقا التحول إلى نقاط أمنية وعسكرية تؤسس لبناء قواعد عسكرية ثابتة تساعد النفوذ، وتحمي الحركة التجارية والمواصلات إليها.

ومن الواضح أن هذه الزيارة لم تغير جذريًا العلاقات الأمريكية ـــ الصينية أو حلت الخلافات بين البلدين. بالإضافة إلى ذلك، فإن أي من الجانبين لم يرد أن يشتبه به أنه يقدم تنازلات للمنافس الرئيسي في العالم.

لكن الزيارة بعثت بصيص أمل في سماء قاتمة. على الأقل من حيث طرح المشاكل المتبادلة بين الطرفين وطرحها على الطاولة، ولكن السؤال يبقى هل يؤدي هذا إلى إنشاء آلية لمنع الصراع. لإن القوتين يمكن أن تتوصل إلى شكل من أشكال التعاون النشط.

 

Visited 2 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. خالد العزي

أستاذ جامعي وباحث لبناني