الانفتاح على أوكرانيا في الوثائق الإيرانية

الانفتاح على أوكرانيا في الوثائق الإيرانية

د.خالد العزي

تحدث معارضون للجمهورية الإسلامية عن خطط السرية لسلطاتها فيما يتعلق بكييف، إذ نشرت منظمة “مجاهدي خلق”، وثائق يُزعم أنها تخص وزارة الخارجية الايرانية. وتشير الى أن طهران، كانت تفكر خلال الربيع الفائت في تحسين العلاقات مع أوكرانيا. وربما تم توقيت التسريب ليتزامن مع الجولة الجديدة الناشئة من الحرب الباردة بين البلدين وسمحت به السلطات الإيرانية، التي تريد بالتالي التذكير بأن إيران محايدة في الصراع الروسي ـــ الأوكراني، بغض النظر عن كييف وواشنطن. وبروكسل تفكر في هذا. أو ربما يكون وراءها معارضو التقارب المخطط بين إيران والغرب.

فمحاولة ايرانية  تجميل صورتها في محاولة للتهرب من دعم روسيا بأسلحة تستخدم ضد اوكرانيا، وبما أن ايران تحاول تصفير مشكلاتها والاستعداد للمفاوضات مع الولايات المتحدة ظهر المنشور على موقع “مجاهدي خلق”، التي تزعم أنه احدى وثائق الحلقة الدراسية السرية للسفراء التي عقدت في الشهر الرابع والخامس بعنوان “الأزمة في أوكرانيا وتداعياتها على العلاقات الخارجية لجمهورية إيران الإسلامية”، وقد تم الحصول عليها من مجموعة القرصنة التابعة للمنظمة.

منذ بداية الثمانينيات خاض “مجاهدو خلق” صراعا مسلحا ضدها، لكنهم أعلنوا منذ بداية العقد الأول من القرن الحالي أنهم ألقوا أسلحتهم، وبعد ذلك تم استبعادهم من قائمة المنظمات الإرهابية في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية. وتشك طهران في ذلك وتتهمهم بشكل دوري بالتورط في محاولات اغتيال وهجمات إرهابية معينة على الأراضي الإيرانية.

ما تم نشره هو  في جوهره، تعليمات للسفراء الإيرانيين بشأن الخط الذي يجب اتباعه فيما يتعلق بالصراع الأوكراني ـــ الروسي.  وأول ما يثير التعجب في المستندات هو الصياغة. اذ يشار إلى زاباروجيا ومنطقة خيرسون والدونباس وشبه جزيرة القرم هناك على أنها “الأراضي التي تحتلها روسيا”.

بشكل عام، لا توجد خصائص سلبية لروسيا وأفعالها في أوكرانيا بعد 24 \2\ 2022.  ويتم قبول اعمال روسيا من قبل طهران كأمر مسلم به. لكن السفراء مدعوون إلى “استكشاف إمكانية استخدام إمكانات التعاون الوثيق بين إيران وروسيا كأداة ضغط في المفاوضات مع الجانب الأوروبي”.

وتورد الوثيقة أنه “قد يكون من الضروري النظر في عدد من الموضوعات، بما في ذلك أوكرانيا وحقوق الإنسان والملف النووي، بطريقة متكاملة”.

ويتخوف واضعوها من احتمالية إقناع الغرب بأن إيران لا تزود روسيا بالأسلحة (نلاحظ أن موسكو وطهران ترفضان رسميًا هذه الاتهامات ). لذلك، طُلب من السفراء التركيز على حقيقة أن كييف تبالغ عمدًا في موضوع تزويد الطائرات بدون طيار إلى روسيا، وتضخيم أهميتها من أجل تلقي المزيد من المساعدة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ويُعرض على الأوروبيين والأمريكيين أنفسهم الاقتناع بأن العقوبات الإضافية بسبب التعاون مع الاتحاد الروسي لن تؤدي إلا إلى تقريب إيران وروسيا.

 وهناك تحذير مهم في الوثيقة: فهي ترحب “بأي مشاركة بناءة مع الجانب الأوكراني” لأنها “يمكن أن تقلل من التأثير السلبي للنزاع الأوكراني على علاقات إيران مع الاتحاد الأوروبي”. ويعترف واضعو الوثيقة بأن التفاعل لن ينجح، بل سيكون هناك خلاف كامل بين البلدين مع انقطاع أو انخفاض في مستوى العلاقات الدبلوماسية. في هذه الحالة، يُقترح التفكير في فتح سفارة إيرانية في مولدوفا المجاورة.

هذا لا يعني أن الأخبار حول محاولات طهران لتحسين العلاقات مع كييف غير متوقعة. وتم الإبلاغ عن بعض المفاوضات الإيرانية ـــ الأوكرانية السرية التي توسطت فيها عمان في وسائل الإعلام في الشهر الثاني  من هذا العام .

وفي لقاء مع نائب الأمين العام للأمم المتحدة مارتن غريفيث في طهران، قال وزير الخارجية إن بلاده لا تساعد أيًا من أطراف النزاع الروسي الأوكراني. وأضاف عبد اللهيان في ذلك الوقت: “تدعم الجمهورية الإسلامية وحدة أراضي وسيادة جميع البلدان ، بما في ذلك أوكرانيا”.

ويظهر النشر الغامض لـ مجاهدي خلق في سياق غريب ان علاقات إيران مع الغرب تتحسن بشكل واضح. وتصالحت طهران بالكامل مع المملكة العربية السعودية، الحليف الرئيسي لواشنطن في العالم العربي. وأن إدارة جو بايدن تجري محادثات غير رسمية مع إيران.

وتظهر العلاقات الإيرانية الأوكرانية اتجاهًا هبوطيًا واضحًا. بعد أيام قليلة من تعبير الحكومة الإسرائيلية عن قلقها بشأن التعاون العسكري التقني الروسي الإيراني، في وقت زارت فيه زوجة رئيس أوكرانيا إيلينا زيلينسكايا، إلى إسرائيل، بدعوة من زوجة الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ. وسيقوم كلاهما بزيارة مستشفى إسرائيلي حيث يعالج جنود الجيش الأوكراني. بالإضافة إلى ذلك، التقت إيلينا زيلينسكايا بعدد من المسؤولين الإسرائيليين.

 ومن المحتمل أن يكون لإيران قريبًا سبب آخر لعدم الرضا عن أوكرانيا. سيقدم مشروع قانون إلى البرلمان الأوكراني بشأن الاعتراف بالحرس الثوري كمنظمة إرهابية. وتصنف بنية الدولة الإيرانية على أنها إرهابية فقط في الولايات المتحدة وإسرائيل. 

Visited 1 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. خالد العزي

أستاذ جامعي وباحث لبناني